في حملتها الانتخابية الخاصة باستحقاقات الانتخابات المحلية والجهوية التي تجرى اليوم الجمعة، لم تتردد مجموعة من الأحزاب المغربية في اللجوء إلى خدمات شركات تستغل البيانات الشخصية للمغاربة. فطوال الأيام القليلة الماضية، عَبَّر كثيرون من رواد مواقع التواصل الاجتماعية، خاصة "فيسبوك" و"تويتر"، عن امتعاضهم من هذه الطريقة التي اعتمدتها الأحزاب السياسية ومرشحوها في الوصول إلى المواطنين ومحاولة استقطابهم انتخابيا، عبر بعث رسائل هاتفية قصيرة ورسائل إلكترونية نحو أرقامهم الهاتفية المحمولة الشخصية والمهنية وبريدهم الإلكتروني. مساءلة أخلاقية وقانونية وقال المحامي بهيئة الرباط والمتخصص في التكنولوجيات الحديثة والاتصالات، نجيب العمراني، إن الأحزاب تحاول أن تظهر بمظهر متطور وأنها تساير المستجدات التكنولوجية وعالم الإنترنيت والشبكات الاجتماعية، وتسعى لاستغلال ما تعتبره إمكانيات وفرص لاستقطاب فئة الشباب على وجه الخصوص، والفئات الاجتماعية التي تتعامل مع الهواتف الذكية والتطبيقات الذكية للمواقع الاجتماعية. وأورد العمراني، في تصريح ل"هسبريس"، أن "الأحزاب السياسية من حقها أن تلجأ لكل الوسائل القانونية التي يكفلها لها المشرع، لكن ليس من حقها أن تستغل البيانات ذات الطابع الشخصي دون موافقة أصحابها"، مضيفا "لقد لاحظنا خلال هذه الحملة الانتخابية استغلالا فاضحا للبيانات الشخصية للمواطنين، إذ توصل العديد منهم برسائل هاتفية قصيرة على هواتفهم النقالة في الوقت الذي يعلم فيه الجميع أن هذه الأرقام هي شخصية وغير متوفرة في أي دليل عمومي". وأشار المتخصص في تكنولوجيا الاتصال إلى أن الحصول على منصة بيانات الأرقام الهاتفية النقالة لا يمكن أن يتم بسهولة إلا إذا تم ذلك عبر طرق غير قانونية، وهو ما يضع هذه الأحزاب والشركات التي اشتغلت معها، محط مساءلة أخلاقية وقانونية حقيقية. وتساءل نجيب العمراني عن الدور الذي من المفروض أن تلعبه اللجنة الوطنية لحماية المعطيات الشخصية، مؤكدا أنها كانت غائبة بكل ما تحمله الكلمة من معنى. وقد وافقه الرأي مدير مكتب الدراسات في تكنولوجيا المعلومات والخبير في الشبكات الاجتماعية، مروان هرماش، الذي أوضح أن "اللجنة الوطنية لحماية المعطيات الشخصية لم تقم بعملها في مجال ضمان الأمن المعلوماتي للمواطنين". خرق سافر وأورد هرماش، في تصريح خص به "هسبريس"، أن هناك مجموعة من المرشحين اشتروا منصات بيانات شخصية تتضمن البريد الإلكتروني والأرقام الهاتفية الخاصة بالأشخاص من شركات لا تحترم قانون حماية المعطيات الشخصية، وشرعوا في بعث رسائلهم الانتخابية بشكل عشوائي لا يحترم القانون رقم 08.09 المتعلق بحماية البيانات الشخصية للمواطنين، وقال "بعض الأحزاب المغربية خرقت القانون بشكل سافر". وأضاف الخبير في الشبكات الاجتماعية "تصوروا معي حتى وزارة الداخلية لا تتوفر في قواعد بيانات اللوائح الانتخابية التي تسلمها للمرشحين، على البريد الإلكتروني أو رقم الهاتف، وهو ما يؤكد أنهم تجاوزوا القانون عند لجوئهم إلى هذه التقنية". وأشار إلى أن "وزارة الداخلية تمنح لوائح المقيدين في اللوائح الانتخابية تتضمن الأسماء الشخصية والعائلية للناخبين وعناوينهم فقط. فكيف إذن تمكنت مجموعة من المرشحين من الحصول على المعطيات الشخصية للناحبين والبعث برسائل هاتفية قصيرة وإلكترونية؟ والغريب أن منهم من عمل بطريقة غير ذكية، وبعث برسائل لأناس غير مقيمين في دوائرهم الانتخابية".