آن لنا ان نطوي صفحة الإرهاب، من أجل إزاحة كل الرعب والصدمة اللذين ألما بنا بسبب هذا الفعل الإجرامي الجبان. وحان الوقت لنعود الى نقاشاتنا الوطنية التي نتطارح فيها الأفكار والقيم ومطالب الإصلاح السياسي والدستوري. لا يجب ان نلتفت الى الإرهاب طويلا، لأن هذا بالضبط، هو القصد من وراء استهدافه للأبرياء في مراكش، ان ننشغل بالنظر الى الوراء ونحن خائفون على مستقبل البلاد. لن يأخذ منا الفعل الفعل الإجرامي أكثر من وقته، ولن يثني البلاد عن التقدم الى الأمام، والنظر بأمل كبير الى الشباب الذي يقود اليوم الحراك السياسي، دفاعا عن مستقبل الوطن والحق في الديمقراطية وقيم الحرية ومحاربة الفساد. لقد انتهى حدث الإرهاب يوم أعلنت وزارة الداخلية اعتقال الجناة، ووضعت بذلك نهاية للانتظار وأخرست كل من شكك، ولو في قرارة نفسه، في توقيت ومغزى العمل الإرهابي. ولعلها اللحظة التي بنت الثقة بين الجميع، بين دولة جديدة تعيش على وقع تحولات تؤثر فيها وتتأثر بها، وبين شارع يفيض طموحا الى تحصين مكتسباته وبناء دولة الحق والقانون. عنصر الثقة، هو ما افتقده الكثير من الأنظمة التي تشهد حراكا سياسيا اليوم، بعضها فقد أعصابه، ولم يعد قادرا على ضبط النفس، فأشهر بندقيته وانزل جيوشا مجيشة تعيث في الأرض فسادا، وقطع بعضها دابر الاحتجاج فحرمه وتوعد المتظاهرين، وفئة ثالثة وزعت البلاد الى أتباع وأعداء، والى طوائف وشيع وقبائل كل منها يدين بدينه... يحدث كل هذا لأن الثقة افتقدت في الشارع بين الأنظمة والشعوب. الصورة في المغرب مختلفة، والنقاش حول الإصلاح ليس وليد اليوم، والثقة ظلت دائما أساس الخروج من الأزمات والمنعطفات الحاسمة التي مرت بها المملكة، ولنا في تجربة التناوب دليل على كل التنازلات التي تمت على قاعدة الثقة، من اجل الإصلاح والحرية والانفتاح، ولهذا نستحق نحن أن نبني المغرب، بكل ثقة.