تنطلق الدورة الحادية والعشرون من مهرجان فاس للموسيقى العريقة في الثاني والعشرين من ماي المقبل وحتى الثلاثين منه، تحت شعار "فاس في مرآة إفريقيا". وذلك بمشاركة ثلة من الفنانين العرب أبرزهم التونسي "صابر الرباعي" والإماراتي "حسين الجسمي" فضلاً عن فنانين أجانب كالمالي "بالاكي سيسوكو". هذا ما تم الكشف عنه في ندوة صحفية نظمت مساء الجمعة بالدارالبيضاء. استهلت الندوة بمعزوفة أداها الفنان المغربي "فتاح نكادي" على آلة البيانو، تخللها إنشاد لأبيات من قصيدة "رثاء الأندلس" لأبي البقاء الرندي، في إشارة للارتباط الوجداني العميق بين مدينة فاس والأندلس، التي يشكل خَلَفُ النازحين منها جزءاً هاماً من ساكنة العاصمة العلمية للمملكة. قبل أن تنضم اليه المغنية "سناء مرحتي" بأنشودة "البراقية". تحدث بعد ذلك "عبد الرفيع زويتن" رئيس المهرجان عن البعد الفلسفي والإنساني للتظاهرة بالقول:"إن مهرجان فاس ومنذ أولى دوراته قد انتصر لقيم التسامح وحوار الأديان ورح الانفتاح، باعتبارها قيماً راسخة في ذهنية المغاربة"، وأضاف بكون المناخ الدولي الراهن واشتداد شوكة التطرف وما ينتج عنه من أعمال إرهابية، يستلزم مزيداً من العمل على نشر هذه القيم المغربية من خلال الموسيقى والشعر وكل ما يحرك المشاعر النبيلة ويصبو إلى تقاسم التجارب والمعارف، وذاك ما يهدف المهرجان إلى الإسهام فيه. مهرجان فاس الذي تأسس سنة 1994 عمل دوما على تنويع جنسيات الفنانين الذين يقترحهم على جمهوره وأجناسهم الموسيقية ، تماشيا مع فلسفته الرامية إلى تشجيع التقاء وحوار الثقافات، ويتجلى ذلك في دورة هذه السنة أيضاً، فبالإضافة إلى الفنانين العرب والأفارقة سيشارك في التظاهرة فنانون من الولاياتالمتحدةالأمريكية كفرقة الريتم آند بلوز الشهيرة "تيمتايشن" ومغني الفلامينكو الإسباني "دييغو آل ثيغالا" وغيرهم. العروض ستجري على 6 منصات (باب الماكنة، متحف البطحاء، ساحة بوجلود، حدائق جنان السبيل، دار عديل، دار التازي)، ويلاحظ أن معظمها عبارة عن منشآت تاريخية بنيت في فترة ما بين القرنين الثامن عشر والتاسع عشر. كما سيحتفي المهرجان هذا العام بالبعد الإفريقي لمدينة فاس, المستمد من تاريخها العريق والطويل مع الصحراء و"بلاد السودان"، تاريخ تميز بإشعاع حضاري وروحي، بحيث استفادت فاس من تموقعها كمنفذ أساسي لتجارة القوافل الصحراوية لنقل مخطوطاتها وفكرها، ناهيك عن أنماط اللباس والأكل والمعمار التي تمتد إلى ما وراء الصحراء الكبرى، كما تعد المدينة منارة للتصوف وقبلة لعدد من الطرق الصوفية الإفريقية. على هامش المهرجان الفني سينعقد منتدىً فكري بمشاركة مجموعة من الفلاسفة والمفكرين، كما سيتناول مواضيع آنية تخص القارة الافريقية وعلاقتها بالمغرب على امتداد خمسة أيام، المواضيع تنوعت بين ما هو تاريخي (الحسن بن محمد الوزان أو "ليون الإفريقي" – المسالك الروحية والطرق التجارية ) وثقافي ( التعدد اللغوي في افريقيا – افريقيا والمقدس ) وكذا السياسي (افريقيا والتحديات الكبرى). المنتدى ينسجم مع طبيعة المهرجان بحيث يمكن اعتبار الألوان الموسيقية الحاضرة ترجمة جمالية لمواضيعه. ويعتزم افتتاح المهرجان بعرض موسيقي شامل تحت عنوان "فاس تبحث عن افريقيا"، يروي هذا العرض في قالب مجازي يستفيد من أحدث التقنيات متعددة الوسائط، حياة "ليون الإفريقي" الديبلوماسي المغربي الذي تألق ودفن بفاس بعد أن جال افريقيا وألف كتابه الشهير "وصف افريقيا"، بالإضافة إلى "سيدي أحمد التجاني" مؤسس الطائفة التيجانية الحاضرة بقوة في غرب افريقيا منذ القرن التاسع عشر، الرجلان لا يمثلان سوى أمثلة قليلة تؤرخ للعلاقة التاريخية بين المغرب عموما وفاس تحديداً مع القارة الإفريقية.