عملت وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني منذ توحيدهما في قطاع واحد على تثمين مسار التكوين المهني وإيلائه المكانة الأساسية؛ وذلك من خلال تيسير الانتقال من المؤسسات التعليمية إلى مسارات التكوين المهني ومن مسارات التكوين المهني إلى المؤسسات التعليمية. ما موقع الأطفال ذوي الإعاقة ضمن هذه الدينامية الجديدة ؟ كيف نجعل سلاسة الانتقال بين التعليم والتكوين المهني مدخلا لإنصاف الأطفال ذوي الإعاقة ؟ يتطلب تطوير العلاقات بين التكوين المهني و المسارات التعليمية ممارسات بيداغوجية متجددة تتمركز على احتياجات الأطفال ذوي الإعاقة بغض النظر عن نوعها وحدتها وزمن حدوثها؛ والعمل على تكييف باقي مسارات التربية و التكوين المهني والتشغيل لجعلها رافعة لتحقيق استقلاليتهم ومدخلا للدمج الاجتماعي المستقبلي؛ إن تحقيق الإنصاف المنشود يتم عبر التدقيق في مختلف المرجعيات التشريعية والتنظيمية بشكل يجعلها لا تتناقض مع منطوق الدستور ولا تستثني طفلا من الأطفال وخاصة منهم الأطفال ذوي الإعاقة الذين يتابعون تمدرسهم بأقسام الدمج المدرسي أو في المراكز المتخصصة؛ لقد أصدرت وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني دورية رقم733 بتاريخ 1 أبريل 2014 اعترتها مجموعة من الثغرات مرتبطة بضمان حق هذه الفئة من الأطفال في التوجيه والتكوين المهني مما قد يؤدي إلى الأضرار بهم وبتعميق العزل والإقصاء في حقهم. تتلخص أهم الثغرات في: الاكتفاء بمسارات التخصص والتأهيل وتغييب مسار التدرج المهني ومسار التقني والتقني المتخصص؛ إن الأساس المرجعي لصياغة النصوص التشريعية والتنظيمية هو الدستور، وحيث إنه يؤكد على حظر ومكافحة كل أشكال التمييز بسبب الإعاقة أو أي وضع شخصي مهما كان" فإنه يستوجب تحيين الدورية وفتح مسارات التكوين المهني بما يجعلها جميعها من حق الأطفال ذوي الإعاقة؛ ينبغي كذلك توجيه الاشتغال للمسارات التعليمية للأطفال ذوي الإعاقة وتوسيعها أفقيا وعموديا (الثانوي الإعدادي والثانوي التأهيلي والجامعي) بما يؤهل الأطفال ذوي الإعاقة للاستفادة من مسارات التكوين المهني الأخرى؛ إن المشكلة الحقيقية لا توجد في الأطفال ذوي الإعاقة؛ بل في المسارات التعليمية التي حرموا منها وضبابية الاختيارات التربوية الخاصة بهم منذ فتح أقسام الدمج المدرسي.لذا بات لزاما التزام الجدية إزاء إنصاف الأطفال ذوي الإعاقة على مستوى النصوص التنظيمية و التشريعية الصادرة بعد الدستور. مضامين ملاحق الدورية733 وخاصة ما يتعلق منها بالمستوى الدراسي بالنسبة للأطفال ذوي الإعاقة؛ اعتمدت وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني على إلحاق مجموعة من المطبوعات بالدورية المذكورة. ويتضح من خلال وثيقة "لائحة التلاميذ المعنيين بمسطرة التوجيه إلى التكوين المهني " إقصاء للأطفال ذوي الإعاقة، نظرا لإلزامية تحديد المستوى الدراسي، والرقم الوطني (مسار)، وهو ما لا يمكن معه في أقسام الدمج المدرسي، كما أن الإشهاد الوالدي بسلامة الطفل قصد قبول تسجيله في تخصص محدد من شأنه أن يعيق ضمان حق الطفل في التخصص. إن تكييف مضامين الملاحق هو مدخل للاعتراف بحق الأطفال ذوي الإعاقة في الاختلاف، وهو كذلك تعبير عن مسايرة النصوص التشريعية لانتظارات التطوير والتغيير المنشود؛ لأن التكوين المهني بالنسبة للأطفال ذوي الإعاقة هو غاية أساسية تجعلهم يحمون أنفسهم من الفقر والهشاشة وتشعرهم بأهمية أدوارهم الاجتماعية مهما كانت صغيرة. إن إصلاح منظومة التربية والتكوين لن تتم إلا بضمان ولوج عادل ومنصف لجميع الأطفال للمدرسة ولباقي الأسلاك التعليمية مع توفير تربية وتكوين مهني ذي جدوى للأطفال ذوي الإعاقة يربط بين إمكاناتهم ويؤهلهم للاندماج السلس في الحياة - مفتش تربوي