لكل دول العالم "علامة"، فعندما تسمع إسم دولة ما تأتي الى مخيلتك صورة تعكس ما تشعر به وتعرفه عن هذه الدولة وقد تكون هذه الصورة إيجابية أو سلبية. الكثير من بلدان المعمور، خاصة المتقدمة منها والناشئة، تبذل جهودا كبيرة لتحسين صورتها وعلامتها داخل وخارج حدودها الفزيائية. تَوفُّر دولة ما على علامة مقبولة وجيدة يضفي عليها إيجابيات عديدة؛ فهي تستطيع بيع منتجاتها بسهولة، تكون جذابة لرؤوس أموال أجنبية، تجذب السياح وقد تحصل على قروض بنسبة فوائد أقل من غيرها.. عند جارتنا الشمالية، في عام 2012، تم إحداث المفوظية السامية ل"علامة إسبانيا" ومسؤوليتها، كما ينص على ذالك مرسوم تأسيسها، يكمن في التخطيط، والترويج وتنسيق كل أنشطة المؤسسات العمومية والخاصة التي تهدف الى الترويج وتحسين صورة إسبانيا سواء في الداخل او الخارج. أتذكر ان أحدهم كتب حينذاك مقالا في جريدة "البايس" ("El País") حول تلك المفوضية، وقال في مقدمة المقال بأن الدولة التي لا تروج لنفسها فحتما تجد من ينوب عنها.... وهذا ما انطبق علينا مؤخرا في بعض البلدان الإسكيندنافية، وقبلها في شرق إفريقيا وجنوب أمريكا، حيث ناب عنا خصومنا ووقع ما وقع من تضليل وعداء ضد السيادة المغربية على أقاليمه الصحراوية وضد مصالحنا الإقتصادية. المغرب مملكة مفتوحة على العالم ولديها مصالح كبرى خارج حدودها، ولا بد من العمل والحرص على تقوية "علامة المغرب"، فبلدنا يحتاج الى المزيد من الإستثمارات الخارجية، المزيد من السياح، والى الترويج لمنتجاتنا المصدرة الى الأسواق العالمية (الدفع بعلامة"صنع في المغرب"). بالإضافة الى المنتجات المصدرة، فالمغرب يتوفر على جالية مهمة؛ حوالي خمسة ملايين مغربي يعيشون في الخارج، وقد حولوا السنة الفارطة حوالي 6 مليار دولار، أي حوالي 7 في المائة من الناتج الداخلي للمملكة. مصالح المغرب في الخارج لا تقتصر فقط على كل ما هو إقتصادي بل أن هناك أمورا أخرى لا تقل أهمية كالتي تخص مثلا قضيتنا الأولى المتجلية في السيادة الوطنية على أقاليمه الصحراوية، والتعريف، داخل وخارج البلاد، بالأوراش الكبرى المفتوحة داخل المغرب (بنيات تحتية، التنمية البشرية، توسيع فضاء الحريات وحقوق الإنسان، مدونة الأسرة، الجهوية المتقدمة، الخ.) في غياب هيئة اومفوضية مختصة للترويج وتسويق "علامة المغرب"، يبقى ثقل هذه المسؤولية ملقاة على كاهل الدبلوماسية المغربية الرسمية والموازية. بالنسبة للدبلوماسية المغربية الموازية فكثيرا ما نادينا أصحاب القرار لوجوب الإستثمار في مغاربة العالم، وخاصة الكفاءات منهم، للنهوض والدفع بهذا الجانب الذي مازال خاما ويستلزم تطويره للإستفادة منه. اما الجانب الرسمي فقد شهدنا منذ أيام قليلة تعيين سفراء جدد لتمثيل المغرب في جل بقاع العالم، وقد لفت إنتباهي إيجابيا التنوع المساري لهؤلاء، ومسار المتوجهون منهم الى الدول التي لطالما طبق فيها المغرب تلك السياسة المسماة حينها با"سياسة الكراسي الفارغة". لقد تبين جليا من نوعية التعيينات الجديدة أن المغرب فتح صفحة جديدة في ديبلوماسيته الرسمية، وما علينا إلا أن نتمنى للسفراء الجدد حضا وافراً حتى يتمكنوا من تمثيل المغرب أحسن تمثيل وللدفاع والترويج ل"علامة المغرب". *أستاذ جامعي وباحث بإسبانيا