24 غشت, 2016 - 02:47:00 "تمثل البيعة واحدة من أبرز معالم النظام السياسي في المملكة، بحيث تجسد سيادة الملك واستمرارية جلوسه على عرش أجداده، ويحاول الملك محمد السادس، من خلال خطبه التي تبثها جميع القنوات المغربية، إظهار للجميع بأنه يساير روح العصر، وبأن مملكته تتبنى إسلاما معتدلا، تقره إمارة المؤمنين"، ذلك ما نشرته جريدة ''لوموند'' الفرنسية، التي أشارت إلى أن ''الملكية في المغرب تفرض سيطرتها على كل الفاعلين السياسيين، بما فيهم الإسلاميين"، عبر منصوص ''إمارة المؤمنين". جريدة "لوموند"، وفي مقال مطول خصصته للحديث عن "الإسلام المعتدل" الذي يجسده الملك، أوضحت أن العاهل المغربي يتوفر على وسائل متنوعة لبناء دولة حديثة، تتكئ بالأساس على ما يسميه الباحث في الحركات الإسلامية، محمد الطوزي ''بيروقراطية الإيمان''، التي تعتمد على عشرات الآلاف من الأئمة المغاربة، يعملون على محاربة الفكر المتطرف ونشر تعاليم الإسلام المعتدل'. وفي هذا الصدد، يقول الطوزي، إن ''الملك ومعه المسؤولين المغاربة، مقتنعون أنهم قاموا ببناء سياسة دينية حقيقية، وأنها أصبحت تجربة قابلة للتصدير سواء على مستوى التسير الإداري أو التنظيمي للدين"، موضحا أنهم "متأكدون من سياستهم على الصعيد الدولي. يقول محمد الطوزي. الطوزي، كشف في مقال لجريدة ''لوموند''، أن ''المغرب يجسد الإسلام المعتدل في مواجهة الإرهاب، وأن النهوض بإسلام معتدل ليس فقط عملا موجها إلى الداخل بل هو في صلب ديبلوماسية دينية مكثفة تضطلع بها المملكة''، لتعود ذات الجريدة إلى اعتبار أن الملك بوصفه أميرا المؤمنين "أدان في الخطاب الذي وجهه إلى الشعب في 20 غشت، الجهاديين ودعا مغاربة الخارج إلى رفضهم". وأوردت لوموند، أنه مباشرة بعد تفجيرات 16 ماي 2003 التي وقعت بمدينة الدارالبيضاء، سيطرت الدولة بيد من الحديد على الجهاز الديني، وانغلقت بشدة على محيطها، ما دفعها إلى إعادة قراءتها للواقع الديني في البلاد، وعملت على تكوين 150 إماما و 50 خطيبا بشكل سنوي. وعن تأثير الخطاب الملكي الأخير على الساحة الدولية، يجيب الطوزي، ''على وجه التحديد، خطاب 20 غشت كان ذا فعالية محدودة''، مشيرا إلى أن صناعة التطرف لم تعد تتغذى اليوم على ''التنشئة الاجتماعية الدينية'' (المساجد والأسر، وما إلى ذلك)، وإنما صارت ترتكز على السرعة والفعالية التي تحققها وسائل التواصل الاجتماعي، أي أننا انتقلنا إلى ''تطرف افتراضي''، ومن هنا، يقول الطوزي، يكتسي الخطاب الملكي الأخير قوة رمزية، فالملك يظهر في خطبه ك"قائد للمؤمنين" (وليس فقط المسلمين)، وهي طريقة مباشرة يراد منها التوجه إلى كل المغاربة، المتواجدين داخل الوطن أو خارجه، وأيضا هي وسيلة لرسم حدود المسؤولية. الطوزي انطلق من خطاب 20 غشت، ومعه حفل تسليم الأوسمة، والشخصيات التي وشحها الملك، بحيث كان لافتا حضور بعض مغنيي الراب والفنانين من كل المشارب، ليظهر أن محمد السادس ''ملِكُ الأغلبية'' وليس سجين تقاليد المخزن''.