اختار رئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، مرة أخرى وسيلة إعلام من خارج بلاده للتوجه للمغاربة بآرائه ومواقفه بخصوص عدد القرارات الحكومية، متطرقا إلى الوضعية السياسية والاقتصادية التي جاءت فيها الحكومة بعد تعيينه رئيسا لها من طرف الملك. وخص بنكيران جريدة "الشرق الأوسط" السعودية بحوار طويل نشرته اليوم الجمعة، أكد من خلاله أنه "بعد تعيينه رئيسا للحكومة من لدن عاهل البلاد، استشعر بأنه مسؤول في دولة لتدبير الشأن العام لكل المغاربة، ولم يشعر أنه نبي جاء برسالة خاصة". أصيبُ وأخطئ وقال رئيس السلطة التنفيذية لذات الصحيفة السعودية "أنا مجرد مسؤول في دولة، قد أصيب وقد أخطئ في معالجة مشاكل الناس، أما الأنبياء فقد كان خاتمهم محمدا، صلى الله عليه وسلم". وتابع بأنه "وجد الأولويات تأتي من نفسها، أولها الأولوية الاقتصادية لأن الدولة إذا لم تكن في وضعية اقتصادية على الأقل محتملة، حتى لا نقول مريحة، فإنها سوف تغرق، وساعتها لن تنفع إيديولوجية الحزب، ولا أي شيء آخر. وتوقف بنكيران برهة عند مسألة الإيديولوجية في تسير شؤون المغاربة، فقال إنه "رئيس حكومة منتخب من المغاربة للإسهام في حل مشاكلهم، وليس للتدخل في أنماط تدينهم أو حرياتهم". واسترسل بنكيران قائلا: "لم آت لكي أغير تدين الناس، فقد جئت لكي أحل مشاكلهم، والتدين مسألة شخصية وشؤونها منظمة بإشراف إمارة المؤمنين، فجلالة الملك هو أمير المؤمنين" وفق تعبيره. وأكمل "إذا كنتَ متدينا ذلك ينفعك في الاستقامة، وفي التعفف عن المال العام، ولهذا أنا أقول إنني لست إسلاميا، بل مجرد مسلم مثل كل المسلمين، وأحاول أن أكون مستقيما قدر المستطاع، ولا أستطيع أن أدعي أنني أنجح دائما في ذلك". المغاربة والنظام الملكي وعرج الحوار إلى علاقة المغاربة بنظامهم الملكي، فقال بنكيران إن الملكية بالمغرب يطبعها التحكيم وليس التحكم"، مشيرا إلى أن "هذا التحكيم هو أن الملك يتدخل لإرجاع الأمور إلى نصابها في بعض القضايا والحالات، بمبادرة منه أو بطلب من الأطراف". ولفت بنكيران إلى أن هذا الوضع ليس وليد اليوم، بل حتى إبان ما كان يسمى "سنوات الرصاص"، كانت دائما هذه المرجعية لدى الملك يحافظ عليها، ويتفاعل معها الآخرون، وهي التي سمحت بأن نجتاز الكثير من الظروف الصعبة". وأكد رئيس الحكومة أن "المغاربة عندهم شعور أن النظام الملكي ضمانة لهم، وأن لديهم تاريخا ويخشون من طغيان الفئات والمؤسسات والهيئات والقبائل والأجناس واللغات، بعضها على بعض". ولشرح فكرته استدل بنكيران بمثال احتجاج المغاربة "هناك شيء يوجد ربما فقط في المغرب، فكل فئة تحتج ترفع صورة الملك، وإذا أخرج شخص من بيته يحتج ويرفع صورة الملك، وقبيلة إذا ظلمت في مائها أو في مرعاها تخرج وترفع صورة الملك". وخلص المتحدث إلى أن "الملكية في المغرب وطبيعتها ضمانة بالنسبة للمغاربة"، قبل أن يبرز بأن "الإنسان العاقل لا يغامر بضمانته، يمكن أن تكون عنده ملاحظات على السياسات، لكن بين هذا وبين المغامرة بالأساس الذي بني عليه الأمر، فهذا يجب ألا يكون". "وصفة سحرية" وتطرق بنكيران إلى "الوصفة السحرية" التي جعلت المغرب يصنف "استثناء" ضمن منطقة عربية مضطربة، فقال إن المغرب تأثر بالربيع العربي، وخرج الناس من مدن متعددة، ولكنَّ الناس لم يخرجوا عن بكرة أبيهم، إذ كان هنالك شعور بالخطر إذا فعلوا". وأردف بأن المئات والآلاف خرجوا في كل المدن، ولم يصلوا إلى حد ما وقع في الدول الأخرى، أي المطالبة بإسقاط النظام"، مبرزا أن دور "العدالة والتنمية" ظهر في هذا السياق بالدعوة إلى "الإصلاح تجاوبا مع مطالب الشارع، مع الحفاظ على استقرار البلد ونظامه".