كل من كان يعرفه كان يشهد له بمكانته العلمية، ويشهد له بتفانيه في عمله وتقديره لمسؤوليته، كان الكل يهتف باسمه ويتمنى الاستقامة مثله، كان يحظى بتقدير الجميع ولا أحد يجادل في سلوكه.. هو الرئيس .. بل هو المرجع لأهله ولغيره ولا شيء قبله أو بعده.. تمنى الكل لو كان هو ولا شيء غيره. يحكى أن أباه كان فقيرا وكان يعمل عند غيره، وشاءت له الصدف أن يصل أعلى المراتب، واليوم بعد أن درس وبعد أن وصل زمام الأمور اقترحت عليه حاشيته أخذ زمام أمور التسيير، ولما لا وهو غير ما مرة أظهر اجتهاده في التسيير وحب المسؤولية مبرزا أنه منصفا للفقراء والضعفاء، مؤكدا أن أصله يدعوه إلى القيام بدور المسؤولية والديمقراطية. ذات مساء، يحكي أحد مقربيه أنه كان في حاجة إليه قصد مساعدة اجتماعية، قال في قرارة نفسه: لما لا أقصد سيدي وهو أهل لذلك..دق بابه المرة الأولى والثانية.. والثالثة.. وبعد أن خرج رئيسه أجابه أنا لا أعرفك ولا أريد أن أعرفك، ومن اليوم فصاعدا لا داعي للوقوف أمام بابي وإلا سأعلمك معنى طرق الباب على ظهرك.. نسي صاحبنا الفقراء والضعفاء.. بل نسي حتى أصدقاءه.. وأصبح يبحث عن طينة أخرى من الأميين والعنصريين والقبليين ومحبي الولائم، أهل الزور ذوي دبلومات النفاق.. أحب صاحبنا المال وأسس للطمع، اشترى صاحبنا فئة من العبيد، عبيد خدام وعبيد مهمتهم كسر فم كل من تفوه بكلمة حق أو شهادة حق.. تجبر صاحبنا وطغى وتغير كل شيء فيه.. ظلم صاحبنا نفسه، وظلم من هم في حاجة إلى خدماته.. فأصبح لا يبحث إلا عن مستقبله وطرق جيبه.. هكذا هو طباع صاحبنا، وهكذا هي طريقة الدفاع على مواطنيه.. البوسعيدي.