"الخدمة العسكرية"..الإحصاء يشارف على الانتهاء وآفاق "واعدة" تنتظر المرشحين    تفاقم "جحيم" المرور في شوارع طنجة يدفع السلطات للتخطيط لفتح مسالك طرقية جديدة    جماهري يكتب.. 7 مخاوف أمنية تقرب فرنسا من المغرب    "صحة غزة": ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 34 ألفا و262    مبادرة مغربية تراسل سفراء دول غربية للمطالبة بوقف دعم الكيان الصهيوني وفرض وقف فوري للحرب على غزة    أحزاب الأغلبية تحسم الانتخابات الجزئية بفاس وبنسليمان لصالحها و"البيجيدي" يشكو تدخل المال    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    طنجة.. توقيف متهم بالمس بنظم المعالجة الآلية للمعطيات الرقمية بحوزته 2077 شريحة هاتفية    حيوان غريب يتجول في مدينة مغربية يثير الجدل    اختتام فعاليات الويكاند المسرحي الثالث بآيت ورير    دراسة تبيّن وجود صلة بين بعض المستحلبات وخطر الإصابة بمرض السكري    المغرب وإسبانيا .. استجابات مشتركة لتحديات التغير المناخي    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    مفوض حقوق الإنسان يشعر "بالذعر" من تقارير المقابر الجماعية في مستشفيات غزة    اتجاه إلى تأجيل كأس الأمم الإفريقية المغرب 2025 إلى غاية يناير 2026    انتقادات تلاحق المدرب تين هاغ بسبب أمرابط    الموت يفجع شيماء عبد العزيز    بنسعيد يبحث حماية التراث الثقافي وفن العيش المغربي بجنيف    جلسة قرائية تحتفي ب"ثربانتس" باليوم العالمي للكتاب    في شأن الجدل القائم حول مدونة الأسرة بالمغرب: الجزء الأول    المنتخب الوطني الأولمبي يخوض تجمعا إعداديا مغلقا استعدادا لأولمبياد باريس 2024    أسعار الذهب تواصل الانخفاض    إساءات عنصرية ضد نجم المنتخب المغربي    وزير إسباني : المغرب-إسبانيا.. استجابات مشتركة لتحديات التغير المناخي    "الراصد الوطني للنشر والقراءة" في ضيافة ثانوية الشريف الرضي الإعدادية بعرباوة    أساتذة جامعة ابن زهر يرفضون إجراءات وزارة التعليم العالي في حق طلبة الطب    صدور رواية "أحاسيس وصور" للكاتب المغربي مصطفى إسماعيلي    هل تحول الاتحاد المغاربي إلى اتحاد جزائري؟    "إل إسبانيول": أجهزة الأمن البلجيكية غادي تعين ضابط اتصال استخباراتي ف المغرب وها علاش    شركة Foundever تفتتح منشأة جديدة في الرباط    نوفلار تطلق رسميا خطها الجديد الدار البيضاء – تونس    للمرة الثانية فيومين.. الخارجية الروسية استقبلات سفير الدزاير وهدرو على نزاع الصحرا    إقليم فجيج/تنمية بشرية.. برمجة 49 مشروعا بأزيد من 32 مليون درهم برسم 2024    تفكيك عصابة فمراكش متخصصة فكريساج الموطورات    بنموسى…جميع الأقسام الدراسية سيتم تجهيزها مستقبلا بركن للمطالعة    الكونغرس يقر مساعدات لأوكرانيا وإسرائيل    "نسب الطفل بين أسباب التخلي وهشاشة التبني"    تخفيضات استثنائية.. العربية للطيران تعلن عن تذاكر تبدأ من 259 درهما على 150 ألف مقعد    رئيس الوزراء الأسترالي يصف إيلون ماسك ب "الملياردير المتغطرس"    نانسي بيلوسي وصفات نتنياهو بالعقبة للي واقفة قدام السلام.. وطلبات منو الاستقالة    بطولة انجلترا: أرسنال ينفرد مؤقتا بالصدارة بعد فوز كبير على تشلسي 5-0    كأس إيطاليا: يوفنتوس يتأهل للمباراة النهائية على حساب لاتسيو    توفيق الجوهري يدخل عالم الأستاذية في مجال تدريب الامن الخاص    الصين تدرس مراجعة قانون مكافحة غسيل الأموال    الولايات المتحدة.. مصرع شخصين إثر تحطم طائرة شحن في ألاسكا    الصين: أكثر من 1,12 مليار شخص يتوفرون على شهادات إلكترونية للتأمين الصحي    إيلا كذب عليك عرفي راكي خايبة.. دراسة: الدراري مكيكذبوش مللي كي كونو يهضرو مع بنت زوينة        لقاء يستحضر مسار السوسيولوجي محمد جسوس من القرويين إلى "برينستون"    حزب الله يشن أعمق هجوم في إسرائيل منذ 7 أكتوبر.. والاحتلال يستعد لاجتياح رفح    إليك أبرز أمراض فصل الربيع وكيفية الوقاية منها    الملكية الفكرية تدعم جميع جوانب الحياة في المغرب، بما في ذلك الزليج    الأمثال العامية بتطوان... (580)    الإيمان القوي بعودة بودريقة! يجب على الرجاء البيضاوي ومقاطعة مرس السلطان والبرلمان أن يذهبوا إليه    آيت طالب: أمراض القلب والسكري والسرطان والجهاز التنفسي مزال كتشكل خطر فالمغرب..85 في المائة من الوفيات بسبابها    العلاج بالحميات الغذائية الوسيلة الفعالة للشفاء من القولون العصبي    هذه هي الرياضات المناسبة إذا كنت تعاني من آلام الظهر    كيف أشرح اللاهوت لابني ؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



انتفاضة البوليس -الجزء الثاني-
نشر في هسبريس يوم 11 - 10 - 2007


بوليس يجابهون الإرهاب بجيوب مثقوبة
التقيت عمر، رفيق الصبا الذي انخرط في سلك الشرطة منذ سنوات، الإيقاع الصاخب للمدينة شتت رفاق الدرس واللقاءات السريعة وسط الزحام مع أصدقاء المدرسة، حيث تعود الذاكرة إلى الوراء .
