لا يزال حضور المرأة المغربية في الساحة الفكرية والأدبية يكتسي طابعا محتشما بالرغم من الطفرة التي تحققت لها على مستوى الحقوق والمكتسبات الاجتماعية والثقافية. كان من المفروض أن يجتاز الصوت النسائي أشواطا بعيدة في الإنتاج الفكري والأدبي ويفرض حضوره، ليس فقط وطنيا، بل على الصعيد الكوني. صحيح هناك نساء مغربيات استطعن بفضل جرأتهن ومواهبهن وموسوعية ثقافتهن أن يوصلن أصواتهن إلى أبعد مدى ويحظى إنتاجهن بترحيب وتقدير كبيرين، إلا أنهن يشكلن نسبة ضئيلة، أستحضر بهذا الخصوص العالمة الاجتماعية الراحلة فاطمة المرنيسي التي تبوأت مكانة رفيعة بين نساء العالم المثقفات. وبهذا الصدد لا بد من التذكير بضرورة طبع أعمالها الكاملة، إسوة بنخبة من المثقفين والمبدعين الذين استفادوا من مثل هذا المشروع، خاصة من طرف الوزارة الوصية على قطاع الثقافة ببلادنا. إشكالية الحضور النسوي في الساحة الأدبية والفكرية كانت قد طرحت بحدة في بداية الاستقلال، خصوصا بعد استفادة المرأة من التحصيل العلمي على قدم المساواة مع الرجل. أذكر كيف أن الصفحات الثقافية كانت تخلو تماما من الأقلام النسائية إلى حدود وقت قريب نسبيا، سواء في مجال الإبداع أو الفكر، وكان هناك من ينبه إلى هذا النقص ويدعو المرأة إلى الخروج من قوقعتها والانخراط في الكتابة الإبداعية والفكرية. ومن يعود إلى أرشيف الصحافة الثقافية الوطنية خلال سنوات السبعينات من القرن العشرين، سيجد أن نقاشا من هذا القبيل كانا مفتوحا ومطروحا بحدة وكان في بعض الأحيان يكتسي طابعا جداليا بمجموعة من الصحف التي كانت معدودة آنذاك، قبل أن يتم إغراق السوق بعناوين شتى، إلى حد اختلاط الحابل بالنابل. كان يجب إثارة هذا الموضوع من جديد، خصوصا في سياق احتفال بلادنا باليوم الوطني للمرأة الذي يصادف العاشر من أكتوبر، ولفت الانتباه إلى وضع مختل؛ إذ كيف يعقل أنه بالرغم من مرور عقود على تحرر المرأة، وبالرغم من امتلاكها الحق في التعلم والمعرفة والانفتاح على الآخر والذهاب نحو المناصفة مع الرجل في الحقوق والواجبات، بالرغم من كل ذلك، ما زلنا نلاحظ خفوت الصوت النسوي في ما يخص التعبير إبداعيا وفكريا. الأدهى من ذلك أنه ما لبثنا نلحظ انسحاب أسماء مكرسة من ساحة النشر أكثر فأكثر، ليس بسبب الموت؛ فهذا شيء طبيعي، ما منو هروب، بتعبيرنا الدارج البليغ، ولكن بسبب ظروف لا يتم في الغالب الإفصاح عنها، بل منهن من يختفين دون أن يتركن أثرا. كنا نتوقع أن تبادر رابطة كاتبات المغرب ونحن في اليوم الوطني للمرأة، إلى تسطير برنامج ثقافي للاحتفال بهذا اليوم، لكن الظاهر أن انشغال رئيسة الرابطة بحملتها الانتخابية لم يدع لها فرصة للتفكير في هذا الشأن. هناك من سيقول إن الكتابة النسائية حاضرة بوفرة، مستدلا بصفحات التواصل الاجتماعي، حيث لها أشعار وقصص وأفكار وحكم تظهر بين الفينة والأخرى، هذا صحيح، لكن الساحة الأدبية والفكرية بحاجة إلى أقلام نسائية حقيقية موهوبة وجديرة بالاهتمام. هذا البريد الالكتروني محمى من المتطفلين , يجب عليك تفعيل الجافا سكر يبت لرؤيته