ادعاء نيويورك كيتهم ترامب بإفساد الانتخابات ديال 2016    بطولة إيطاليا-كرة القدم.. "إنتر ميلان" يتوج بلقبه ال20    ثمة خلل ما.. المعرض المغاربي للكتاب يحتفي بالأديبة الناظورية آمنة برواضي    هل يمكن لفيزياء الكم أن تقضي على الشيخوخة وأمراض السرطان؟        سعد لمجرد يكشف تفاصيل لقائه بجورج وسوف    أسامة العزوزي يسجل في مرمى روما    الحركة يكشف مبررات تنازله عن لجنة العدل وينادي بإبعاد البرلمان عن تصفية الحسابات    حفل استقبال على شرف المنتخب المغربي لكرة القدم داخل القاعة بطل إفريقيا    إطلاق دعم إضافي لفائدة مهنيي النقل الطرقي    المؤتمر الإقليمي لحزب الاستقلال بالعرائش ينتخب ممثليه بالمجلس الوطني    ندوة دولية بطنجة بعنوان "الثقافة والدبلوماسية الناعمة"    ولي العهد يسلم شهادات اعتراف بالعلامات المميزة لمجموعة من المنتجين    الحسيمة.. حفل ثقافي لإبراز التفاعل الوجداني بين الموسيقى والشعر    طقس الثلاثاء: حرارة مرتفعة وقطرات مطرية بهذه المناطق    الإنفاق العسكري في مرمى التوتر الجزائري المغربي!    بطولة إيطاليا.. إنتر يتوج بلقبه ال 20 بفوزه على ميلان في عقر داره    فرنسا تشيد بأداء الشرطة المغربية .. تصور واقعي وخبرة في مكافحة الجريمة    الحكومة تدرس نظام الضمان الاجتماعي    فاس.. قتل شخص وإضرام النار في جسده لإخفاء معالم الجريمة    ها امتى غيحكم الكاف فحادث ماتش بركان و USMA والعقوبة كتسنا الفريق الجزائري بسبب تعنت الكابرانات    "النواب" يستكمل هيكلته والتوافق يحسم انتخاب رؤساء اللجن الدائمة    أقمصة نادي بركان.. بنتوك: النظام الجزائري يستغل أي مناسبة لإظهار عداوته للمغرب    الرباط تحتضن أشغال محاكاة القمة الإسلامية للطفولة من أجل القدس    الأمثال العامية بتطوان... (579)    توقيف منتحل صفة شرطي أسس حياة زوجية بعقد مزور بالقليعة    كرة القدم داخل القاعة .. بعد التربع على القمة إفريقيا، أنظار أسود الأطلس تتجه صوب كأس العالم    الطالبي العلمي يستقبل وفدا عن لجنة الفلاحة بالجمعية الوطنية لجمهورية زامبيا    تقوى الآباء تأمين على الأبناء    وفاة الشيخ اليمني عبد المجيد الزنداني عن 82 عاما    الاتحاد الوطني للمتصرفين المغاربة يستنكر منع مسيرته السلمية بالرباط    ميراوي يتباحث مع نظيرته الفرنسية    مقابر جماعية في مستشفى ناصر بغزة    بورصة الدار البيضاء.. تداولات الإغلاق على وقع الأحمر    مرصد العمل الحكومي يرصد جهود الحكومة لمواجهة ارتفاع معدلات البطالة    لقجع احتفل بأسود الفوتسال وقال لهم: سيدنا والمغاربة كيتسناو منكم كاس العالم خاصنا تخرجو من مونديال أوزبكستان أبطال    كيف أشرح اللاهوت لابني ؟    مشاركة متميزة للسينما المغربية في مهرجان موسكو    أسعار النفط تنخفض متأثرة بتجدد التركيز على أساسيات السوق    تقديم المساعدة لمرشحين للهجرة غير النظامية ينحدرون من إفريقيا جنوب الصحراء    الرشيدية: شرطة المياه تحيل 45 محضرا على النيابة العامة    أكادير تحتضن فعاليات المعرض البيداغوجي للمدن الذكية على المستوى الإفريقي في نسختها الثانية    نصف المواليد الجدد يعانون من فقر الدم والمولدات يقمن بأدوار محورية في حماية صحة الأم والطفل    ارتفاع أسعار الفواكه والخضر واللحوم بالمغرب    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة    الجيش الإسرئيلي علن على استقالة رئيس المخابرات العسكرية وها علاش    إصابة فنان فرنسي شهير بطلق ناري في الصدر    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    تنبيه صحي جديد فالصبليون على التوت المغربي بسباب التهاب الكبد الوبائي    إسبانيا ضيف شرف معرض الفلاحة بالمغرب وبلاناس أكد أن هاد الشي كيشهد على العلاقات الزوينة بين الرباط ومدريد    يوتيوب "يعاقب" سعد لمجرد بسبب متابعته في قضية "الاغتصاب"    السعودية تعلن شروط أداء مناسك الحج لهذا العام    على غفلة.. تايلور سويفت خرجات ألبوم جديد فيه 31 أغنية    هل تتورط أوكرانيا في حرب السودان كما تفعل روسيا؟    