بعد مضي أزيد من شهرين على متابعتها في حالة اعتقال، قضت المحكمة الابتدائية بخنيفرة، بعد زوال يوم الاثنين 25 ماي 2015، بإدانة الواعظة الدينية المتهمة بالاتجار في الأيتام والأطفال المتخلى عنهم، بسنتين حبسا نافذا، وغرامة 5000 درهم، وذلك بعد إعادة الاستماع لشهادة شرطية تقمصت دور امرأة ترغب في تبني طفل للإيقاع بالمتهمة في حالة تلبس، وكان طبيعيا أن يثير ملف المعنية بالأمر اهتمام الرأي العام المحلي والوطني، في حين تساءل الكثيرون حول ما إذا كانت الواعظة وحدها متورطة في العملية دون رؤوس أخرى ظلت خارج تغطية التحريات والتحقيقات؟ سيما أمام تداول الشارع المحلي موضوع "خلافات" بين أطراف التحقيق. ويأتي الحكم، وفق مصادر "الاتحاد الاشتراكي"، بعد حلّ الجمعية التي كانت تترأسها الواعظة المتهمة "ماما حياة"، وإغلاق مقرها بصفة نهائية، على إثر اجتماع استثنائي عقده أعضاؤها، قبل أن يأمر وكيل الملك بتوزيع عدد من الأطفال، كانوا نزلاء بهذه الجمعية، على عدد من المؤسسات ذات الاهتمام المشترك، وخلالها كان أعضاء من مكتب الجمعية المذكورة قد تم الاستماع إليهم من طرف النيابة العامة ومصالح الأمن، وأجمعوا حينها على تعرض جمعيتهم لما اعتبروه "ضائقة مالية" جراء توقف المحسنين والمانحين عن دعمها، بسبب ما جرى، وما جعلها عاجزة عن توفير الأموال لرعاية وإيواء نزلائها من الأطفال والرضع. وكانت سلطات التحقيق قد اختارت الإبقاء على المتهمة الرئيسية رهن الاعتقال، في حين تم تشكيل لجنة مختلطة من عدة مصالح إدارية وأمنية، انتقلت إلى مقر الجمعية واصطدمت بالوضعية المأساوية التي عاينتها ونقلتها على تقاريرها، حسب مصادر "الاتحاد الاشتراكي"، في حين فات لمسؤولين ب "جمعية الرحمة للأطفال المتخلى عنهم" أن رفضوا طلب الواعظة المتهمة بتفويت إليها ما تتوفر عليه هذه الجمعية من أطفال ومواليد، كما أن المجلس العلمي المحلي بخنيفرة قد سبق له أن تبرأ من سلوكيات هذه الواعظة التابعة له، وأنه قرر، في وقت سابق، إيقافها عن مهمة الوعظ الديني، غير أن مسؤولا بالسلطة المحلية تدخل بملتمس مشبوه لغاية عدم تفعيل القرار. ومعلوم أن اعتقال الواعظة الدينية جاء فور تفجر فضيحة اتجارها في الأطفال والرضع المتخلى عنهم، بناء على معلومات تكلفت بالتحري فيها عناصر من الاستعلامات العامة للمنطقة الإقليمية للأمن الوطني، تحت إشراف النيابة العامة لدى ابتدائية خنيفرة، دون تسرب أية معطيات تتعلق بمجريات التحقيق، ولا حول عدد ومصدر الأطفال الذين تم بيعهم، أو هوية مشتريهم، ولا حتى مصيرهم وطرق "توثيق" بيعهم، في حين اكتفت مصادر أمنية مسؤولة بعدم الكشف عن حيثيات وتفاصيل القضية بدعوى حساسية الموضوع وتشعباته المحتملة. كما سبق لمصادر "الاتحاد الاشتراكي" حينها أن أفادت أن وكيل الملك لدى ابتدائية خنيفرة يكون قد توصل بشكاية، مجهولة أو غير مجهولة المصدر، تشير لقيام الواعظة الدينية بأنشطة مشبوهة، عن طريق استغلال رئاستها لجمعية خيرية تحمل اسمها، وتعنى بالأطفال المتخلى عنهم، ولم يتأخر وكيل الملك عن أخذه مضمون الرسالة على محمل الجد، وأعطى أوامره لمصالح الاستعلامات الأمنية من أجل مباشرة التحريات اللازمة في الموضوع للتأكد من الاتهامات الموجهة للمشتبه بها، وإمكانية ضبطها في حالة تلبس بالجرم المشهود. وارتباطا بالموضوع، ظلت العديد من الأسئلة القائمة رهينة أكثر من علامة استفهام، من قبيل: هل تمت مساءلة المعنية بالأمر أم لا حول ما إذا كانت لها علاقة بشركاء أو بشبكة مختصة في تجارة وتهريب الأطفال؟، والطرق التي تحصل بها على الأطفال المتخلى عنهم؟، هل هم سماسرة أم أمهات عازبات أم جمعيات أم غيرها؟ وهل تم التعرف على المستفيدين من "شراء" الأطفال؟، وهل تراجع بعض الشهود حقا عن أقوالهم خوفا من متابعتهم بالمشاركة المنصوص عليها قانونيا؟، وكم تداولت أوساط شعبية الكثير من الأقاويل. وكما سبق نشره ب "الاتحاد الاشتراكي"، فإن الواعظة الدينية كانت "تنشط" في جمعيتها باسم "ماما حياة"، وفيها وقعت في تهمة الاتجار في الأطفال لفائدة الراغبين في الكفالة والتبني، مقابل مبالغ مالية متفاوتة، تختلف قيمتها بحسب جنس الطفل وحالته الصحية، ذلك قبل سقوطها في "كمين" نصبته لها المصالح الأمنية، في تقمص شرطية صفة مواطنة تود اقتناء طفل خارج إجراءات التبنّي القانونية، حيث قامت المعنية بالأمر بعرض طفلين، أنثى وذكر، بسعرين مختلفين، لتنتهي المفاوضات بتفجر الفضيحة.