لم يبد على الرجل تغير كبير، فرغم أنه جاوز الرابعة والثلاثين سنة من عمره، فملامح عمر ما تزال هي نفسها، نحيف كسيجارة"ماركيز"، ترتديه بزة رسمية يحكم شد سروالها، وبين الفينة والأخرى يتحسس جراب مسدسه الجلدي الأسود، ويهز سرواله محاولا تسوية هندامه ليستوي مع جسده النحيل.
بالنسبة إليه الترقية الأخيرة جاءت لتشعل نار الفتنة بين صفوف رجال الأمن، وقال جازما ل "المشعل" إن زملاءه متذمرون للغاية، وكل يوم يستعجلون انتهاء حصة عملهم للعودة إلى منازلهم وعندما سألناه عن أوضاع البوليس حاليا، رد باستخفاف قائلا" آش من بوليس الله يهديك، بقا غيرعدي دابا، أما البوليس الله يرحمو قتلوه بتمارة والحزقة".
وقالت مصادر أخرى إن رجال الأمن في المغرب صاروا يعيشون وضعا خاصا كأنهم في طنجرة ضغط قابلين في أية لحظة للانفجار أو الإقدام على الانتحار أو تهديد الرؤساء بمسدسات ذات رصاص حي كما حدث في مفوضية شرطة طنجة، عندما أقدم رجل شرطة غاضب من نظام الترقية الأخير بإطلاق عيار ناري من مسدسه المهني على رئيسه، الذي يعتقد أنه ظلمه في التنقيط وحال دون حصول الشرطي على الترقية إسوة بزملاء له في نفس المفوضية.
وقلل مصدر مقرب من وزارة الداخلية من موجة الاستياء العارمة في صفوف رجال الأمن الوطني، مشيرا إلى أن بعض وسائل الإعلام تهوى التضخيم، وتحاول تحقيق انتشار أكبر بتناولها لملف ترقية رجال الأمن المغاربة، مشددا على روح الإنضباط العالية التي يتمتع بها رجال الأمن والتي تحول دون انخراطهم في حركات احتجاجية ممنوعة عليهم بقوة القانون.
أن تكون شرطيا في المغرب وتعيش وضعية مادية ومهنية هي أقرب للحضيض منها للشروط الصحية، فمعناه أنك لا تملك سوى الصبر والانتظار أو الانخراط في نقابة مغربية، بدأت معالمها تتشكل في الأفق، ويعود الفضل للأنترنيت لتسهيل التواصل بين مؤسيسها وباقي الهياكل في وزارة الداخلية من رجال الأمن مهما كانت رتبهم.
هكذا صار موقع http://police-maroc.ifrance.com/ وتواجه لجنة الترقية بالإدارة العامة للأمن الوطني، التي كانت بدأت أشغالها في27 يوليوز الماضي،موجة انتقادات حادة تتهمها بالتلاعب في بعض الملفات وعدم اعتماد الأقدمية كقاعدة لتحديد لائحة المستفيدين، الذين بلغ عددهم في الأخير عدة آلاف.
والدولة التي انتبهت أخيرا لوضعية رجال الأمن و قررت ترقية 7820 من موظفي أسرة الأمن الوطني، وجدت نفسها في وضع حرج بعد أن ثار رجال الأمن ضد هذه الترقية واعتبروها مجحفة في حقهم، وأعلنوا عصيانا في وجدة، يتوقع أن يعم مدنا أخرى إذا استمر الوضع على ما هو عليه.
ترقيات غير منصفة وأوضاع مهنية مزرية
هكذا جاء تمرد رجال الأمن بوجدة
مسيرة ببوعرفة وإطلاق رصاص بالناظور ووقفة وعصيان بوجدة
احتج أكثر من 130 رجلأمن بوجدة، واعتصموا داخل مقر ولاية الأمن، على الحيف الذي لحقهم جراءنتائج الترقية التي اعتمدتها الإدارة العامة للأمن الوطني مؤخرا، والتي جاءتهم بصفعة جديدة بعد طول انتظار للذي يأتي ولا يأتي مادامت الإدارة العامةالجديدة مازالت تعتمد على بعض المسؤولين التابعين فكريا للإدارة العامة السابقة، ومعلوم أنه استفاد حوالي 500 رجل أمن بولاية أمن وجدة وحُرِم أكثر من 300 عنصر من الترقية، رغم توفرهم على جميع الشروط المحددة في النظام الأساسي لرجال الأمن ..