الأسبوع الوطني للتلقيح من 22 إلى 26 أبريل الجاري    المغرب.. الأسبوع الوطني لتلقيح الأطفال من 22 إلى 26 أبريل الجاري    دراسة تكشف فوائد نظام غذائي متوازن للحفاظ على صحة الجسم    الأمثال العامية بتطوان... (577)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شرود "النخب" بين الترغيب في قوانين الأرض، والتشنيع لشرائع السماء
نشر في هسبريس يوم 24 - 05 - 2015

رغم أن جل سكان الكوكب يؤمنون بدين معين(...)، إلا أن تطبيقهم لشعائره التعبدية، والتزامهم بمقتضيات عقيدته وشريعته وتعاليمه، غالبا ما يعتريه الكثير من الفتور، بل والتناقض، في انفصام شخصاني بيّن بين المعتقد من جهة، والسلوك والتطبيق والممارسة من جهة أخرى..
ولربما يكون الأمر طبيعيا، تقتضيه طبيعة تكوين الإنسان من مادة وروح، لتتنازعه وزّاع الخير و"الضمير" المضبوطة بتعاليم المعتقد، والتي تخاطب الروح، رغبة في الظفر بالجائزة الكبرى، ونوازع الشر الموجهة بتوجيهات النفس والهوى ووساوس الشيطان، والتي تناجي المادة لتخْلدها إلى الحضيض..
ويظهر الانفصام جليا في خضوع أولئك "المؤمنين" لأحكام القوانين الوضعية الوطنية الجاري بها العمل، بعضهم بتلقائية وأريحية، والبعض الآخر رهبا من العقوبة الزجرية، ما دام هناك واقف على الحدود،، ويتنافسون في الظهور بمظهر الملتزم بها الحريص على تطبيقها، ويكرَّمون.
وتجتهد "النخب" المجتمعية لكل الأمم، وكذا الأجهزة الرسمية لدولها، في الدعوة إلى ذلك الانقياد "الوضعي" والحث عليه.. بل إن هذا الزخم من الحرص على الانضباط من جانب، والدعوة إليه من جانب آخر يطال حتى قوانين الهيئات المدنية التي يعتبر الانتماء إليها اختياريا..
إلى هنا قد يكون الأمر إيجابيا بما يساهم في تربية الناس وتعويدهم على احترام القوانين، وتعزيز ذلك السلوك حتى يصبح عادة وقدوة..
لكن المفارقة الخرقاء أن تلك "النخب الخشبية" ذاتها تقوم بحملات مضادة منفّرة تجاه كل "القوانين" ذات الأصل أو المنحى الديني، فقط بناء على المصدر، ولو كان مضمون ذلك "القانون" أو "القيمة" يطابق مضامين القوانين والقيم المجتمعية الوضعية، حتى أنه إذا أريدَ ل"شرع" أن يمر دون "ثورة" من تلك "النخب"، وجب تمويه مصدره، والادعاء أنه "بشري" وليس "سماويا".. وهذا في جل الديانات، وفي معظم بقاع العالم، وإن كانت حصة الأسد تختص بمتعلقات الدين الإسلامي!!
ويزداد الإلغاز حدة عند استحضار دعوة فصائل من تلك الكتائب "الدعوية" إلى العتو الجزئي على مقتضيات أصلية لشرائع تلك الملل، دون الجرأة والانسجام والتواضح في طرح البديل المنطقي، ألا وهو رفضها والكفر بها، ما دامت هي وحدة لا تتجزأ، وما دام الأمر متعلقا بمسألة غيبية إيمانية تحتمل الإيمان أو الكفر، ولا يمكن مراجعة مصدرها من أجل "المساومة" أو المراجعة، كما لا يملك أي عاقل محترم حق "التصرف" في شيء لم يصْدره، وما دام -أخيرا- الانتماء لأي دين ابتداء ليس إجباريا، بل هو أمر اختياري!!
فاعتناق دين معين يعتبر مسألة اختيارية في جل دول المعمور، وعليه -كما هو شأن قوانين الأحزاب مثلا-، لا يستساغ اعتقاد معتقد طوعا، ثم التمرد على حدوده وضوابطه، إذ الأولى خلع ربقته، أو استبداله!!
