نخلد السنة هذه 16 ماي، ونحن نعيش، ومازلنا على إيقاع إبريل بمراكش، ليتأكد أن المواجهة ستطول ما طال عمر الإرهاب والإمارات الدموية والحلم بمعاقبة العالم على قتل زعيم القاعدة. ولكننا نخلد الذكرى الدموية، في تزامن له كل الثقل والمعنى، مع تخليد ذكرى تأسيس الأمن الوطني، الذي تقوم على عاتقه اليوم مهام مواجهة أعشاش الإرهاب وخلاياه. لقد سالت دماء كثيرة منذ ذلك اليوم الذي انفجر فيه انتحاريو الدارالبيضاء قتلا وتنكيلا في البلاد التي كانت تدخل عهدا جديدا مسلحة بالكثير من الأمل .. ومن الهشاشة أيضا. واليوم نخلد ذكرى الفعل الإرهابي الشنيع ونحن ننظر، لا إلى دماء المنتحرين، بل الضحايا، ونرى بأم أعيننا الثمن الذي ندفعه لكي يبقى بلدنا في طريقه. ونخلد الذكرى أيضا ونحن قد تجاوزنا الكثير من المنعطفات الصعبة والمريرة، وقد فتحنا طريقا سيارا إلى المستقبل، ونحن منه قريبون. ونخلد الذكرى اليوم، والمغرب ينطلق من روح 9 مارس، وروح 20 فبراير .. ومن النضج الذي تعرفه معالجة الإشكالات التي يفرزها الحراك الاجتماعي. ومن الأشياء التي لابد من التنويه بها.. 1 - ذكرى الضربة الإرهابية الوحشية، لم تضعف المغرب، ولا قدرته المؤسساتية والسياسية على البحث عن السبل التي بإمكانها أن تقطع مع التردد والتوجه المطلق نحو الأفق الإنساني الرحب الذي تعاديه الطائفة الإرهابية ومجالها الحيوي المتمثل في القوى الرجعية والارتكاسية. 2 - التزامن، مع ذكرى تأسيس الأمن الوطني، يحيلنا إلى الحكامة الأمنية في بلادنا. فقد سجلت الآلة الأمنية في مغرب اليوم قدرتها على تتبع الأخطبوط الإرهابي، وقدرتها على فك الكثير من ألغامه، وأيضا القدرة على تقفي آثاره والقبض على المنفذين المرتبطين بالعمليات الإرهابية كما حدث في قضية مراكش. كما أن الحكامة الأمنية في بلادنا، وعلى ضوء تجارب الماضي واستشرافات المستقبل، تقع في صلب الاهتمام الوطني والنقاش العمومي. اليوم نتحدث وأمامنا خطاب 9 مارس الذي دعا إلى دسترة كل ما له علاقة بتوصيات هيئة الإنصاف والمصالحة. وفي صلب هذه التوصيات القرار الأمني وربطه بالمراقبة والسيادة الشعبية، وإدراجه ضمن سلسلة القيادة والتحكم التي ستخضع لها كل مؤسسات البلاد، على قاعدة الدستور الجديد. وهو التحول الرئيسي في المغرب، إذا ما نجحنا في أن نخرج مستفيدين، دولة وشعبا، من مجريات الواقع ، هنا وفي الخارج. أمام المغاربة اليوم الفرصة التي تجعلهم ينجحون في التميز برسملة ما يقع من زاوية إيجابية. ولا شك أن التدبير الحالي لمرحلة متعددة المعادلات ليس بالشأن الذي يمكن أن تتولاه الدولة وحدها، بل كل مكونات الأمة. ونعتبر أن جزءا من الحراك والتظاهر يخضع إلى أجواء المرحلة، وأنه لابد من ترتيب الأولويات لدى القوى الديموقراطية من جهة، ولدى الدولة كشريك فعلي في صناعة الديموقراطية من جهة ثانية.