وعندما توجه المحتجون إلى المسؤول عنهم، طالبهم هذا الأخير بتعيين عشرة منهم للحوار، رفضوا ذلك بحجة أن كل واحد منهم يمثل حالة خاصة، وما عليه سوى نقل تذمرهم واحتجاجهم للإدارة العامة التي يمثلها أمامهم، فطلب منهم المسؤول التوجه للرباط من خلال طلب مقابلة خاصة مع المدير العام، ومن ثم نقل احتجاجهم وسخطهم مباشرة له.
من جهة أخرى، أكد لنا العديد من رجال الأمن، أنهم استغربوا لإعلان الإدارة العامة عن لائحة الترقيات ليلة الانتخابات التشريعية، عوض ما وَعدت به سابقا بأن الإعلان سيكون بعد الانتخابات وليس قبلها..
وحسب رجال الأمن، فإن هندسة الترقية الجديدة يقف من ورائها لوبي قوي بالإدارة العامة، لا يرغب في تنفيذ التعليمات الملكية الخاصة بمشاكل وهموم عناصر الأمن الوطني.
كما قام رجال الأمن العاملين بإقليم بوعرفة/فجيج، بمسيرة احتجاجية كرد فعل على الخروقات التي شابت لائحة الترقيات، وهو الأمر الذي دفع عددا كبيرا من المسؤولين الأمنيين بولاية أمن وجدة للتنقل إلى عين المكان، لتهدئة الوضع والحيلولة دون القيام بالمسيرة المقررة، التي كانت ستكون أول مسيرة احتجاجية لرجال الأمن بالمغرب وسابقة في العالم العربي والإسلامي، هذا وتعتبر المنطقة الأمنية لبوعرفة/ فجيج كمنطقة عقاب وتأديب لرجال الأمن (غالبا ما تكون العقوبة ظلما وعدوانا)..أو إقدام أحد رجال الأمن بالناظور بإطلاق الرصاص تعبيرا عن احتجاجه وسخطه عن الترقية الأخيرة، حيث أطلق - حسب مسؤول أمني بالأمن الإقليمي بالناظور - ثلاثة عيارات نارية في الهواء ورصاصة رابعة من مسدسه عند باب منزله، ليتم بعد ذلك اعتقاله، كما قررت الإدارة العامة للأمن الوطني فصله عن العمل الذي قضى به 13 سنة من الخدمة دون أن يحظى بالترقية التي رأى أنه جدير بها، مما اعتبره إقصاء غير مبرر جعله يفقد السيطرة على أعصابه (خاصة وأنه كان في حالة غير طبيعية).
حلول لجنة مركزية من الإدارة العامة بوجدة في 14/09/2007 تتكون من ستة مسؤولين يترأسهم مدير الموارد البشرية عبد العزيز السامل، لم تنجح في امتصاص غضب المقصيين المحتجين ومحاولة إبعاد المسؤولية عن مديرية الموارد البشرية بالإدارة العامة لإلصاقها بالمصلحة الولائية للموظفين بولاية أمن وجدة، وكذلك لم تتمكن من إقناع المحتجين، بإمكانية استدراك الخطأ الصادر عن الإدارة العامة والذي مس أكثر من 300 شرطي حسب نظام الكوطا، عبر تحويل بعض المناصب الشاغرة وتصريفها للبعض ممن تم إغفالهم، مع الالتزام بمقتضيات النظام الأساسي لرجال الأمن ..حيث قام حوالي 80 رجل أمن في 19/09/2007 بإضراب عن العمل بواسطة المقاطعة العلنية للالتزام بالأمر اليومي، الذي يعاقب عليه بالتشطيب حسب القانون الداخلي للأمن الوطني، وهو"التمرد/الاحتجاجي" الثاني الذي أربك ولاية الأمن، هذه الأخيرة التي رغم ترغيبها وترهيبها، لم تفلح في امتثال المحتجين لواجب الأمر اليومي، مما اضطرت معه لإخبار الإدارة العامة بهذه السابقة بمدينة وجدة، حيث حلت لجنة مركزية أخرى أكثر أهمية من الأولى بأمر من المدير العام للتحقيق في أسباب عصيان رجاله، ومدى أحقية المستفيدين من الترقية الأخيرة من عدمه، زيادة على دراسة جميع الاحتمالات التي تكون وراء عصيان رجال الأمن، وهي النقطة التي يكون قد حاول الإجابة عنها والي الأمن ..