كما أنه بالنسبة للمؤمنين بدين معين، ونظرا لقداسة مصدره وسمو مقصده(كما يؤمنون به)، فإن مقتضياته تُعتبر أعلى صيغة مفترضة تنظم علاقات أفراد المجتمع فيما بينهم، ومع الدولة، ومع خالقهم(كما هو شأن الدول التي تصدر "دستورها" ب:{الإسلام هو الدين الرسمي للدولة.})، وبهذا، عمليا، لا يكون الخضوع للقوانين الإجرائية التفصيلية التي تنظم حياة المجتمع، إلا تطبيقا للقانون الأسمى..
من ناحية أخرى، فإنه فلا يستقيم منطقا أن تؤمن بإله له الخلق والأمر، والفضل والمنة، والعلم والخبر، والحول والقدرة، والأوب والمصير... وكل صفات الكمال والتفضل والقدرة والإحاطة... ثم تضيق ذرعا بأوامره ونواهيه، وتبحث عن بديل بشري لها، وتُجاوز وتتحدى شرائعه، وتتذمر منها،، وهو معبودك عن اختيار ويقين وقناعة!!! فقد ورد في الأثر الشعبي:{اللي دعبدو طيعو، واللي درهنو بيعو}(وهناك رواية مشهورة: {اللي دخدمو طيعو، واللي درهنو بيعو})..
أما بالنسبة للعوام، فإن الحرص على تجنب اقتراف الجرائم التي يعاقب عليها القانون ما دام هناك مراقب، و"التطبيع" مع ارتكاب تلك التي يعاقب عليها الشرع في "غياب" القائم، مرده(بالنسبة للمسلمين خاصة) الاغترار بحلم الله تعالى، وأمن مكره جل وعلا، وطول الأمل في الدنيا، وأساسا غياب اليقين المنافي لوجه من أوجه العلم.
فعلى سبيل المثال، وبالنسبة للدول التي تحاول الموائمة(طبعا صوريا فقط) بين القوانين الوطنية وشرائع الدين المعتنق من طرف المواطنين، في اتجاه جعل الممنوع قانونا غير جائز شرعا، والمحرّم شرعا غير مسموح به قانونا، بالنسبة لهؤلاء يعتبر انتهاك إشارة الضوء الأحمر شيئا ممنوعا، وبالتالي محرما(لأن نفس السبب الذي جعله ممنوعا قانونا، وهو المحافظة على النفس، حاضر في مقاصد الشريعة، ليجعله أيضا حراما)، ومع هذا فإذا حضر المكلف بالسهر على تطبيق القانون(الشرطي) في الملتقى، احترم المواطنون الإشارات، وإذا غاب غاب الورع عن المؤمنين فانتهكوها، مع "يقينهم" أن مراقبة المعبود لا تنقطع!!!
وقد يتم الإنكار على من لا يحترم عرف الوقوف في طابور من أجل قضاء مصلحة، أو معاقبة مخالف لبند جزئي في عقدة التأمين متعلق بوجود راكب زائد عن عدد المؤمن عليهم في العربة، أو تغريم صائد يمارس هواية الصيد بصنارة تقليدية دون رخصة... وفي نفس الوقت لا يُلتفت بتاتا إلى استنكار بيع خمر أو لعب ميسر أو تعرية جسد... مما يحرمه الشرع، ويمنعه بالتالي القانون بالقوة الضمنية، ما دام الدستور ينص على أن الإسلام -مثلا- هو الدين(في أغلب الدول الإسلامية)، والإسلام يحرم مثل تلك الممارسات..
من جانب آخر، وإذا ما حصرنا النقاش مرحليا في النفس المجال أو البنية التشريعية، ولتكن مقتضيات تعاليم الدين الإسلامي مثلا، فإن وجه التناقض في سلوك وتصورات معتنقيه يأبى الزوال، حيث تظهر مفارقة من مستوى آخر.. فقد يُعاب مثلا، بل يجرم، الإفطار في نهار رمضان، ولا يُنكر ترك الصلاة، وهي الركن الأساس والأولى والأسبق، حيث أن التغليظ في مجرد التهاون فيها أقوى وأعمق!! كما لا يُقدح التبرج والسفور(بنفس استنكار الإفطار)، وأذاهما أكبر، ومفاسدهما أعظم، وأثرهما أنفذ وأبين وأبقى!!,.. وكأن الأمر تصور وتوهم وتقليد وعادة، وليس دينا وعبادة!!!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.