غريب أمر السيد الهاشمي الإدريسي مول لاماب، فكل مرة يخرج فيها هذا الرجل للعلن، يذكرنا بكبار وأشهر ديكتاتوريي العالم، حفظ الله بلدنا منهم ومن أمثالهم. آخر خرجات "أفقير الصغير"، كما سماه عبد الله البقالي، رئيس النقابة الوطنية للصحافة المغربية، كانت أمس الأحد بمناسبة توقيع ديوان شعره الموسوم ب"الإيمان لا يستدعى إلا أيام العيد"، في إطار فعاليات المعرض الدولي للكتاب الذي نظم مابين 09 و19 فبراير الجاري.
ليس لدينا أي اعتراض بخصوص ميولات الهاشمي مول لاماب "الشعرية"، رغم أن فن الرسم بالكلمات لا يستقيم والعقلية التحكمية والديكتاتورية لهذه الشخصية، إلا أن ما أثار انتباهنا، هو تسخير وكالة المغرب العربي للأنباء، التي يتربع على إدارتها الهاشمي، لتغطية حفل توقيع ديوانه الشعري والحديث عن مضامينه وانجازاته العظيمة، رغم أن معرض الدارالبيضاء شهد أمس الأحد توقيع العديد من الكتّاب والمبدعين والباحثين لإنتاجاتهم، ولم تنبس وكالة الهاشمي ببنت شفة حول ابحاثهم ..
وهنا بيت القصيد، إذ أن ما قام به الهاشمي مول لاماب، يعتبر استغلالا للنفوذ وتسخيرا لإمكانيات مؤسسة عمومية، كان حريا بها أن تتعامل مع كافة المبدعين والباحثين على قدم المساواة، مادام الأمر يتعلق بمؤسسة رسمية تقدم خدمات عمومية لأنها بكل بساطة، وفي جزء كبير من ميزانيتها، تمول من أموال دافعي الضرائب، وليس من المال الخاص للهاشمي مول لاماب..
الغريب في الأمر، وهذا ما يكشف عن سوء نية واستغفال للقراء، هو أن من تكلف بتحرير قصاصة "لاماب"، حول حفل توقيع ديوان الهاشمي الشعري، عمد إلى إخفاء صفة هذا الأخير بوصفه مديرا لوكالة المغرب العربي للأنباء التي تغطي الحدث، واكتفى بتقديمه كصحافي وكاتب في محاولة للتمويه وجعل القارئ يقتنع أن الأمر يتعلق بحدث أدبي وثقافي كباقي الأنشطة المدرجة في إطار برنامج المعرض الدولي للكتاب والنشر، الخاص بتوقيعات الكتب والانتاجات الأدبية والفكرية.
إلا أن الأمر ينكشف أكثر عندما يختتم كاتب القصاصة ما كتبه حول حفل توقيع الهاشمي مول لاماب، بسرد إصداراته الشعرية السابقة مع ذكر لبعض المسؤوليات دون أن ينسى الوسام الذي حصل عليه، غافلا بمكر المنصب الذي يشغله حاليا، ألا وهو مدير عام وكالة المغرب العربي للانباء، وهي ذات المؤسسة التي جاءت لتغطية حفل توقيع ديوانه، دون أن تتكبد عناء الالتفات لمجموعة من الباحثين والمبدعين الذي وقعوا أمس إنتاجاتهم في نفس اليوم وذات المكان، الذي كان الهاشمي مول لاماب يوقع خربشاته، التي لن تقنع أحدا بأن رجلا يصفه الصحافيون ب"الغول" و"الديكتاتور"، أو "أوفقير الصغير"، يمكن أن يبدع شعرا أو ما شابه ذلك..
لقد فات الهاشمي مول لاماب، بأن كل من كثب الشعر أو القصة والرواية من كبار الديكتاتوريين، لم يذكرهم التاريخ إلا بصفته التحكمية والديكتاتورية ولم يعر النقاد والباحثون اي اهتمام لما خطوه أو خُطّ لهم تحت الطلب، وكلنا يتذكر معمر القذافي، أكثر الحكام العرب إنتاجا أدبيا، وصاحب "عشبة الخلعة والشجرة الملعونة"، و"ملعونة عائلة يعقوب، مباركة أيتها القافلة"، ثم "القرية..القرية، الأرض..الأرض، وانتحار رائد الفضاء"، وصدام حسين، الذي زاحم بدوره الأدباء بإصداره أربع روايات وهي: "اخرج منها ياملعون" و"القلعة الحصينة" و"رجال ومدينة" و"زبيبة والملك"، دون أن ننسى جوزيف ستالين، الذي كتب الشعر منذ كان عمره 16، ونشر قصائد رومانسية جُمعت ضمن أنطولوجيا للشعر الجورجي، قبل أن يرتكب جرائم بشعة في حق شعراء زمانه.. بالاضافة إلى هتلر الذي كانت علاقته بالمثقفين غاية في السوء، وكان يسميهم ب"المتطاولين على الثقافة"، حيث انقلب إلى كاره للفن التشكيلي، بعدما فشل في أن يكون رساما مشهورا، فصار يقول إن الفن التشكيلي "مؤامرة يهودية على الثقافة الآرية"، وقد صب جام غضبه على عدد من التشكيليين المجددين، فأحرق لوحاتهم وقتل بعضهم..