قضَى المغاربةُ ردحًا من الزمنِ يتندَّرُون بخطرِ الإرهابِ و"دولة الخلافة" التي أعلنَ عنهَا أبو بكر البغدادِي، من الموصلِ بالعراق، قبلَ أنْ يصيرَ شبحهُ باديًا يستنفر العسكر أمام العيان بالمغرب، وغير معلومٍ، في الآن ذاته، من حيثُ طبيعته، وقدْ جرى تطويقهُ بصمتٍ رسمِي. الاستنفارُ العسكرِي، ونشر الصوارِيخ في الدارالبيضاء وطنجة ومدن أخرى، يتراءى فيها العتادُ أمامَ أناسٍ، ألفُوا الحديث عن المغرب واحةً مستقرَّة، فيما تتقلبُ المنطقَة على صفيحٍ ساخن، يغلِي دمًا، أمورٌ تجعلُ المتابعين في حيرةٍ، إزاء بواعث النفير، وعمَّا إذَا كانَ الوضعُ خطرًا، إلى درجةٍ تفرضُ كل التأهب الحاصل. الحكومة المغربيَّة لمْ تنبرِ، من جانبها، لتخطرَ المغاربة بطبيعة الخطر الذِي يتهددُهم، ولا هيَ حددتْ الجهة التِي تشكلُ خطرًا على البلاد، كمَا أنها لمْ تعمم بيانًا عن تقدمِ في الرصد عند السواحل، بالرغمِ من وجودِ عبد اللطيف لوديي، وزيرًا منتدبًا لدى رئيس الحكومة مكلفًا بالدفاع. فحتَّى وإنْ لم يكنْ من المتأتِي الكشفُ عن أسرار عسكريَّة قدْ تخدمُ العدُو، يتساءلُ كثيرٌ من المغاربة عن مسوغات الصمت والتحفظ، دون حدٍّ أدنى من التواصل. خروجُ العتاد العسكري على مرأًى من المغاربة تهيُّؤًا لعدوٍّ غير معلومٍ، وشحُّ التواصل، حدَّ انتشار التخمينات المتضاربة، غير المسنُودة بمعلوماتٍ دقيقة، عدَا وصف تقنِي لبعض الأسلحة، يبرزُ عطبًا في التواصل بين الدولة ومواطنيهَا، ويظهرُ حجمَ الاكتراث باستشعارهم الخطر من أوْ اطمئنانهم. ولأنَّ تواصل قطاعاتٍ حساسة كالدفاع غالبًا ما يقتصرُ على عرض الاستقبالات الرسميَّة الروتينيَّة، التي لا تهمُّ المواطنين كثيرًا، تتظافرُ العوامل ليَحلُّ الوزير المنتدب في الدفاع ضيفًا على نادي "النازلِين" بهسبريس لهذَا الأسبُوع.