أكد نبيل بنعبد الله وزير السكنى وسياسة المدينة، أمس، أن المغرب اعتمد منذ 2012، نهجا جديدا في تدبير الحواضر يتجلى في سياسة المدينة التي تعد انخراطا في دينامية تروم تطوير مدن اندماجية تدبر بشكل يستجيب لمفهوم الحكامة الجيدة، وتتحول فيها إدارة الخدمات المرفقية بشتى مجالاتها إلى استعمال التكنولوجيات الحديثة أو الإدارة الرقمية، بل وتتوفر على جميع الآليات التي تمكنها من مواجهة مختلف التحديات المرتبطة بإشكاليات الارتفاع المتزايد لساكنة الحواضر والتوسع العمراني الذي باتت تشهده هذه الأخيرة، وتتجاوز مختلف الصعوبات بما يجعلها تتحول إلى قاطرة في مقدورها تسريع حركية التنمية. وحرص نبيل بنعبد الله، خلال افتتاحه أشغال الدورة الثانية للمؤتمر الدولي للمدن الذكية بشمال إفريقيا، والذي ينظم بالرباط تحت الرعاية السامية لجلالة لملك محمد السادس، وبتعاون بين وزارة السكنى وسياسة المدينة وجمعية المدن الذكية بشمال إفريقيا، يومي الثلاثاء والأربعاء، (حرص) على التأكيد على أهمية تنظيم هذا المؤتمر بالمغرب في مرحلة تواصل فيها الحكومة تنفيذ سياسة المدينة الذي يعد ورشا استراتيجيا للمستقبل، والذي ينبني على نهج جديد في تدبير القضايا والإشكاليات المرتبطة بالمدن ومواجهة التحديات التي باتت تفرضها هذه الفضاءات. وأضاف بنعبد الله، في هذا الصدد، أن الأهمية تكمن أساسا في الاطلاع على نماذج رائدة في التدبير الرقمي لشؤون المدن وتحولها إلى أقطاب تنموية، قائلا «إننا في المغرب نريد الانتقال إلى مرحلة أكثر تقدما باعتماد مقاربة تمكن من تحقيق التنمية داخل المدن بشكل شمولي، وتحقيق التقائية بين السياسات العمومية بما يؤدي إلى جعل المدن فضاء حضريا حقيقيا، اندماجيا، عادلا ومتوازنا، يعتمد نماذج جيدة للحكامة الرقمية والتقنيات الحديثة، بما يساهم في الدفع بمسلسل التنمية وخلق الثروة لتطويرها وجعلها أقطابا حضرية وأيضا لتحسين التوزيع والانسجام العمراني وتحسين الاستفادة من الخدمات لفائدة الساكنة». ونبه وزير السكنى وسياسة المدينة إلى الوضع الذي توجد فيه المدن اليوم حيث باتت الحواضر مجالات محاصرة نتيجة الضغط الناتج عن الارتفاع المتزايد للسكان، وتوافد ساكنة جديدة إليها، قائلا «إننا نتيجة ذاك نواجه تحديات تنموية قوية، وهذا ما يدفعنا إلى التأكيد على تسريع العمل بشكل كبير لرفع التحدي وتحويل الحواضر إلى مجالات تتوفر على البنيات التحتية الملائمة وتوفر الخدمات الضرورية، هذا مع تحسين وتيسير الولوج لها، وكذا تحسين المشهد الحضري العام لهذه الحواضر، وتوفير سكن لائق، هذا مع الحرص على نهج طرق فعالة في مجال الحكامة بشكل يرفع من تنافسيتها وجاذبيتها حتى تلعب دور القاطرة بالنسبة لاقتصاد البلد الوطني». وأشار إلى أن المغرب يعد سباقا في العديد من المجالات المرتبطة بتدبير إشكاليات المدن، خاصة ما يتعلق بمجال مكافحة السكن غير اللائق حيث طور بشكل رائد مجموعة من المقاربات والخبرات، كانت نتيجتها تقليص العجز المسجل في مجال السكن من مليون وحدة إلى نحو 500 ألف. وأضاف الوزير، بهذا الخصوص، أن المغرب قام مجهود كبير عبر الآليات التي تتوفر عليها الدولة مثل مؤسسة العمران.. وبإمكانياته الخاصة، حيث تم سنويا تشييد 170 ألف سكن إضافي، كما تم بناء 500 ألف سكن اجتماعي منذ 2010 إلى يومنا هذا، حيث تم تسليم ما بين 300 و320 ألف منها، فيما سيتم تسليم 200 ألف سكن السنة القادمة.» واعتبر الوزير أن نماذج تحول المدن إلى مدن ذكية تتعدد وعلى المغرب أن يطور نموذجا يستلهم من التجارب المقارنة الناجحة بما يتماشى مع الواقع المغربي، معتبرا أن العمل الحثيث لتسريع التحول الذكي للمدن المغربية ومواجهة تحديات الحداثة والتنافسية وتعزيز حضور المغرب ضمن البلدان الصاعدة كلفته غير باهظة، داعيا في هذا الصدد إلى جعل أشغال المؤتمر فضاء لتبادل الخبرات والاستفادة من التجارب المقارنة، خاصة بالنسبة للنخبة المنتخبة حديثا لإدارة الجهات والجماعات المحلية، والتي يراهن عليها لتسريع انخراط الحواضر في مشاريع التحول الذكي والتدبير الرقمي لشؤون المدن والساكنة. ومن جانبها أكدت الكندية ماري أندري، رئيسة اللجنة العلمية للمؤتمر، على أن المغرب اختار النهج الصحيح باعتماد مقاربات جديدة في مجال تدبير المدن ممثلة في تبني اعتماد سياسة المدينة، منبهة إلى تزامن تنظيم هذه الدورة لمؤتمر المدن الذكية مع القمة العالمية المقرر تنظيمها بباريس حول الانحباس الحراري، حيث شددت على التحدي الكبير الذي باتت تواجهه المدن ممثلا في التغيرات المناخية. واعتبرت ماري أندري أن المدن بالبلدان النامية هي في حاجة أكثر إلى الحفاظ على البنيات التحتية عبر تدبيرها بطرق حديثة سواء تعلق الأمر بالطرق أو الكهرباء أو النقل العمومي أو معالجة المياه العادمة.... على خلاف البلدان المتقدمة التي تواجه تحديات مختلفة ترتبط باعتماد طرق تدبيرية حديثة تمكن في الحد من انبعاث الغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري.