العدو الجزائري يقحم الرياضة من جديد في حربه على المغرب    أخنوش: التحولات الاقتصادية مهمة بالمملكة .. والتضخم تحت سيطرة الحكومة    رسميا .. "الكاف" يعلن فوز النهضة البركانية على اتحاد الجزائر بثلاثية نظيفة    لتطوير الصحة الحيوانية بالمغرب.. شراكة ترى النور بالملتقى الدولي للفلاحة بمكناس    ترقب إطلاق خط جوي جديد بين مطار تطوان وبيلباو    القضاء الفرنسي يؤكد إدانة رئيس الوزراء السابق فرانسوا فيون بقضية الوظائف الوهمية    اخنوش: ما تحقق خلال نصف الولاية الحكومية فاق كل التوقعات والانتظارات    بطولة فرنسا لكرة القدم.. باريس سان جرمان يفوز على مضيفه لوريان 4-1    النصب على حالمين بالهجرة يقود سيدتين الى سجن الحسيمة    أخنوش: الحكومة دأبت منذ تنصيبها على إطلاق مسلسل إصلاحي جديد وعميق يحقق نهضة تربوية وثورة تعليمية    اللجنة الجهوية للتنمية البشرية تصادق على برمجة 75 مشروعا باقليم الحسيمة    الكاف يعلن انتصار نهضة بركان على اتحاد العاصمة الجزائري    رئيس وزراء إسبانيا "يدرس" تقديم استقالته بعد فتح تحقيق ضد زوجته    توقعات بتأجيل كأس أمم أفريقيا المغرب 2025 إلى يناير 2026    بنكيران يهاجم أخنوش ويقول: الأموال حسمت الانتخابات الجزئية    وزير النقل… المغرب ملتزم بقوة لفائدة إزالة الكربون من قطاع النقل    رسميا.. إعلان فوز نهضة بركان بثلاثة أهداف على حساب اتحاد العاصمة الجزائري    حملة أمنية غير مسبوقة على الدراجات النارية غير القانونية بالجديدة    لأول مرة في التاريخ سيرى ساكنة الناظور ومليلية هذا الحدث أوضح من العالم    أخنوش مقدما الحصيلة المرحلية: إجراءات الحكومة هدفها مناعة الأسرة التي هي "النواة الصلبة لكل التدخلات"    إستعدادُ إسرائيل لهجوم "قريب جداً" على رفح    خارجية أمريكا: التقارير عن مقابر جماعية في غزة مقلقة    أمن طنجة يعلن الحرب على مقرصني المكالمات الهاتفية    جهة طنجة تناقش تدابير مواجهة الحرائق خلال فصل الصيف    أخنوش: ما تحقق في نصف الولاية الحكومية فاق كل التوقعات والانتظارات    المغرب سيكون ممثلا بفريقين في كأس العالم للفوتسال    تهديدات بالتصعيد ضد ّبنموسى في حالة إصدار عقوبات "انتقامية" في حقّ الأساتذة الموقوفين    سنطرال دانون تسلط الضوء على التقدم المحقق في برنامج "حليب بلادي" لفلاحة مستدامة ومتجددة    ما قصة "نمر" طنجة؟    أيام قليلة على انتهاء إحصاء الأشخاص الذين يمكن استدعاؤهم لتشكيل فوج المجندين .. شباب أمام فرصة جديدة للاستفادة من تكوين متميز يفتح لهم آفاقا مهنية واعدة    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    الحكم على مغني راب إيراني بالإعدام بتهمة تأييد الاحتجاجات    الولايات المتحدة تنذر "تيك توك": إما قطع العلاقات مع بكين أو الحظر    برنامج دعم السكن.. معطيات رسمية: 8500 استفدو وشراو ديور وكثر من 65 ألف طلب للدعم منهم 38 فالمائة عيالات    الفوائد الصحية للبروكلي .. كنز من المعادن والفيتامينات    دراسة: النظام الغذائي المتوازن قد يساهم في تحسين صحة الدماغ    مدير المنظمة العالمية للملكية الفكرية : الملكية الفكرية تدعم جميع جوانب الحياة في المغرب، بما في ذلك الزليج    أفلام متوسطية جديدة تتنافس على جوائز مهرجان تطوان لسينما البحر الأبيض المتوسط    إعلان فوز المنتخب المغربي لكرة اليد بعد انسحاب نظيره الجزائري    مقترح قانون لتقنين استخدم الذكاء الاصطناعي في المغرب    ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 34 ألفا و262 شهيدا منذ بدء الحرب    دراسة: تناول الأسبرين بشكل يومي يحد من خطر الإصابة بسرطان القولون        اختتام فعاليات الويكاند المسرحي الثالث بآيت ورير    مبادرة مغربية تراسل سفراء دول غربية للمطالبة بوقف دعم الكيان الصهيوني وفرض وقف فوري للحرب على غزة    دراسة تبيّن وجود صلة بين بعض المستحلبات وخطر الإصابة بمرض السكري    جلسة قرائية تحتفي ب"ثربانتس" باليوم العالمي للكتاب    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    في شأن الجدل القائم حول مدونة الأسرة بالمغرب: الجزء الأول    الموت يفجع شيماء عبد العزيز    أسعار الذهب تواصل الانخفاض    "الراصد الوطني للنشر والقراءة" في ضيافة ثانوية الشريف الرضي الإعدادية بعرباوة    صدور رواية "أحاسيس وصور" للكاتب المغربي مصطفى إسماعيلي    "نسب الطفل بين أسباب التخلي وهشاشة التبني"    كأس إيطاليا: يوفنتوس يتأهل للمباراة النهائية على حساب لاتسيو    لقاء يستحضر مسار السوسيولوجي محمد جسوس من القرويين إلى "برينستون"    الأمثال العامية بتطوان... (580)    الإيمان القوي بعودة بودريقة! يجب على الرجاء البيضاوي ومقاطعة مرس السلطان والبرلمان أن يذهبوا إليه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



استلابك في تلفونك وتلفونك في استلابك
نشر في مرايا برس يوم 16 - 01 - 2010


الفراديس الاصطناعية
سعادتك في جواربك وجواربك في سعادتك، وجيبك في تلفونك وتلفونك في جيبك، لا تسأل كيف ولا تسخر من الأمر. فمع كثرة الإعلانات- المخصصة لتسويق خدمات لم تخطر ببالك ولم تكن في حاجة لها- بالتأكيد أنك سترضخ لها وستجرب هذه الخدمة أو هذا النوع من الاستلاب الذي أفقدنا معرفة حاجيات ذواتنا وكيفية إسعادها. ولعل اللهث خلف سعادة وهمية نرسمها في خيالنا ونربطها باللذة والهروب من الألم من أهم الأسباب التي جعلتنا طعما سهلا للاستلاب الكلي لذواتنا حتى بتنا قطيعا مسلوب الروح والفكر والجسد أيضا. وإذا كان الاستلاب ظل مرتبطا عند الغرب بالسياسة والاقتصاد فإن الاستلاب بات عندنا كمسلمين مرادفا للمسخ الحضاري والانسلاخ عن الهوية. ولا يخفى على أحد أننا على أهبة الاستعداد لالتهام كل ما يسوقه الإعلام التجاري من فراديس اصطناعية حولت الإنسان إلى فأر تجارب بحثا له عن سعادة خرافية صدقها هذا الإنسان لخوائه الفكري والروحي. رموش اصطناعية بحجم رموش الحمار تجعل من المرأة حسناء عصرها، عطر فاخر يحول رجلا بشعا إلى شاب فاتن شبيه بسيدنا يوسف عليه لسلام، سيارة تجعلك تحلق في السماء من الفرح وتجعلك مثار إعجاب العالم،...وهلم جرة من المنتجات المسوقة التي يعمل الكثير منا جاهدا للحصول عليها ليثبت أنه مؤمن بعقيدة الاستهلاك الشره طلبا لدخول الجنة الدنيوية من أبوابها الواسعة.
الاستلاب دلالات ومفاهيم
ظل الاستلاب لوقت طويل وقفا على اللغة القانونية. وكان يشير حينئذ إلى هبة أو بيع ملك أو حق. ثم صار للكلمة مفهوم فلسفي مع روسو وكتابه " العقد الاجتماعي". ففي مؤلفه السياسي الشهير هذا، يتصدى لمشكل التوفيق بين"إرادة الجميع" و"الإرادة العامة" التي تشترط" أن يصير كل فرد بجميع حقوقه تابعا كليا للمجموعة". ويستند روسو، مثل هيغل، إلى نموذج السياسة الإغريقية حيث كان المواطن واعيا بأن المدينة نتاج نشاطه، ولم يكن يميز نفسه عن المجموعة السياسية التي كان يحافظ معها على رباط عضوي، بحيث كانت مصلحته الشخصية أو الخاصة متماهية مع المصلحة العامة للجماعة. لقد كان المواطن، قديما، يجد حريته في التخلي عن ملكيته وحياته لواقع كان يخصه. إن استلاب "العقد الاجتماعي" هو تنازل كل فرد لصالح إرادة الجميع. وثمن الحرية الاجتماعية هو هبة كل متعاقد لحقه الطبيعي. هكذا تم الانتقال من حالة الفطرة إلى حالة المجتمع. إن الاستلاب -كما يراه روسو- يحتفظ بمعنى إيجابي إذن. على العكس من ماركس الذي ربط الاستلاب بالمجتمع الرأسمالي ومنحه معنى سلبيا. فقد كان هذا الأخير هو الأول بالفعل الذي حول هذه الظاهرة إلى مشكل للاقتصاد السياسي، لأن المجتمع الرأسمالي في نظره هو أساس كل أشكال الاستلاب. فبما أن النشاط الإنساني يتلخص في العمل المأجور، لم يعد ينظر إلى العامل إذن باعتباره إنسانا، بل مجرد "رأسمال حي". فيما يتجلى استلاب الرأسمالي بطريقة أخرى، حيث أن المال هو مصدر شخصيته ونفوذه بدل القوى الأساسية الكامنة فيه.
أما الاستلاب في البلدان الإسلامية فلقد ظل لصيقا بالحضارة والأخلاق ويتجلى في التخلي عن حضارتنا وأخلاقنا لصالح القائد المستعمر.
ضعف الطالب والمطلوب
و بالرجوع إلى القران الكريم نجد أن الاستلاب ونكران الذات لصالح إبليس قد يعرض الإنسان لمسخ مهين. ولنا في أصحاب السبت عبرة. هؤلاء الشباب من اليهود الذين كانوا لا يصطادون في السبت لحرمته عليهم، غرتهم ضخامة الحيتان التي كان يبعثها الله في يوم السبت اختبارا لمدى إيمانهم فكان منهم من اختار الحيلة مع الله.فلميصطادوا السمك مباشرة، وإنما أقاموا الحواجز والحفر، فإذا قدمت الحيتان حاوطوها يوم السبت، ثم اصطادوها يوم الأحد. كان هذا الاحتيال بمثابة صيد، وهو محرّم عليهم. فكان جزاؤهم المسخ ويتجلى هذا في قوله تعالى في سورة البقرة:" وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ فَجَعَلْنَاهَا نَكَالًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ"وما أشبه اليوم بالبارحة لكن أكثر الناس لا يعلمون.
لقد أصبحت آلهة اللذة تراوغنا وتغرر بنا للتخلي عن كل قيمنا بشكل يومي وليس في السبت فقط.حيث صار مطلوبا منا أن نعض على إنسانيتنا بالنواجذ مستعينين بغذاء الروح والفكر والجسد هروبا من صنارة قنوات الرقص الإباحي وصناعة اللذة المدمرة والتي تسعى لاصطيادنا 24/24 مستخدمة ترسانة من العاهرات من كل أنحاء العالم بتمويل سمُوهمْ وفخامتهم الذين جعلوا البترول في خدمة مذهب إبليس ورفاقه.
لقد سلب الإعلام العاهر إنسانية المرأة بحجة أنها وردة يجب أن يستمتع بها الجميع تارة وبحجة أنها جوهرة ثمينة توجب حجبها بقماش أسود غليظ تارة أخرى خوفا على الرجل الذي سلب هو الآخر إنسانيته ووضع في مرتبة القرد الهائج الذي يرى في المرأة كتلة من المتعة تتحرك حوله. فهل نحن اليوم أمام مسخ حقيقي حيث الإنسان فقد إنسانيته لصالح القردة والخنازير؟.
ولا غرابة، فلقد اغتلنا إنسانيتنا منذ أمد بعيد عندما ركن المسلمون إلى استعباد أنفسهم ورموا بعرض الحائط استنكار سيدنا عمر بن الخطاب:" متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا". وهل نولد اليوم أحرارا حقا أم أننا توارثنا الذل والخيبة وصرنا عبيدا كلما وسوس لنا عفريت الحرية بالتمرد تعوذنا بالله من هذا المارد الذي يهدد لقمة عيشنا ويرهب وجودنا على قيد الحياة. ظنا منا أن هذه الآلهة البشرية والمادية قادرة على سلب أرزاقنا وأرواحنا فعكفنا على تقديسها والتسبيح بعظمتها بكرة وعشيا غافلين عن قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَاباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئاً لا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ) (الحج:73).
[email protected] mailto:[email protected]
fatimazahrazaim.elaphblog.com


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.