مع شعشعة أسعار الكثير من المواد الأساسية في معيشة السواد الأعظم من مهلوكي القدرة الشرائية، كان لابد من تشغيل أبواق (الطمئنة) هنا وهناك، على طول السكة التي يمر منها قطار التنمية، لعل وعسى يطغى الضجيج على منبهات سامية، لم يستوعب بعد زعماء عصابات الضوضاء، أن صخبهم لا يعدو أن يكون أصواتا تذروها الرياح، بينما تلتف القلوب الحائرة حول فؤاذ قمرة القيادة. مع حلول العيد نعلت الشيطان، وقلت في قرارة نفسي، مافيها باس نديرو شي طليلة على قنواتنا الحامضة، من جهة نحصل على أجر عيادة المريض، ومن جهة أخرى نقيس نسبة الضغط والتحمل لدينا، ولأنني ذو حظ عظيم، صادفت موسم سيدي القهقهي مبثوثا على الدوزيام من بلاد البهجة، فاسبشرت ضحكا لم يتحقق ولو لبرهة من الزمن، عندما عاين المغاربة، كيف تناوب نجوم من الميكة على فض ماتبقى من شعرة معاوية. ربما أكون مخطئا في التحليل ومصيبا من حيث التعليل، سيما وأننا نمر من خلال مرحلة بلاستيكية فريدة من نوعها، لم يفهم في أوجها جل المغاربة، كيف تحول إنتظارهم لبواخر محملة بالبيض، إلى إستقبال بركاصة عائمة، قال بعض العارفين أنها مدرة للطاقة، في الوقت الذي تقرر فيه منع إستعمال الميكة بين عموم الناس حفاظا على البيئة، ماخلق نوعا من الإرتباك على مستوى الطبائع والعادات، سيما وأن هاته الميكة خارج التسوق، لا يخلو منها مسجد ولا مستشفى ولا مؤسسة تربوية، ولا حتى عش زوجية يبغي تحديد النسل، بل أكثر من هذا وذاك، أصبح لها مدلول في قاموسنا الشعبي. طبعا لا أحد هنا يزايد على مسألة تطبيق القوانين، وإن كانت لا تخلو بعض من حمولاتها من هفوات في نظر طائفة من المتخصصين وحسب تقدير عامة المعنيين، كما حصل مؤخرا فيما يتعلق بقرار منع تداول الميكة، الذي خلف إستياء عارما في صفوف مدمنيها، حينما سبق التنزيل توفير البديل، مع أنه كان من المفروض إستئصالها من العقليات قبل الشروع في تحديد العقوبات، ما ترتب عنه شكل من أشكال العصيان المأخود محمل الهزل، خصوصا على مستوى مواقع التواصل الإجتماعية، وبالضبط بعدما أتى الناهي عن منكر منكرا أشد قبحا، فما وجد الناس من متنفس إلا سخرية سارت على مشاركتها الحسابات. في تتبع شخصي لأطوار الناس مع مستجدات الميكة، علمت أن أكثر أنواع البلاستيك إقبالا بعد إنتشار خبر المنع، هي الموجهة لتلفيف اللحم، فالخزنة وإن كانت أقل قيمة من المحتوى، إلا أنها تبقى العنصر المهم لبلوغ غاية الصيانة، ومهما غلا اللحم فالصبر رخيص، ولكن فساده أشد تكلفة. رغم ما أستشعره من إستخفاف بقطاع تجارة القرب، تؤكده مؤشرات لا غبار عليها، من جملتها ترك مول الحانوت يواجه تقلبات الأمزجة خارج أي حماية تذكر. رغم كل الصدمات التي ما إنفك مول الحانوت يبرع في إمتصاصها كدرع واقية، لم تنل من التمجيد ما شمل السيوف عبر الأساطير. رغم محاولات تقزيم هذا القطاع من خلال وأد مورس في حق طاقات، تحترق بلا طائل خلف الكونطوارات. رغم محاولات التيئيس التي يخوضها متزعمو تيار التفرقة، للحيال دون إستجماع القوى، تحسبا لأي إستنهاض للهمم. رغم النفوس المتصدعة جراء الإشاعات المسمومة. رغم كل هذا وذاك، لن تنهكوا قوانا، وسنتصدى لكل المتآمرين. فليس قطاع التجارة بقمامة يكفي للتخلص منه، وضع جزء من تاريخنا في كيس بلاستكي، ثم الجز به في مطرح للنفايات، هكذا وبكل سهولة. قطاع التجارة ليس خصلة شعر، أو ما نما من ظفر، نقصه وإنتهى الأمر. قطاع التجارة ليس لعابا نبصقه، أو مخاطا نستنثره، وإنتهى الأمر. لا ياسادة، بل قطاع التجارة وجود كيان وحضارة، ولما لا نقولها، ونحن واثقون : - قطاع التجارة قطعة من هذا الوطن المستقر في شعارنا بين عناية الله ورعاية الملك. بقلم الطيب آيت أباه رئيس لجنة الإعلام والتواصل لغرفة التجارة والصناعة والخدمات لجهة الرباطسلاالقنيطرة والكاتب الإقليمي للنقابة الوطنية للتجار والمهنيين لعمالة الصخيراتتمارة.