أحد رجال الأمن من المقصيين من الترقية تساءل "كيف يعقل أن يستفيد رجل أمن أحيل على التقاعد، وإهمال الشرطي الذي يشتغل في الميدان؟ وكيف يعقل أن يستفيد رجل أمن قضى في المهنة أقل من ست سنوات وإهمال رجال الأمن الذين قضوا أزيد من عشر سنوات في نفس الرتبة؟"، وأضاف شرطي آخر صرح "أن الحكرة ونظام السخرة، هما المعمول بهما في مختلف الولايات والمناطق الأمنية، وخاصة بولاية أمن الجهة الشرقية التي تتحكم في مصير رجال الأمن بالجهة الشرقية، ولا أدل على ذلك ما قام به والي الأمن قبل صدور لائحة الترقيات الأخيرة من تنقيل في إطار المصلحة لأكثر من 40 رجل أمن من وجدة نحو بركان وتاوريرت، دون النظر ومراعاة أوضاعهم العائلية أو الصحية، ودون أن يكلف نفسه عناء الاستفسار عن الراغبين أو المتطوعين لهذا الانتقال التعسفي وغير الإنساني، كما أن العديد من رجال الأمن وبمختلف رتبهم لم يسلموا من تعسف والي الأمن الذي لا يعجبه العجب"..
من جهة أخرى، أكد لنا أحد المسؤولين الأمنيين بالناظور أن "ما وقع في عملية الترقيات الأخيرة بالنسبة لرجال الأمن لم يكن بريئا، وإنما بفعل فاعل بالإدارة العامة، أتقن خطته وحبكها ببراعة محترفة، وبمساعدة بعض المسؤولين الأمنيين بوجدة وبوعرفة وكذا بعض رجال الإعلام بالجهة الشرقية، ممن عرفوا بعلاقاتهم المميزة مع والي الأمن..وذلك بغرض توريط المدير العام الجديد في ما وقع عبرتحميل مسؤولية خطأ الإقصاء لرئيس المصلحة الولائية للموظفين بولاية وجدة، هذا الأخير الذي يعتبر من أصدقاء المدير العام حتى قبل تعيينه على رأس الأمن الوطني..زيادة - يضيف نفس المسؤول - أنه لولا الروح الوطنية العالية التي يتمتع بها رجال الأمن، لكانت الانتخابات التشريعية الأخيرة كارثية لو انساق رجال الأمن مع من خطط لعصيانهم الوطني الجماعي يوم 7 شتنبر 2007، مادام أن صاحب اللائحة المشؤومة والمسمومة قد تعمد في إخراجها ونشرها على عموم رجال الشرطة ليلة الانتخابات التشريعية..".
ولحد كتابة هذه السطور مازال الوضع على ما هو عليه، وعلى "المتضرر أن يهز أكف الضراعة إلى العلي القدير، ولم يبق لنا غير انتظار تدخل ملكي سامي، مادام المدير العام عاجزا عن القضاء على جيوب مقاومة التعليمات الملكية الخاصة بوضعية نساء ورجال الأمن، ممن التقت مصالحهم مع من كان يسعى ومن بعيد لإفساد العملية الانتخابية"، يستنتج مسؤول أمني آخر بوجدة ممن استفادوا من المغادرة الطوعية.
بقي أن نشير إلى أن رجال الأمن المحرومين من الترقية يعتزمون تنظيم أشكال أخرى من الاحتجاجات السلمية والحضارية، وبالتصعيد عبر مراحل، وكذا الانخراط الفعلي في الموقع الإلكتروني الجديد الذي أطلقه مؤخرا بعض رجال الشرطة الساخطين على الوضعية المزرية بصفة عامة لرجال الأمن.
مشادة كلامية بين السامل وبلحفيظ في وجدة
"ما قدهم فيل بلحفيظ زادوهم فيلة الترقيات ليلة الانتخابات"
أكد لنا مصدر أمني مسؤول بولاية أمن وجدة، أن مواجهة طريفة وقعت بين مدير المصلحة المركزية للموارد البشرية السامل ووالي أمن ولاية وجدة بلحفيظ، حول ما يناهز 40 شرطيا نقلهم والي الأمن، في ظروف أقل ما يقال عنها إنها تعسفية إلى مدينتي بركان وتاوريرت، والذي كان من بينهم من احتج على عدم ترقيته، وكذلك على الظروف المزرية التي يعيشها متنقلا بين عمله في إحدى تلك المدينتين وعائلته بوجدة..
حيث خاطب السامل بلحفيظ (فيما معناه)، أمام رجال الأمن المحتجين، ب "ماذا قلت لي عن رجال الأمن المحولين من التدخل السريع إلى الأمن العمومي بوجدة؟"، ليجيبه بلحفيظ "قلت لكم بأنهم عندي ضمن الفائض"، فرد عليه السامل "أعطيتك صلاحية التصرف فيهم شريطة مراعاة ظروفهم وأوضاعهم الاجتماعية"..
وطبعا تم تنقيلهم دون مراعاة حتى الجانب الإنساني، وهو ما يتحمل وزره - حسب مصدرنا - والي الأمن وكذا مدير الموارد البشرية الذي لا تخفى عنه خافية عن الوضعية الاجتماعية لرجال الأمن بكامل التراب الوطني.
وختم مصدرنا بتعليق ساخر يروج حاليا بين رجال أمن الجهة الشرقية: "ما قدهم فيل بلحفيظ زادوهم فيلة الترقيات ليلة الانتخابات".
