مدينة القصر الكبير مدينة تاريخية، مدينة الحضارة والعلم، مدينة السادات والأولياء والصالحين، مدينة والأدباء والمثقفين… مدينة القصر الكبير، في نفس الوقت، مدينة كئيبة، مدينة حزينة، مدينة مهمشة تعيش خارج التطور، كما هو حال كل مدن الشمال المغربي. من يتحمل مسؤولية الوضع الكارثي لمدينة القصر الكبير؟ الكثيرون يعتقدون أن المجالس البلدية الجماعية، المتعاقبة على المدينة هي المسؤولة. ولكن، هل مدن الشمال، التي عرفت قفزة نوعية في تطورها، تدين لمجالسها الجماعية بهذا التطور الكبير، أم هناك فاعلين آخرين قدّروا وقرروا ونفذوا مشاريع وبرامج تطوير هذه المدن؟ الجواب، حسب اعتقادي الشخصي، هو أن الدولة هي المسؤولة، أولا وأخيرا، على هذا الكم الكبير من الإصلاحات الجذرية التي تعرفها مدن الشمال، وما دور المجالس الجماعية إلا دورا تكميليا فقط. وعليه، كل المجالس الجماعية التي كان لها نصيب من تسيير مدينة القصر الكبير، ومهما كان حسن تخطيطها وتدبيرها، واجتهادها وصدقها وأمانتها، لن تستطيع فعل شيء يذكر، يستطيع إحداث تغيير جذري على الوجه العام للمدينة، في غياب رؤية أو التفاتة أو قرار من الهيئات العليا في الدولة. المشاريع الكبرى التي يمكن أن تحدث تغييرا ملموسا في المدن مسؤولية الدولة، ابتداء وانتهاء. إحاطة: خلال أسبوع واحد، زرت مجموعة من مدن الشمال بالإضافة إلى مدينة الرباط، تحس، عند كل زيارة لها، بأنها تتغير وتتطور إلى الأحسن، إلا مدينة القصر الكبير، عندما تزورها تحس بأنها تعود إلى الوراء. هذا الصباح، أنا في القصر الكبير، أحس برغبة جامحة في البكاء. إحاطة أخرى: صديقي العزيز الفنان رشيد بوعسرية كتب تدوينة منذ يومين، قال فيها: عندما أتكلم عن القصر الكبير، فأنا لا أتكلم عن العمران والتاريخ والحضارة، لكن أتكلم عن تجارب إنسانية جعلت منا رجالا. إحاطة أخيرة: أعترف بأني واحد من الذين جعلت منهم التجارب الإنسانية في مدينة القصر الكبير، رجالا.