تزامناً مع قدوم الملك الإسباني الجديد فيليبي السادس إلى المغرب، اليوم الإثنين، في أول زيارة رسمية له خارج أوروبا، فتح مركز النكور من أجل الثقافة والحرية والديمقراطية، مِلفاً لم يُنسَ مِن الذاكرة المغربية، وبالضبط فيما يتعلق بالماضي الإسباني السيئ الذِكر في الشمال المغربي، عندما استخدمت القوات الإسبانية الغازات السامة ضد مقاومي الريف في القرن الماضي إبّان فترة الحماية الإسبانية. وفيما يشبه مطالبة بالاعتذار، تساءل رئيس المركز في اتصال مع هسبريس حول إمكانية تحلّي الملك الإسباني الجديد بالجرأة في الاعتراف بشكل صريح ومسؤول بالجرائم المرتكبة بالريف، معتبراً أن الأكثر مرارة في هذا الملف، ليس صمت الحكومات الإسبانية، بل هو صمت الحكومات المغربية المتعاقبة بشتّى ألوانها التي لم تستطع إثارة ما وقع من جرائم بحق مغاربة الريف. وأشار إلى أن المغرب فتح عدداً من الملفات مع إسبانيا كتلك المتعلقة بالهجرة والأمن والتعاون المشترك، إلاّ أنّ ملف الغازات السامة لم يظهر سوى في خرجات يتيمة وفي فترات سياسيّة تتسمُ بنوع من الاحتقان الدبلوماسي بين البلدين من أجل مصالح سياسية معينة، أو من أجل تحقيق مكاسب في قضية الصحراء. واستطرد المتحدث بالقول:" ليس من المعقول التعامل مع ملف الحرب الكيماوية بالريف بالتجاهل والطمس والتأجيل وإنما بالجرأة السياسية لحل تركة الماضي ومخلّفات هذه الحرب القذرة"، معتبراً أن المسؤوليّة التاريخية والأخلاقية للدولة المغربية، يجب أن تدفعها إلى الدفاع عن مواطنيها وقضاياهم بإسبانيا وشركائها وكل من ساهم في الجرائم الكيماوية بالريف. وتحدّث بقاضي عن وجود العديد من الدلائل والوثائق التاريخية التي تؤكد حقيقة ما وقع من خرق للمواثيق الدولية كاتفاقيتي لاهاي 1899و 1907 وبروتوكولي جنيف 1924 الخاص بتسوية النزاعات الدولية بالطرق السلمية و1925 الذي يحظر استعمال الغازات السامة والجرثومية، ومعاهدة السلام فيرساي التي تمنع على ألمانيا تصنيع أو استيراد أو تصدير المواد الكيماوية، وكذلك ميثاق عصبة الأمم 1920 الذي يُجرّم جريمة العدوان، فضلاً عن إمكانية توصيف هذه الجرائم ب"ضد الإنسانية" وفقاً لنظام الأساسي لمحكمة نورنبرغ الألمانية الخاص بسنة 1945 في فصله السادس. وخَلُص إلى أن السلطات المغربية مَدعُوة للضغط على نظيرتها الإسبانية من أجل اعتراف رسمي بهذه الجرائم المرتكبة وتصفية الماضي بشكل مسؤول، من أجل فتح صفحة جديدة في العلاقات معها وفق ما يقتضي منطق المعالجة التاريخية والحقوقية الايجابية وبالشكل الذي يسمح ببناء أسس ذاكرة مشتركة قوية بدون ثغرات ولا أحقاد. جدير بالذكر أن القوات الإسبانية الغازية كانت قد استخدمت الغازات السامة بالريف بعد الانتصارات المتتالية التي حققتها المقاومة بقيادة محمد عبد الكريم الخطابي خاصة في معركة أنوال المؤرخة سنة 1921، وقد كشفت مؤلفات إسبانية عن هول هذه الجرائم باعتراف بعض من شاركوا فيها، حيث أودت بحياة آلاف الشهداء، بينما أصيبت آلاف أخرى بأمراض جلدية وتنفسية خطيرة.