نقابة الكترونية لرجال الأمن
موقع رجال الأمن الإلكتروني متنفس لتصريف الغضب وكشف المستور
فكر مجموعة من رجال الأمن المتنورين والغاضبين على الوضع الذي تعيشه "بروليتاريا" الأجهزة الأمنية في إحداث موقع على شبكة الانترنيت، ليكون لسان حال المتذمرين وفضاءا للتعبير عن أوضاعهم المهنية والاجتماعية ما دامت لا توجد أية جهة تقوم بالتنديد بالظلم الذي يتعرضون له في ظل سيادة تهديد مسؤولين متعجرفين كلما توصلوا بما يفيد تذمر أوسع فئات رجال الأمن وعرض الشكاوى وما يريدون تبليغه لمن يهمهم الأمر.
إن هذا الموقع يدعو رجال الأمن للتعبير عن همومهم وطموحاتهم إلى حياة كريمة لهم ولأسرهم بعيدا عن الاتهام بالرشوة والارتشاء أو التسول، وعرض ما يحلمون به لتحقيق ذواتهم والنهوض بالمهنة التي يزاولونها.
وبدأ اهتمام الكثيرين بهذا الموقع بعد أن فتحت تداعيات الترقية الداخلية الأخيرة الأبواب على مصراعيها لبروز سخط وتذمر رجال ونساء الأمن وظهرت تجليات غضبهم المستطير.
فحتى الأمس القريب كان رجال الأمن لا يستطيعون التعبير عن سخطهم وغضبهم إلا بالمرموز، أما اليوم، فأضحى من الممكن أن يعبروا عن سخطهم إلى حد المطالبة بإحداث نقابة للدفاع عن حقوقهم بل وصل بعضهم إلى حد الامتناع عن العمل والتفكير والعصيان.
مؤخرا كسر رجال الأمن الصمت وجدار الخوف للجهر بغضبهم المستطير بفعل الحيف الإداري وتردي أوضاعهم الاجتماعية، وقد أوشك التذمر والغضب الشديدان على التحول إلى عصيان وتوقف عن العمل في بعض الجهات بالبلاد
نحن أهل الدار ونعلم المستور
انطلق موقع http://police-maroc.ifrance.com وهو موقع الأمن الوطني غير الرسمي، في منتصف شهر شتنبر الماضي.
ويقر المشرفون عليه أن بحوزتهم معطيات دقيقة عما قام به عبد العزيز السامل، مدير الموارد البشرية، بخصوص الترقيات والانتقالات والمباريات التي تنظمها إدارة الأمن، وجملة من التجاوزات التي اقترفتها المصلحة التي يشرف عليها.
كما يؤكدون على أنهم من أهل الدار وبحوزتهم معلومات عن كل واحد، ويعرفون حق المعرفة كيف كان مشوار كل واحد من المسؤولين، وإلى أين وصل الآن؟ وبأية طريقة؟ وأغلب هؤلاء من ذوي الرتب العليا حاليا، ويتعين على الكثير منهم أن يخجلوا من أنفسهم كلما صادفوا أمامهم رجل أمن برتبة حارس أمن حاصل على الإجازة، فيما هم لم يحصلوا حتى على الشهادة الإعدادية، ومن ضمنهم من تسلقوا الرتب بتوصيات من زوجاتهم ومن يتملقون لهم.
وقد وعد المشرفون على الموقع أن الوقت سيحين لكشف كل الفضائح في هذا المضمار.
ويضيفون كان من الأولى للمدير العام للأمن الوطني أن يختار طريق تجميد ترقية ذوي الرتب العليا الذين راكموا الثروات، كما أوصى بذلك الملك محمد السادس، على الأقل لتمكين بعض صغار رجال ونساء الأمن من المزيد من الدريهمات، كزيادة مخجلة أصلا في رواتبهم الزهيدة.
والمشرفون على الموقع هم بصدد إعداد العدة لنشر الغسيل القذر لإسقاط الأقنعة عن وجوه كل الذين يضعون أصابعهم في آذانهم حتى لا يسمعوا آهات المسحوقين، وحتى يستمروا في جني الثمار المرة (رغم حلاوتها الظاهرة) التي يأكلون منها ويطعمون بها ذويهم، وهي ثمار مرة لأنها مستقاة من دماء وعرق المقهورين من رجال ونساء الأمن.
ويزداد إصرار المشرفين على ذلك في وقت لا يلمسون فيه أية نية حسنة في تغيير الأمور للنهوض بقطاع الأمن الذي تم إفساده على مر السنين، حتى أضحى قطاعا تدبر أموره مزاجية قبلية وعقلية استعبادية جديرة بالعصور الغابرة.
فقطاع الأمن الوطني كان دوما ضحية مجموعة من الانتهازيين والوصوليين والعابثين بمصالح أفراد الأمن، الشيء الذي انعكس سلبا وبجلاء على تطوره على الرغم من عمليات التجميل.
ومن مظاهر الاستياء، أن بعض رجال الأمن اختاروا وضع حد لحياتهم بسبب ضغوطات نفسية تعرضوا لها، سواء أثناء مزاولة عملهم أو بين ظهراني أسرهم.
ويقر المشرفون على الموقع أنهم لا يستبعدون اللجوء إلى المنظمات الحقوقية الدولية، باعتبار أنه مازال غائبا عن ذهن القائمين على أمور الأمن الوطني أن رؤيتهم أضحت متجاوزة، فهم وحدهم الذين يظنون أن صغار رجال الأمن مجرد قطعان لا خيار لهم سوى الرضوخ للأمر الواقع والقبول بكل أشكال الإهانة والظلم والحيف، علما أن هذا الخلل كان مقصودا وتمكن من الاستفادة منه ذوو الرواتب العليا خصوصا، وعلى حساب الفئات الصغرى.
ولعل أبرز مثال على هذا، تعيين مسؤول في رتبة عميد إقليمي ليجد نفسه مراقبا عاما بعد ثلاث سنوات أو أربعة، في حين يفرض على حارس أمن قضاء اثني عشرة سنة في رتبته الدنيا، ونفس الشيء بالنسبة لباقي الرتب.
الترقية الأخيرة أججت الغضب وفتحت الأبواب على كل الاحتمالات
خلقت الترقية الداخلية الأخيرة الخاصة برجال الأمن الوطني ردود فعل متباينة تمحورت بالأساس حول الشعور بالغبن والظلم، وسقطت تداعيات هذه الترقية كالصدمة على رجال ونساء الأمن بفعل عدم نزاهتها وعدم مصداقيتها والتلاعبات التي طالتها. وإن هذه الترقية، في نظرهم، جاءت لتكريس المزيد من الفوارق الاجتماعية بين العاملين في سلك الأمن، وبينت أن الوعود السابقة كانت ضحكا على الذقون والاستهلاك الخارجي ومجرد مكر لمحاولة امتصاص غضب رجال الأمن وتذمرهم الذي بلغ درجة لم يسبق لها مثيل.
لقد أثارت الترقية الأخيرة سخطا كبيرا لما شابها من ظلم وحيف في صفوف الكثير من رجال الأمن، لاسيما وأنه سبق أن كشف أحد المصادر أن الملك محمد السادس أعطى تعليماته بترقية صغار رجال الأمن دون أصحاب الرواتب العليا بغية تقليص الهوة الشاسعة بين أدنى الرواتب وأعلاها، إلا أن النتيجة كانت معاكسة لتلك التعليمات، إذ اهتمت الترقية بذوي الرواتب العليا قبل اهتمامها بأصحاب الرواتب الدنيا، علاوة على أن الذين استفادوا منها، تمكنوا من ذلك بواسطة الزبونية وعلاقات القرابة مما ساهم في تأجيج غضب وسخط صغار رجال الأمن، إذ تم إقصاء العديدين ممن يستحقون الترقية قبل الذين استفادوا منها.
إن مجموع المرشحين للترقية بلغ 40140 عنصرا، في حين إن عدد المناصب المتوفرة لم يتجاوز 8867، ولم يستفد في نهاية المطاف من الترقية الأخيرة إلا 8754 رجل أمن، ولم يستفد منها إلا 220 حارس أمن، وهذا ما اعتبره رجال الأمن حيفا وجورا. وكان من المفترض أن يستفيد كل موظف أمن قضى المدة المطلوبة في رتبته من الترقي إلى المرتبة الأعلى.
فهل النزاهة والمصداقية والشفافية تقتضي أن يقضي حارس أمن اثني عشر عاما في نفس الرتبة، في حين لا يمكث ذوو الرتب العليا في رتبهم سوى بضع سنوات لا تتجاوز ثلاث أو أربع سنوات.
وهذا ما دفع الكثير من رجال الأمن للمطالبة بإعادة النظر في نظام الترقية المعتمد، ما دام لا يمت بصلة لأدنى قواعد المصداقية والنزاهة ويتجاهل حالة الموظفين البسطاء مع سبق الإصرار والترصد.
كاد رجال ونساء الأمن أن يجمعوا على أن الترقية الأخيرة تمت على هامش الضوابط القانونية، واتخذت القرارات بخصوصها بطريقة عشوائية غابت فيها الروح المهنية والمسؤولية وضربت عرض الحائط بكل المعايير.
إن القاعدة، حسب أهل الدار، التي حكمت الترقية الأخيرة، هي الرامية للمزيد من قذف المحظوظين إلى أعلى المراتب وإبقاء السواد الأعظم من رجال ونساء الأمن أسفل سافلين.
فلم تهم الترقية إلا 22 بالمائة من رجال الأمن المستحقين لهذا الحق بفعل محدودية المناصب المالية، وبذلك تكون الدولة قد صمتت دهرا لتنطق بظلم وحيف في حق رجال ونساء الأمن، وكان الأولى أن تظل صامتة تلافيا لتصعيد درجة التذمر والسخط، والتي من شأنها أن تؤدي إلى ما لا يحمد عقباه.
