بهذه السهولة، يُصْبُح مَوْت مُواطنين ومواطنات في المغرب العَميق أو بالأحرى "الغريق"، مثل أي خبر عاد نتبادله، مثل تبادل التهاني. تَتَهاطل الأمطار بغزارة، تَمتلأ الأنهار لاتَنسى مَجَاريها، فَتَحْصَد الفيضانات أرواح الأبرياء، مثل طاحونة الحرب التي لا ترحم. هُنا الرباط ليلة الفلاسفة، هُنا الدارالبيضاء.. ندوة عن الصحافة، هُنا مُراكش.. مُنتدى ريادة الأعمال، حَيْثُ النقاش يَحتدم داخل الصالونات المُكيفة عن الحقوق والحريات، والعيش الكريم. بينما هُناك في تنغير وتنجداد، وأرفود وألنيف، ومناطق أخرى من المغرب العميق، نساء وأطفال ورجال وشيوخ يَعيشون في عُزلة، يَرتعدون من شدة البرد، خائفون من شبح الماء الذي يتربص بهم الدوائر، مثل كائن خُرافي لايشبع من ابتلاع القرابين التي تُقدمها إليه عن سبق إصرار وترصد البنية التحتية المهترئة، التي تعريها التساقطات المطرية كل سنة، فتنقطع المسالك الطرقية، وتنهار بعض القناطر مثل قطع الحلوى، فتتم مُحاصرة المُواطنين بأحزمة الماء، كما يَظهر في مَقَاطع فيديوهات على اليوتوب لكارثة الفيضانات التي خلفت خسائر بشرية ومادية جسيمة. مايقع هُناك في المَغرب العميق، يتطلب تجنيد كل الوسائل الحديثة من أجل إنقاذ أرْوَاح الناس من خطر مُحدق بسبب كوارث طبيعية، هي من قدر الله سبحانه وتعالى، لكن المطلوب" أن نفرُّ من قدر الله إلى قدر الله"، كما أجاب عُمَر بن الخطاب رضي الله عنه أبي عُبيدة بن الجراح الذي خاطبه َ"أفِرَارًا مِنْ قَدَرِ اللَّهِ؟"، كما جاء في قصة طاعون عمواس. لقد وهبنا الله سبحانه وتعالى، نعمة الوجود لكي نعيش ونتشبث بأهْدَاب الحياة، ولَيس لنَمُوت بسبب سُوء تدبير شؤوننا المحلية، من طرف مسؤولين في الحكومات السابقة والإدارات كانوا يعيشون "لانافيط" بين الأحياء الراقية للرباط والدارالبيضاء، لايعرفون شيئا عن المغرب البعيييييييد، حَيْثُ يَعيش مُوَاطنون ومُوَاطنات حياة قاسية، في الظروف العادية، وتزداد معاناتهم عندما تحل الكوارث الطبيعية، مثل الفيضانات التي حصدت أراضيهم وغمرت أراضيهم الفلاحية، وقطعت الأوصال أو المسالك التي تَرْبطهم بالأسْوَاق والمَدارس، وباقي الدواوير. لامَجال للاستنكار، والتنديد، وإلقاء اللوم، على المسؤولين، فلاصوت يعلو على صوت المعركة، والمطلوب هنا والآن، القيام بشكل عاجل، بالواجب الوطني في إنقاذ الأرواح البشرية، بكُل الوسائل المتوفرة، ففي القُرآن الكريم "من أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا ".