أجمع متدخلون خلال مائدة مستديرة ضمن فعاليات المنتدى الأورو-متوسطي للقيادات الشابة بالصويرة، المنظم من طرف السفارة الفرنسية بالرباط، على مساهمة البرامج الاجتماعية والقراءات الدينية المتواترة داخل المجتمع في دفع الشباب إلى ركوب موجة التطرف. فرنسوا غزافيي بيلامي، نائب رئيس بلدية فرساي، انتقد، خلال الندوة الافتتاحية للمنتدى، الأفكار السائدة داخل المجتمع الفرنسي والعقلية التقليدية التي لا تمنح للشباب حريتهم ومعرفة ذواتهم وذوات الآخرين، ولام بشدة نمط المجتمع الاستهلاكي الذي "تغلل في الدول الغربية معززا فكرة أن حرية الشخص تنتهي عند حرية الآخر، ما خلق هوة بين الأفراد وجعلهم متباعدين"، وفق تعبيره. وقال غزافيي إن "تنظيم الدولة الإسلامية 'داعش' هو الوحيد الذي يقترح تعاملا أفقيا مع الشباب في فرنسا، ويمنحهم فرصة لمعرفة إجابات حول الأسئلة الوجودية: من أنا ومن أين جئت؟"، مضيفا أن التطرف والفكر الجهادي ينمو وينتشر مستفيدا من القطيعة التي حدثت داخل المجتمع الفرنسي. من جانبه طرح محمد شيراني، مستشار في مجال الوقاية من التطرف الديني، أسئلة الهوية والانتماء، خلال مداخلته ضمن النقاش الذي حضره عدد من الفاعلين والمهتمين بموضوع التطرف، وأبرز أن أكبر مشكل يتهدد الشباب ويدفعهم إلى مسارات التطرف والانحراف هو ذلك الشرخ الهوياتي الذي يعانون منه؛ "فغالبا ما يطرح الشباب الذين أتابعهم أسئلة تتعلق بعلاقتهم بالمجتمع والإرث الذي يجمعهم به"، يقول المتدخل ذاته. واستدل شيراني على كلامه باستحضار استطلاع للرأي أنجزه معهد فرنسي، في شتنبر الماضي، كشف عن كون 28 في المائة من الشباب من ديانة إسلامية يعبرون عن مشاعر مناهضة للعلمانية ومبادئ الجمهورية الفرنسية بسبب معاناتهم من المشاكل المذكورة، مضيفا أن الدراسة أثبتت أن غالبية هؤلاء غير متعلمين ويعيشون في الهوامش، قبل أن يزيد: "هؤلاء هم من يتوجهون إلى مسارات التطرف والتنظيمات الجهادية". وضمن السياق المغربي، وجّه عبد الله الترابي، صحافي مغربي تدخّل ضمن أولى أشغال المنتدى الأورو-متوسطي للقيادات الشابة المنظم بمدينة الصويرة، انتقاداته للطريقة التي تتم بها قراءة النصوص الدينية، معتبرا إياها "خاطئة"، ودعا إلى ضرورة قراءتها ضمن سياقها الثقافي والتاريخي الذي جاءت فيه. وانتقد الترابي تعامل المجلس الأعلى للعلماء مع الفتوى الصادرة عن الشيخ السلفي المغراوي بشأن زواج الفتاة القاصر من رجل أكبر منها سنا، واعتبر أنه "أصدر بلاغا يتضمن شتائم يخوض في الفتوى، عوض تفسير الأمر وتوضيح سياق حديث البخاري الذي استنبط منه المغراوي كلامه، والذي يشير إلى زواج الرسول (ص) من عائشة وهي في سن التاسعة من عمرها"، على حد تعبير الترابي.