في خرجة مثيرة ونادرة من نوعها لخليفة عبد السلام ياسين على رأس جماعة العدل والإحسان، كشف محمد عبادي، الأمين العام للجماعة، قصة لم يسبق الكشف عنها، لما قال إنها محاولة من الملك الراحل الحسن الثاني لاستصدار فتوى من العلماء تجيز له فتل ياسين. عبادي وفي سياق حديثه، فجر الثلاثاء الماضي، أمام ما يسمّى «الرباط العشري» الذي يضمّ كبار مسؤولي الجماعة وممثلي أعلى هيئاتها القيادية؛ ودعوته إياهم إلى عدم الانجرار إلى العنف بما فيه العنف الكلامي مع الخصوم، قدّم أسلوب عبد السلام ياسين نموذجا يجب الاقتداء به، حيث قال: «تذكروا كيف كان سيدي عبد السلام ياسين، رحمه الله ورضي عنه، يتعامل مع الخلق، والحسن الثاني الذي هو من تكرفص عليه وجمع العلماء باش يصدروا فتوى باش يقتلوه، ورغم ذلك في جنازته كان سيدي عبد السلام يرفع كفيه ويدعو له وقرأ عليه سورة ياسين.. تخاصم معه نعم لكن في علاقته مع سيدي ربي راه حتى هو مسلم…». مصدر قيادي في الجماعة، طلب عدم ذكر اسمه، قال إن الأمر يتعلّق بفترة منتصف السبعينات، حين وجّه الراحل عبد السلام ياسين رسالة «الإسلام أو الطوفان» الشهيرة إلى الحسن الثاني. وفيما لم يسبق لأي مصدر أو قيادي في الجماعة أن تحدّث عن هذه الفتوى، قال المصدر نفسه إن الأمر يتعلّق بالمشاورات المغلقة التي قام بها الراحل الحسن الثاني لتحديد الطريقة التي ينبغي التعامل بها مع عبد السلام ياسين. «كان السؤال الذي طرحه الحسن الثاني على بعض علمائه ومستشاريه هو: كيف سنتعامل مع صاحب هذه الرسالة، هل باعتباره فقيها عصى أمير المؤمنين وخرج عن الإجماع، أم كمعارض سياسي؟». وأوضح المصدر نفسه أن النتيجة التي انتهى إليها الحسن الثاني بعد تلك المشاورات مع مستشاريه وعلمائه كانت: «ألا نسلك هذه الطريق ولا تلك، بل نعتبره ‘‘مسطّي'' ونودعه مستشفى للأمراض العقلية ثم مستشفى للأمراض الصدرية، كي يعتبر مجرّد مختلّ عقليا ويصاب بمرض خطير ينهي وجوده». وعمّا يقصده عبادي بقوله إن الراحل عبد السلام ياسين قرأ سورة ياسين ترحّما على الحسن الثاني في جنازته، قال مصدر «أخبار اليوم» إن بعض قياديي الجماعة حين دخلوا على ياسين في فترة ما بعد وفاة الحسن الثاني، «وجدوه يقرأ سورة ياسين مع القارئين الذين كانت التلفزة تبثّ قراءتهم تزامنا مع جنازة الحسن الثاني». عبادي قال، في كلمة الثلاثاء الماضي، إن جماعة العدل والإحسان تريد أن تكون جماعة رحمة، «خاصنا نكونو دعاة ديال الرحمة، بينما الثقافة السائدة اليوم في البشرية في العلاقة بين الأمم والشعوب والاتجاهات يسودها الصراع.. صراع فعلي بالقتل وصراع بالكلام والعنف، ورسالة الأنبياء جاءت لإنقاذ البشرية من هذا الصراع على الدنيا والتنافس حولها ليصبحوا إخوة في الله…». وأوضح عبادي أمام قياديي جماعته أن «الأمة محتاجة إلى نشر فكر مغاير للعنف، وانظروا أين وصل الحال بإخوتنا في المشرق، وهادشي غادي ويمكن يوصل لينا، وانظروا ما ينشر في الفيسبوك والمواقع وردود الناس، كيف أنك نادرا ما تجد شخصا يناقش بموضوعية ونزاهة ومنطق ويناقش الفكر لا الشخص». الأمين العام لجماعة العدل والإحسان حذّر مما اعتبره مدّا للمنطق الصراعي والعنف، «إذا استمرّ فين غادي يوصل؟ غادي ينتقل من العنف اللفظي إلى العنف الفعلي، ومن الآن خاصنا نديرولو حد، يا عباد الله تعالوا إلى كلمة سواء، تعالوا لنتراحم ونتحاب ونتعاون في ما بيننا، فهناك ما هو مشترك بيننا جميعا، ولنصبر نحن على أذى وانتقادات الناس، ولنتلقّ الضربات واللكمات في سبيل الله لأن أصل الدعوة جاء لتحرير الإنسان، ويضع عنهم إصرهم، أي الثقل والأغلال التي كانت عليهم». شيخ الجماعة بعد رحيل مؤسسها عبد السلام ياسين، قال إن هذه الأخيرة ترفع شعار رفض العنف بجميع أنواعه، «والعنف يكون باليد واللسان، ولكن أيضا بالنظرة وقسمات الوجه، هي أيضا تعنّف وتكسر الإنسان، وعلينا أن ننتهي من العنف، وبما أن زبدة الجماعة حاضرة معنا الآن، بلّغوا هذا الأمر للشباب ومن معكم، فأحيانا يستفزهم ما يقال عنهم وما ينشر ضد الجماعة، فيقومون برد الفعل ويردون الصاع صاعين ولا يبالون، بينما نحن نحمل شعار العدل والإحسان، وإذا لم نتعامل مع الناس بالإحسان فلنكتفِ بالقول إننا جماعة العدل ولنشطب على الإحسان، إما أن نطبّقه أو نشطب عليه، لا ينبغي أن نرفع هذا الشعار زورا، يجب أن نرفعه سلوكا ومواقف وعملا».