غني عن البيان أن التعليم أساس الرقي في كل المجتمعات سواء من حيث الإنماء الفكري للإنسان و تطوير المجال, واليوم و بالنظر إلى إكراه عولمة المعرفة وضرورة إيجاد بدائل أخرى النمو,فمن اللازم جعل التعليم من أسباب خلق أقتصاد تناقسي نظيف منتج للثروة و مدعاة لإشعاع البلد ودافع للإنفتاح الايجابي.لكن أين التعليم المغربي من هذه البيئة . إن الحديث عن التعليم يالمغرب اليوم يجاور مفهوم الإصلاح أي الإقرار بوجود خلل معين. فعديدة هي التشخيصات الواردة على هذا الوضع.وبحكم كون الموضوع دو شجون فإن هذا المقال سينصب على الإصلاح الجامعي .و في هذا الصدد لن أقوم باجترار كافة التشخيصات على تنوعها بل سأنحصر في مدخل من مداخل الإصلاح و يتعلق الأمر بالحكامة في تدبير شأن التعليم الجامعي . إن الوضع و العرض الجامعي المغربي الحالي يبرز بجلاء عدم القدرة على الإبتكار في السياسات العمومية السابقة ,حتى صار الاصلاح اليوم أمرا مستعجلا على الأقل في مسائل البنية التحتية و عدد الأساتذة و الجانب الإجتماعي للطلبة ,وهذه هي الأولويات في المرحلة السابقة لكن أجل كل شئ وجفت الميزانية مع ذلك. أما الإصلاح من حيث المضمون فمن اللازم أن يواكب تطورات البلد وحاجات الإدارة و الإقتصاد . وفي نظري فقد حان الوقت لإشراك الأساتذة و الأطر المغربية العاملة في مجال التعليم العالي بالخارج واحتضانهم من طرف الوزارة الوصية و الكليات فعولمة المعرفة تفرض ذالك وصفة الوضع المتقدم واتفاقيات التبادل الحر المبرمة إطار مشجع لتوسيع قاعدة التشارك,إلإ أنه من الواجب الإيمان باستراتيجية معينة وبلورتها و تحديد المسيرين القادرين على قيادتها والموراد المالية اللازمة لها وأهدافها المتوخاة. وتجدر الإشارة إلى أن الوزارة تعمل باستراتيجية خاصة بالبحث العلمي ممتدة حتى ىسنة 2025 و قبلها كان المخطط الإستعجالي2009-2012 و قبله تطبيق نظام الوحدات وتقليص مدة الحصول على الإجارة الأساسية إلى ثلاث سنوات ,الإجراء الذي أفضى إلى هدر الزمن الجامعي وإلى اشكالية التمكن من عدمه في التخصصات .ولكن اليوم يلزم أن يدفع الإنتماء إلى هذا البلد ضمير كل متدخل للقيام بواجبه ودرء غلبة الحساسيات النقابية أو الحزبية على برامج الإصلاح موضوع التحليل. إن تخلفا يلاحقنا ويجعل المجال المغربي فضاءا لتناسله متى نتحدث عن تخصيص مدرج جديد لهذه الكلية أو حجرة لتلك الملحقة أو سرير في غرفة بعد توسيعها ,إن هذه "الترقيعات "تبين أن ما يسمى بالتخطيط لم يعرف له السابقون معنى .ألم تبين المؤشرات أن النمو الديموغرافي سيزداد ؟ وأن المغرب من اللازم أن يفتح إصلاحات ليجد مكانا له في عالم العولمة ؟ و أنه سيحتضن مزيدا من الطلبة الأجانب بحكم موقعه الجغرافي .؟ ومن جهة أخرى فعلى الرغم من ضعف الميزانية المرصودة للوزارة في نفقات التجهيز و البحث العلمي و قلة المؤسسات الجامعية و عدد الأطر المشرفة عليها في مقابل تزايد عدد الطلبة المغاربة و الأجانب و كذا تزايد الطلب على التكوينات العليا ,تغدو الحاجة ملحة لإعمال حكامة التدبير التي تفرض حسن استعمال المعطيات الحالية و القابلة للتقويم على مختلف المستويات الوزارة الوصية و الجامعات و الكليات و المعاهد. وإذا كان النص الأساسي الجديد ينص على كون الحكامة من مرتكزات مؤسسات الدولة ,فإن اصلاح القانون 00.01 المنظم للتعليم العالي سبيل لتفعيل هذه الحكامة وهنا تتجلى المهمة المثلى للقانون باعتباره أداة للتنمية ,و لكن تبقى الغاية معلقة على شرط الكفاءة لإنتاج القوانين وربط المسؤولية بالمحاسبة في تطبيقها . وإذا كان من المستساغ انتقاد السياسة العمومية الحالية خاصة من لدن الفاعلين في التعليم العالي طلبة أو أساتذة أو إداريين ,ففي نفس الوقت يجب إظهار نتائج بعض الإصلاحات من طرف هؤلاء .مثلا على الطالب أن يساعد نفسه على تحسين مستواه خاصة وظروف الزيادة في المنحة والإستفادة من التغطية الصحية ومن برنامج المغرب الرقمي من خلال تسهيل الحصول على الحاسوب وربط الخزانات بشبكة الأنترنت ثم تحصيل الدروس عبر مواقع الكليات ... فهذه المزايا وغيرها من الضروري أن تعطي نتاجها أي ان الإصلاح يجب أن يأتي من الفاعل نفسه كذلك قبل أي تدخل وليس فقط فن التشكي من سياسة أو تدبير . كما أن سؤال الديداكتيك و البيداغوجيا في التعليم الجامعي إشكالية لابد من الحسم فيها وتطويعها تناسبا مع المحيط الخارجي . كما يمتد برنامج الحكامة إلى مبدأ الشفافية في الولوج إلى التكوينات العليا ,بيحث إن غياب هذا المحدد له انعكاس سلبي مباشر على مستقبل الإدارة و قيم المجتمع.و في هذا الصدد فالفقر المعرفي للطالب في مستوى تكوينات عليا كالدكتوراه على الرغم من استفادته من ظروف مناسبة كالسفريات إلى الخارج ومنحة وخزانة .. يعد خطرا يهدد جهود الإصلاح , ونفس الأمر بالنسبة لتواضع مستوى بعض الأساتدة وتراجعه لدى البعض الأخر ,زد على كارثة الهدر الجامعي . ولتوسيع مجالات إعمال الحكامة فا الوزارة عمدت إلى إلزام عمداء الكليات و رؤساء الجامعات للخضوع لتكوين في مجال التدبير الإداري و المالي . واعتماد ترقية الأساتذة بناء على الإنتاج الفكري. .وفي الختام فاحداث أقطاب جامعية جديدة للتكنولوجيا و غيرها بدءا من الدخول الجامعي المقبل سعي محمود لكن من الضروري أن يخضع لمنطق الجهوية فقط . - باحث في القانون الخاص