ذلك السياسي الذي يصفه البعض بالنبيل لم يركن إلى مواقف حزبه العدالة والتنمية من قضية ترسيم الأمازيغية بالمغرب، كما لم يخش من تأويلات مواقفه المبدئية، عندما طالب الحكومة بالإسراع بتفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية، بعد ترسيمها دستوريا سنة 2011. وبهدوئه المعتاد الذي يصل حد التناقض مع زعيم حزب "المصباح"، ورئيس الحكومة، يحرص سعد الدين العثماني، رئيس المجلس الوطني للحزب، على أن ينافح عن الأمازيغية بالمغرب بالمطالبة بإنصاف هذه اللغة وتفعيل ترسيمها على الأرض، وإحداث المجلس الوطني للغات. وبدا العثماني كمن يرد على "أخيه"، عبد الإله بنكيران، الذي رمى بكرة الأمازيغية الحارقة في مربع الملك بالتذرع ب"جهات عليا"، حيث شدد أخيرا على أن ترسيم اللغة الأمازيغية في الدستور دفعة جديدة لها نحو الأمام، ولا يمكن التراجع عنها إلى ما قبل دستور 2011". وجاءت مطالبة العثماني، وهو الفقيه اللبيب، بتفعيل ترسيم الأمازيغية في وقت تسير فيه ولاية الحكومة التي يقودها حزبه إلى مشارف نهايتها، وهو ما يُحسب لوزير الخارجية السابق، حيث لم يضع رأسه في الرمال اتقاء الانتقادات أو طلبا للحلول السهلة، بل انبرى لقول كلمة حق في وقت عجز فيه "إخوانه" عن الجهر بها. وليست الأمازيغية وحدها ما رفع أسهم العثماني في "طالع" هذا الأسبوع، بل أيضا خلقه لنفسه عالما خاصا به يغرد من خلاله خارج سرب "المصباح"، إذ سبق له أن طالب ذات يوم بمنح الريف حكما ذاتيا قبل مناطق الصحراء، بالنظر إلى تاريخ المنطقة التي سبق أن عاشت ضمن هذا النظام المستقل عن القرار المركزي.