فالميزانية عندنا لا تسمح بتمكين رجال الأمن من حقوقهم المشروعة/ لكنها تسمح بجرة قلم بتوفير الامتيازات وتكريس اقتصاد الريع و"زيادة الشحمة في..." وتبدير الأموال في المهرجانات والبهرجة والحفلات الماجنة... هذا ما زاد من غضب رجال ونساء الأمن.
وعموما كشفت عملية الترقية الأخيرة من جديد عقلية القائمين على أمور الأمن الوطني، الذين يعتبرون أن الترقية منّة منهم تستوجب التوسل لنيلها وليست حقا أكيدا من الحقوق المشروعة للعاملين بصفوف الأمن. إن هذه العقلية ظلت تسعى إلى تكبيل سواد رجال ونساء الأمن وجعلهم فئة جائعة تنتظر من يجود عليها بعطاء.
ويظل حارس الأمن أكبر الضحايا
من أكبر ضحايا الترقية الداخلية الأخيرة حراس الأمن، لاسيما مع حذف رتبة مساعد مقدم، وبذلك عوض أن تحظى هذه الفئة بترقية إلى رتبة مقدم الشرطة بعد قضاء ست سنوات من الخدمة، كما ينص المرسوم الجاري به العمل، حكم عليهم بالبقاء في رتبهم لأكثر من اثني عشرة سنة، وهذا يعتبر ظلما وحيفا في كل الأعراف الإنسانية ما دام أجر حارس الأمن زهيد جدا ولا يقوى على الوفاء حتى بأبسط الحاجيات الحيوية لما يصطلح عليه بالعيش الكريم.
وفي هذا الصدد يقر المشرفون على موقع الأمن الوطني بشبكة الانترنيت أنهم يتوفرون على العديد من الملفات والفضائح ويضيفون: "لقد تعبنا من لعب دور قطعان الغنم، وأتعبنا أكثر رؤية رعاة البقر بربطات عنق وأحذية لامعة يصولون ويجولون كما يحلو لهم، متسلقين الرتب والدرجات باستخدام ظهور المرؤوسين الذين يفنون زهرة شبابهم في خدمة الأوهام التي يضيعون من أجلها حياتهم وحياة أبنائهم، لقد تعبنا من الوعود والكلام المعسول واستغلال قضيتنا في مختلف الصراعات.. لقد تعبنا من رؤية زوجاتنا وأطفالنا يعاتبوننا بصمت ولسان حالهم يقول لنا إننا نختلف عن بقية خلق الله، فلا نحن بشر ولا نحن آلات ولا نحن بهائم، ليس لنا تصنيف محدد، تارة مرتشون وتارة لصوص، وأخرى متسولون مساكين، أليس هذا ما سبق وأن صرح به الجنرال حميدو لعنيكري، في أول عدد من مجلة الشرطة (المطبوعة في صقلية) والتي تصرف عليها ملايين السنتيمات شهريا، إذ قال إنه جاء ليحارب الرشوة والتسول في صفوف الأمن الوطني؟
اللهم هذا منكر
اللهم هذا منكر..هكذا بدأ أحد حراس الأمن كلامه، قبل الاستمرار في حديثه..
عندما تكون شرطيا لا حول ولا قولة لك، وهذه هي وضعية الكثير من رجال ونساء الأمن، ولا تربطهم علاقة مع مسؤول أمني أو شخصية وازنة أو علاقة مصاهرة بعائلات كبيرة، فإنهم لا يرجون أي شيء من مشوارهم الوظيفي إلا المزيد من "تمارة" التي تضاعفت وتيرتها بالنسبة للذين لا يتقنون لغة التزلف والتملق ولعق الأحذية والتفنن في النفاق و" التبركيك" أو "دهن السير" بالرشاوى والعطايا.
فبمجرد أن يتخرج الشرطي العادي من المدرسة يصدمه واقع مرّ، ويولد لديه إحباط حتى قبل بداية الخدمة، حيث أن المحظوظين ومن يستندون على "ركيزة" يعينون في مدنهم أو المدن التي يختارونها، بل في المصالح التي يريدون العمل بها، خاصة تلك المصالح المرتبطة بالسيولة المالية المضمونة، أما الباقي فيكون نصيبهم مدن نائية أو مدن تلتهم كل رواتبهم.
وبعد مدة سينصحونك بملء طلب انتقال أو تبادل، لكن سرعان ما ستلاحظ أن مصير طلباتك هو الإهمال على امتداد سنوات، وستعاين أن هناك أشخاصا طلبوا الانتقال مرارا وتكرارا منذ سنين ولم ينالوا من حظهم إلا النسيان، وآخرون لم يمض عن تخرجهم سوى بضعة شهور أو سنة، حيث استجيب لطلباتهم.
كما أن الكثير من رجال الأمن مغضوب عليهم على الدوام، ولن تجد أسماؤهم طريقها إلى لوائح الترقية ولا لوائح الانتقال، وهؤلاء كثيرون.
