هل بات الحديث عن فتح وحدات جديدة للبحث العلمي تعنى بالترجمة التقنية والعلمية لفائدة الباحثين المغاربة في سلك الدكتوراه بكليات العلوم و الطب و مدارس الهندسة حاجة ملحة اليوم في خضم الانفتاح الذي ستعرفه الجامعة المغربية على التدريس باللغات العربية والإنجليزية؟ حاليا يتوفر المغرب على ترسانة هامة من خريجي مدارس الترجمة، لاسيما مدرسة الملك فهد العليا للترجمة ولسوء الحظ فإن بعضهم لم يتوفق في الحصول على عمل وأجبرته الظروف على البطالة أو مزاولة مهنة أخرى. ومن جهة أخرى، هناك طلب كبير على أساتذة الترجمة بدول الخليج، وخصوصا المملكة العربية السعودية التي ما فتئت على توظيف دكاترة مغاربة في عدة تخصصات ونحييها بالمناسبة على هذا العمل الجبار و نشدد على روح الأخوة التي تجمع المغاربة بإخوانهم في المملكة العربية السعودية. إن الممارسة الترجمية الحالية تعاني من نقص حاد في ترجمة الكتب إلى اللغتين العربية والأمازيغية و لن يتأتى ذلك إلى بإنشاء مؤسسة وطنية تهتم بترجمة الكتب و نشرها حسب الحاجة المغربية لذلك. وكذلك إنعاش حركة الترجمة من اللغات المغربية إلى اللغات الأجنبية لإيصال الثقافة المغربية إلى الخارج وتعريف القارئ الأجنبي بخصائص المغرب الثقافية وميزاته الجغرافية سعيا إلى إنعاش السياحة الثقافية و أيضا كسب ود الشعوب الأخرى للقضايا الجوهرية التي تمس المجتمع المغربي في الصميم كقضية الوحدة الترابية للمغرب. إن النخب لها تأثير كبير على صناعة الرأي العام ومن تم وجب استهدافها.كذلك قد تعمل هذه المؤسسة على تنشيط حركة الترجمة ما بين العربية و الأمازيغية لغرض تفعيل التواصل وحوار الحضارتين العربية والأمازيغية وتحقيق الانسجام التام بينهما والمثاقفة. قد يتألف المركز المغربي للثقافة والترجمة من ثلاثة أقسام علمية رئيسية. قسم الترجمة العربية ويهدف إلى ترجمة العلوم بمختلف أنواعها والمقررات الدراسية الجامعية إلى العربية و تكون له عدة مصالح حسب نوعية النشاط. والقسم الثاني يهتم بالترجمة إلى الأمازيغية.أما القسم الأخير فيبتغي ترجمة الثقافة المغربية إلى اللغات الأجنبية في إطار الدبلوماسية الثقافية وتصحيح الصورة التي يتم تداولها حول المغرب والتمهيد كذلك للتعاون السياسي والاقتصادي مع الدول الأخرى.و قد يعمل كذلك المركز على نشر بحوث تتعلق بالترجمة وتنظيم ندوات وأنشطة تهم شأن الترجمة بالمغرب. ولربما قد يتم التفكير في إعادة تقييم أداء معهد الدراسات والتعريب وتفعيل أداءه وتغيير نمط عمله تجاه البحث في الترجمة والثقافة وتعويضه بمؤسسة جديدة ذات أبعاد تعنى بالترجمة والثقافة بالدرجة الأولى في إطار مركز ثقافي متخصص في الترجمة والثقافة يعمل على التنسيق بين مدارس الترجمة في المغرب وكليات العلوم والتقنيات والطب والهندسة لتحفيز البحث العلمي في ميداني الترجمة التقنية و العلمية على اعتبار أن معايرة اللغة العربية والبحث في علومها هو من نصيب أكاديمية محمد السادس للغة العربية.وعلى صعيد آخر، نلمس ضعف أداء جمعيات الترجمة فيما يخص ترجمة الكتب،بل حتى المقررات الدراسية بمدارس الترجمة لا تفرض على الطلبة ترجمة الكتب وأحيانا يتعاون عدد كبير من الطلبة في ترجمة كتاب واحد وهذا لا يشجع طالب الترجمة في الغوص عميقا في ترجمة الكتب والمؤلفات. الأمر الذي يتطلب إعادة النظر في تكوينات الترجمة وإخضاعها للتقييم والمراقبة. إن ترجمة عشرين أو ثلاثين صفحة في إطار المشروع الدراسي غير مشجعة بتاتا فعلى الأقل ينبغي على الطالب أن يترجم كتابا بصفة فردية مما يساعده على ترجمة كتب أخرى وكذلك تقوية فرص الحصول على الشغل، خصوصا أن السوق العربية والدولية تعج بالمنافسين الأقوياء من عدة أقطار عربية. وما على واضعي برامج الترجمة سوى التأكيد على إجبارية ترجمة الكتب بصفة فردية أثناء فترة التكوين ونشرها.وهذا لا يعني أن التكوين بهذه المدارس ضعيف فمدرسة الملك فهد العليا للترجمة تضم خيرة أساتذة الترجمة بالمغرب ولها شركات مع مؤسسات أخرى في عدة دول. -باحث في الترجمة والثقافة