نعم .. صدق أو لا تصدق .. "التضامن مع غزة يهدد الأمن العام بالحسيمة"!!!.. لقد أبت السلطات المحلية بالحسيمة، إلا أن تعاكس التوجهات الرسمية والشعبية ، وتقرر منع وقفة تضامنية مع الشعب الفلسطيني المجاهد من أجل الحرية، والمقاوم نيابة عن عموم الأمة الجريحة. لقد تقدم شباب حزب العدالة والتنمية بإقليم الحسيمة (الكتابة الإقليمية للشبيبة) بإشعار قانوني لتنظيم وقفة تضامنية مع الشعب الفلسطيني ( والوقفات على العموم لا تحتاج إلى ترخيص وإنما فقط لتصريح ) ، إلا أن عقليات "لم ندفن الماضي" لازالت معشعشة، على ما يبدو، في أكثر من موقع في بنية الدولة.. عقليات تعمل خارج التاريخ والواقع والإحساس، وترى في التضامن مع الشعب الفلسطيني ، وفي وقفة رمزية تهديداً للأمن العام بالمدينة .. فعلا لقد ارتكبت باشوية الحسيمة (أو من أملى عليها القرار) خطأ إداريا جسيما يستوجب المساءلة والتوضيح ، إذ كيف لوقفة يفترض أن ترفع فيها شعارات الدعم والنصرة وصور الشهداء والثكالى، وينظمها إطار شبابي حزبي، قانوني ومسؤول، أن تهدد أمننا العام أو الأمن العام للمدينة؟؟.. (لا أريد أن أدخل هنا في تفاصيل استمرار تعامل بعض مسؤولي السلطة المحلية بالحسيمة في الكيل بمكيالين في تعاملهم مع الأحزاب السياسية وتعاملهم التفضيلي للحزب المعلوم.. فلكل مقام مقال.) وعود على بدء، لقد وقع السيد باشا مدينة الحسيمة، منعه لوقفة تضامنية مع الشعب الفلسطيني يوم 25 يوليوز 2014، في يوم سال فيه ما سال من الدم الفلسطيني البريئ، ووشم ممثل وزارة الداخلية بالمدينة قرار المنع التعسفي بموضوع "منع تنظيم تظاهرة تضامنية"، ولأكون أمينا في نقل الواقعة التي تحتاج منا لوقفة إنسانية وقانونية وحقوقية وسياسية، أورد مضمون قرار السلطة المتسم ولاشك بالشطط في استعمال السلطة، تقول المراسلة التي توصلت بها الكتابة الإقليمية للشبيبة " ... فتبعا للإشعار الصادر عن الكتابة الإقليمية لشبيبة العدالة والتنمية الذي توصلت به مصالح هذه السلطة بعد زوال يومه الجمعة 25 يوليوز 2014، بشأن تنظيم وقفة تضامنية مع الشعب الفلسطيني يوم الأحد 27 يوليوز 2014، ابتداءً من الساعة العاشرة ليلا بساحة الباشوية القديمة. يشرفني توجيه عنايتكم أن توقيت تنظيم هذه الوقفة غير مناسب ومن شأنه أن يهدد الأمن العمومي بالمدينة، وتأسيسا على ما سبق فإن السلطة المحلية تمنع تنظيم هذه الوقفة".. فعلا لا أجد الكلمات المناسبة للتعليق على مثل هكذا قرار ، لذا أتساءل: ألا يستحق منع هذه الوقفة لوقفة .. خاصة في ظل الدعم الرسمي الذي عبر عنه المغرب ملكا وحكومة وشعبا مع ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من إبادة جماعية على أيدي عصابات الكيان الصهيوني.. ألا يحق لنا أن نتساءل ونشك ونرتاب من خلفيات المنع بعيدا عن منطق "كل ما من شأنه".. أليس في منع مبادرات المجتمع المدني والتضييق على العمل السياسي انتكاسة في زمن الإصلاح تستوجب التقويم والإصلاح، خاصة في القضايا التي تحظى