موظفون مركزيون بمرتبات مالية تفوق رئيس الحكومة هذا العنوان ... يمكن أن يخطر على بال كل مواطن مغربي .. وربما بألفاظ أكثر شذوذا واستثنائية ؛ إذا هو نظر إلى مستويات الفقر المدقع وهشاشة الأوضاع الاجتماعية التي تعاني منها نسبة كبيرة من الساكنة المغربية ، أوعقد مقارنة بسيطة بين سلالم أجور رجال الدولة عندنا في المغرب مع نظرائهم في دولة ديمقراطية كفرنسا على سبيل المثال ، ولو أن هذه المقارنة ليست دقيقة باعتبار الوظائف الحيوية التي يضطلع بها هذا الطرف في مقابل الطرف الثاني ..فليس من المنطقي ، ولا من الديمقراطية في شيء ، أن نقايس سلطة "مخزنية" ؛ ممثلة في الولاة والعمال والقياد والباشوات ... تتمركز معظم مهامها بالكاد في تشديد قبضتها الحديدية على أبناء الشعب ، ومراقبة حركاته وسكناته ، وأحيانا إحصاء أنفاسه ، وفي أفضل الحالات " تدهين الميزانيات " ، والتأشير عليها ... في طريقها إلى المجالس والجماعات المحلية .. أن نقايس بينها وبين دوائر حكومية فرنسية ؛ يسعى مسؤولوها وموظفوها إلى جلب الرخاء للشعب الفرنسي بتعدد مشاربه السياسية والعرقية ، والتخفيف ؛ جهد ما أمكن ؛ عن معاناته ، وتوفير ظروف العيش الكريم لجميع مواطنيها تحت سقف قوانين عادلة تسري على الجميع من أعلى سلطة في البلاد إلى أدناها . ولأي مواطن مغربي حق التساؤل عن هذه الزيادة/الكرم الحاتمية وعلاقتها بالظرفية الراهنة ؛ سياسية كانت أو اجتماعية ؛ هل كان لهؤلاء المنعم عليهم .. اليد الطولى في استرداد الأموال المنهوبة والمودعة في حسابات خاصة بالأبناك الأجنبية ؟ أم أن الأمر متعلق بقرب حلول موسم الانتخابات التي تتضاعف فيها جهود ومساعي هؤلاء الموظفين ؛ بالسهر على ترتيب آليات وخريطة الانتخابات ؟!.. أم أن هذه الإكرامية لا علاقة لها لا بهذا ولا بذاك ، بل هي عربون مقدم لتطويق شرور تنظيم داعش ، والذي يلوح بها ؛ بين الفينة والأخرى ؛ تجاه المغرب ؟! وإن كان هذا الأمر يهم ؛ بالدرجة الأولى ؛ الاستخبارات المغربية ومكوناتها والتي يمكن ؛ لأي مواطن مغربي ؛ القبول بها ، بل ومباركتها ، إذا علم فعلا بأن هذا السخاء والكرم يعنيها مباشرة ؛ لتعاظم خطورة عملها في مناخ دولي موصوم بتضارب المصالح ، ومنطقة عربية مشحونة بالنزاعات المسلحة . كما لاحظ الجميع أن هذه الزيادات والإكراميات ، لم تحرك ساكنا من طرف النقابات التي دوخت المغاربة بصياحها .. وكأن هناك تواطؤ مكشوف بينها وبين الحكومة . وفي البلدان الديمقراطية ؛ وعلى مستوى تدبير ميزانيات الدولة ؛ هناك أولويات كالاستحقاقات المترتبة على الدولة نفسها تجاه موظفيها ، كما الحال في أصحاب استحقاقات التكوينات المستمرة ( 7000 متضرر ) ، إلى جانب قطاعات عديدة ؛ بعض موظفيها طال انتظارهم لتسويات وضعياتهم المادية منذ أكثر من ثلاث سنوات ...! كما أن هناك طبقات اجتماعية أشد فقرا وهشاشة ؛ لا يتجاوز دخل فردها اليومي 10دراهم ؛ كان على الحكومة أن تضعها في قائمة الأولويات ، بدلا من امتصاص دمائها وضخه في احتياطي رجال سلطة ؛ تزداد سمنتهم كل وقت وحين ؟!!