التنقلات "ماكينة" ثراء المسؤولين
دأب الكثيرون على وصف الحركة الانتقالية في صفوف رجال ونساء الأمن بسوق مكنت العديد من المسؤولين من جمع ثروات مهمة، علما أنهم ظلوا يقدمونها كإجراء لمحاولة امتصاص غضب رجال الشرطة، لكنها وبفعل جشع المسؤولين، أنتجت عكس ما كانت تصبو إليه، إذ لم يطرأ عنها إلا المزيد من تأجيج الغضب المستشري وسط رجال الأمن.
وشكلت عملية التعيين وحركة الانتقال سلاحا بيد الرؤساء يستعملونه لإرضاء البعض أو معاقبة البعض الآخر، وكذلك وسيلة للاتجار والمتاجرة في طلبات الانتقال وتلبية رغبة من يدفع أكثر.
وبشهادة أهل الدار أضحت طلبات الانتقال سوقا مربحة يجني منها بعض المسؤولين الأمنيين عديمي الضمير، أموالا طائلة، إذ دأب كل من أراد أن يحظى بالانتقال إلى مدينته على البحث عمن يساعده لبلوغ مرماه، سواء عن طريق الزبونية الخاصة أو بأداء مقابل، وكشف أكثر من مصدر أن هناك سماسرة يشتغلون لحساب مسؤولين كبار تمكنوا من جمع ثروات عن طريق الرشاوى.
يقر المشرفون على موقع الأمن الوطني غير الرسمي بأن الانتقالات لا تتم في جو نزيه وشفاف، بل تتحكم فيها نزوات بعض المسؤولين الكبار. ومما يساهم في ضرب النزاهة والمصداقية، في هذا المضمار، أن هناك مسؤولين أمنيين، هم في واقع الأمر، رجال أعمال يتبادلون المصالح والصفقات ويفوتونها لأبنائهم وأصدقائهم، بينما تضيع مصالح آلاف من رجال ونساء الأمن، وهذا من أسباب السخط والتذمر المستشريان في صفوف رجال الأمن.
ويرى المشرفون على الموقع أن الشرقي أضريس، كان عليه، أولا وقبل كل شيء أن يتخلص من بعض الرؤوس التي ألفت الاصطياد في الماء العكر وتبذل كل ما في وسعها لكي تستمر الأمور كما يخططون لها، لأن ذلك يمكنهم من الاستمرار في تحريك خيوط اللعبة، التي حددوا قواعدها.
وبعض هؤلاء أحاطوا أنفسهم بخدام يقومون بأداء مهام التسوق وجمع الإتاوات وغير ذلك من الأعمال القذرة، لذلك أضحى من الطبيعي ملاحظة أنه كلما تم نقل مسؤول كبير إلى مصلحة أخرى يقوم باستصدار قرارات نقل السابحين في فلكه والمشتغلين لحسابه ليستمر نفوذه وتحكمه في خيوط اللعبة، بما فيهم الخادم الطيع و"البركاك" والمطلع على الأسرار.
فالمغاربة لا يعرفون الكثير عن حياة المسؤولين الكبار عن أمنهم، فكل ما يعرفون أنهم يأتون متأخرين إلى مكاتبهم على الرغم من توفرهم على سائق خاص وسيارات مصلحة، ويقضون جل أوقاتهم في إنجاز المكالمات الهاتفية للاطمئنان عن سير أعمالهم الخاصة وأمور شركاتهم المسجلة في اسم زوجاتهم أو أبنائهم أو إخوانهم، أو ترتيب مواعيد النشاط الليلي في الفيلات والشقق الخاصة.
ومما استخلصه المشرفون على الموقع حكمة عميقة، مفادها أن أكثر المعذبين بجهاز الأمن هم المطلعين على ما يحدث في مختلف دواليب الأجهزة الأمنية، لدرجة يحس فيها المرء بالغثيان والتقزز، فمن المسؤولين الأمنيين الكبار من يكون الخادم المطيع المغلوب على أمره أمام زوجته أو خليلته ليلا، وفي النهار يستأسد على مرؤوسيه ويتجول مزمجرا أمام صغار رجال ونساء الأمن؛ وفي هذا الصدد أقر المشرفون على الموقع أنهم مستعدون لإعطاء الأسماء وكل التفاصيل لكل من يريد التأكد من المعطيات الخاصة برؤوس سلك الشرطة.
وكعادتها، لا يهم الإدارة البحث عن الأسباب، إذ عوض ذلك دأبت على تبرير موقفها بتكريس العقلية المخزنية المعصومة، التي لا تخطئ، فعوض اعترافها بما طال عملية الترقية من مشاكل ومحاولة البحث عن حلول لها وعن المسؤولين عليها، لاسيما وأنها كادت أن تضفي إلى عصيان رجال أمن وجدة، اكتفت إدارة الأمن بالوقوف على متابعة الصحفي الذي أصدر خبر الاحتجاج وما يشبه العصيان أمام القضاء، لكن من سيتابع من تلاعبوا بعملية الترقية وقاموا بالمتاجرة فيها، على اعتبار أن الفضيحة قائمة ولا يمكن التستر عنها؟ وكان من الأولى قبل التفكير في متابعة الصحفي الذي نقل ما عاينه من غضب وسخط وتذمر، التقصي بخصوص المسؤولين الفعليين عن هذه الفضيحة وكشفهم للمغاربة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.