تجري الاستعدادات بمدينتي " بيوكرى " و " أكادير " ، من لدن قدماء تلاميذ معهد محمد الخامس للتعليم الأصيل بتارودانت ، لإقامة حفل تكريم محمد القاف "الأستاذ بالمعهد ( سابقا ) ، ومنسق لجان تأليف الكتاب المدرسي للتعليم الأصيل ، فضلا عن ريادته كمؤلف في البلاغة . وفي هذا الإطار ، سيتم تنظيم أمسية بمدينة بيوكرى مساء يوم السبت القادم (26 أبريل 2014 )، قبل أن تقام فعاليات التكريم الرسمي للأستاذ " محمد القاف " ، المحال على التقاعد منذ 31 دجنبر 2007 ، بفضاء " فولي بربر" أغروض بنسركاو بمدينة أكادير وذلك بداية من الساعة الحادية عشر صباحا من يوم الأحد 27 أبريل الجاري . وننشر هنا ما قاله أحد تلامذة الأستاذ " محمد بن محمد القاف " ، في حقه بمناسبة انتهاء مشواره الوظيفي داخل المؤسسة العلمية ذاتها بتارودانت ، اعترافا صادقا منه بتضحيات وجهود أستاذ جليل كرس قسطا غير يسير من حياته لتربية و تكوين الأجيال، فوهب حياته للعلم والمعرفة، حتى نقش اسمه بقوة في سجل هذه المؤسسة العلمية الرائدة. كلمة الأستاذ عبد الحميد زاهيد (أستاذ البلاغة والصوتيات - كلية الآداب والعلوم الإنسانية مراكش ): " ليس من اليسير أن ينشئ المرء عبارات وجملا، فيظن أنه قد ألم بأفضال هذا الرجل العالم، أو يتوهم بأنه قد أوفاه حقه من الإجلال والتقدير. وكيف يستطيع منشئ الكلام أن يهتدي إلى ذلك، وهو يتحدث عن رجل عالم من عيار الأستاذ الجليل محمد القاف، أستاذ مادة البلاغة، العلم الجليل القدر. فازداد شرف الرجل بتخصصه، وبمؤسسة تدريسه : مؤسسة المعهد الإسلامي بالجهة الرودانية، قاعدة بلاد السوس، كما يذكر ذلك المؤرخون. ولقد كانت هذه المؤسسة على الدوام مركز إشعاع علمي متميز، ساهم في تكوين نخبة من العلماء، واحتضن أسماء من شيوخ العلم، عملت بثبات على صرف المعرفة في المعقول والمنقول للوافدين على المعهد. لقد وجدت أنموذجية الأستاذ محمد القاف متعددة الوجوه والأبعاد؛ فإن أنت تحدثت عن العلم ورجاله، وجدت اسمه في طليعة من كرسوا حياتهم للعلم وتكوين الأجيال. وإن تحدثت عن الصبر والأناة وحسن الخلق، وجدته قد حاز أعلى الدرجات في الباب. وإن عرضت لشيم وأخلاق أهل العلم، ألفيته قد حاز فيها على القدح المعلى. ثم إن الأستاذ محمد القاف نموذجي من حيث الجمع بين العمل العلمي ( المعرفة) والنشاط اليومي الفلاحي، مقتديا بسيرة السلف الصالح من كبار علماء الأمة، الذين كان غير واحد منهم، يمتهن الحرف اليدوية ، أو الأنشطة التجارية. ولنا في سيرتهم إسوة حسنة. لقد تعرفت على الأستاذ الجليل محمد القاف في ثمانينيات القرن الماضي، حينما كنت طالبا بمؤسسة المعهد الإسلامي. ولقد كانت سنوات إشرافه على تكويننا فاتحة مرحلة جديدة من التحصيل والتكوين، ستمهد لنا السبيل في شق طريق المعرفة والعلم، هديا بما حصلناه منه من مباحث ومطالب العلوم. ومن خلال دروسه ، تعرفنا مبكرا على مصادر التراث البلاغي، وأعلام هذا العلم، من أمثال أبي عمرو الجاحظ ( ت255ه) في البيان والتبيين، وعبدا لقاهر الجرحاني ( ت471ه) في ( الدلائل) و( الأسرار)، و أبي يعقوب السكاكي ( ت626ه) في ( مفتاح العلوم)، و الخطيب القزويني ( ت739ه) في (تلخيص المفتاح)، وغيرهم كثير. ولقد وجدت اليوم بعد مضي سنوات ليست قليلة، أن ما كان يقدمه الأستاذ محمد القاف من معارف تتصل بهذا العلم يوازي ، بل يفوق ما يقدم اليوم للطالب المتخصص بالجامعة في هذا العلم".