يقول عباس فوراق الباحث في التاريخ والثقافة الشعبية أن الحسن الثاني كان يحب مجالسة الفقهاء وعلماء الدين بإحيائه ليالي الأذكار وقراءة القرآن داخل قصوره، وأن جلسات صرع الجن داخل القصر الملكي في أكادير كانت تتم عبر الرقية الشرعية ومنها قراءة القرآن، وصرح أن هاته الظواهر الغيبية يصعب على العقل البشري استيعابها، وأن أسباب الترويج للقلاع والقصور بأنها مملكة الجن كانت تتم لأسباب أمنية ودعائية لوقاية وحماية الملك. ماعلاقة الحسن الثاني بفقهاء سوس؟ وما حقيقة قصره “المسكون” في أكادير؟ المعروف عن الملك الراحل أنه كان يحب مجالسة الفقهاء والعلماء وطلبة العلم وأنه كان يحيي ليالي الأذكار وقراءة القرآن داخل قصوره وإقاماته، وما يمكن قوله في هذا الباب أنه كانت تجمعه علاقة وطيدة بعلماء أهل سوس وكانوا يحلون ضيوفا عليه كلما زار مدينة أكادير، على قلة زياراته للمدينة بسبب ما كان يقال حينها من أن قصره بأكادير “مسكون” أو “مملوك”، والكل كان يعلم بالحكاية، وقد حدثني بعض ممن حضروا إحدى جلسات “صرع” الجن داخل القصر عبر الرقية الشرعية، أي قراءة القرآن، عن أنهم كانوا يرون “الزرابي” وهي تطير من مكانها وكذلك الشأن بالنسبة “لصواني الشاي” وكؤوس البلار التي كانت تقفز من الأماكن المخصصة لها لتسقط أرضا، وكان الملك الراحل يتابع هاته المشاهد بعيون مشدوهة، ربما تلك المشاهد التي رآها الملك الراحل بأم عينيه هي السبب في هجرانه القصر بعد ذلك، إذ لم يكن يزوره إلا نادرا وبحضور فقهاء سوس المعروفين، وعلى رأسهم سي الحبيب والحاج الطيب والعلامة السوسي مولاي الكرسيفي.... وكلهم كان الحسن الثاني يقدرهم ويحترمهم ويدعوهم إلى مجالسه الخاصة في القصر التي كانت تركز على تخليص قصره من “القوى الغيبية” حتى لا نقول “الجن” الذي كان “يسكنه” ويقال إنهم قاموا بالمهمة على أحسن وجه، والدليل هو أن الملك الحالي محمد السادس أصبح، على عكس والده، يفضل أن يقضي خلوته وراحته في قصر أكادير دون مشاكل ودون الاضطرار إلى الاستعانة بالفقهاء و“الطلبة” لقراءة القرآن قبل حلوله.
ما تفسيرك لتلك الظواهر الغيبية التي كانت تقع داخل القصر، وقيل حينها إنها للجن؟ صراحة هناك العديد من الظواهر الغيبية التي يصعب على العقل البشري استيعابها، وهنا يمكن إدراج قصر أكادير وما نسج عنه من حكايات لا يستطيع العقل ولا المنطق أن يصدقها لكننا كمؤمنين نعلم أن الجن موجود، لكن من الصعب الجزم بأنه يسكن الأبدان والقصور والقلاع، وبالنسبة لي، أعتقد أن جميع القصور والمباني التي لها هالة وصيت ما يتم الترويج بشأنها للعديد من الأمور، مثل حكاية أن الجن يسكنها لحمايتها بالدرجة الأولى، فجميع البنايات الكبيرة بما فيها البنايات “المخزنية” قد يروج وسط الناس أنها “مملكة للجن” لكي لا يقترب منها أحد، بل لكي يهابها الجميع لأن “الجن” يعني بالضرورة “الشر”، وأظن أن الترويج إلى أن قصر أكادير “مملوك” جعل العديد من المواطنين يتجنبون مجرد المرور بجنباته فبالأحرى التفكير في اقتحامه، وقد يكون هذا “تكتيك” تم تسريبه من طرف المسؤولين عن أمن القصر للزيادة في حماية الملك الذي كان يزوره دون إثارة الانتباه، ويمكن اعتبار هذا نوعا من الحماية عن بعد، فالموروث الأسطوري مليء بحكايات من هذا القبيل، وهذا لا يعني أنني لا أصدق تلك الحكايات التي رويت عما يقع داخل قصر أكادير، بالعكس، فقد تحتمل تلك الحكايات الصواب، خصوصا وأنها نقلت عن أناس مشهود لهم بالصدق وقول الحقيقة، ومنهم أناس أعرفهم حق المعرفة. يتبع