بالإجماع الوطني.. ألا تستوجب مثل هذه الممارسات تدخلا استعجاليا ومساءلة آنية لفرملة توجهات التسلط والشطط في استعمال السلطة داخل الإدارة المغربية.. أليس من الضروري تحديد المسؤوليات حول القرار ومصدره وآليات التنفيذ، بل وعلى أي أساس اتخذ هذا الأخير في الأصل وماهي مبرراته الحقيقية.. أليس ذات التوقيت الذي منعت فيه الوقفة التضامنية، تنظم فيه "مهرجانات السهول والهضاب" التي تستنزف المال العام وتميع الأخلاق والقيم وأسس الذوق السليم، بل إن هذه المهرجانات تستمر إلى ما بعد منتصف الليل دون أن ترى السلطات المحترمة في ذلك تهديدا للأمن العام ولا إزعاجا للمواطنين.. ألم يانِ للمسؤولين أن يعايشوا نبض الأمة وآلامها ويستوعبوا تطورات ومستجدات القضية الفلسطينية، كقضية مركزية، تبناها الشعب المغربي منذ بداياتها الأولى نصرة للحق والعدل واستنكارا للظلم والجور والاستعمار والاستيطان اللعين.. أوامر من ينفذ هؤلاء .. ما عدت أفهم. كيف يتخذون قراراتهم .. ما عدت أفهم. لكني أفهم جيدا أن التضامن مع فلسطين ودعم غزة واجب مقدس ورسالة خالدة ورثناها عن الأجداد، إذ لا يجب أن ننسى أن أمير المجاهدين بالريف المغربي، سيدي محمد بن عبد الكريم الخطابي قد سبق له أن أرسل كتيبة جهادية لدعم المقاومة في فلسطين إثر التقسيم الظالم لسنة 1948 ، وبأنه رحمة الله عليه وإلى آخر أيامه ظل متشبثا بموقفه الداعم للأقصى وفلسطين ولعموم الحركات التحررية والشعوب المستضعفة في مشارق الأرض ومغاربها. وإن كنا لا نملك إلا القلم والكلمة، المقال والقصيدة، الشعار وأحبالا صوتية ، الموقف والمبدأ والنضال من أجل القضية، فإننا أبدا لن نخون القضية. أتمنى أن يكون قرار المنع هذا، فرديا ومعزولاً، أو خطأ متداركا وإلا فالأمر لا يبشر بالخير ويوحي إلى أمور خطيرة، من معاكسة بعض الجهات بشكل واع أو غير واع للتوجهات الملكية والحكومية والشعبية، وهو ما يهدد حقيقة الأمن العام بالبلد، لا تنظيم وقفة تضامنية رمزية. لم أقل كل شيء، ولكن حرقة الألم والحزن على أطفال غزة ونسائها وشيوخها وخيرة رجالها ، يجعلني ملزما بأن أكتب ما كتبت حتى لا أكتب عند العلي القدير من الساكتين عن الحق، وتبقى هذه الكلمات غير مصورة لحجم المأساة، ولبشاعة مشاهد القتل والتنكيل والإجرام الصهيوني الذي لا يستوجب فقط تنظيم وقفات دعم وتضامن وإنما إلى تفكير جدي لتطوير آليات المؤازرة والنصرة، لأن قضية فلسطين قضية جميع الشعوب الإسلامية، وكل من آمن بالقرآن الكريم الذي ذكر فيه المسجد الأقصى المبارك، كأحد المقدسات الإسلامية (سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير). القصف والتدمير لازال مستمرا .. الشهداء يسقطون الواحد تلو الأخر.. الأمة تعيش زمن المخاض .. وتبقى القدسوفلسطين بوصلة التمييز بين الحق والباطل ، ولا محيد عن خيار دعم المقاومة ونصرة القضية شاء من شاء وأبى من أبى. قال ربنا جل جلاله (الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل).