الأمر هنا يتعلق بعلمين أمازيغيين بارزين ، كرسا حياتيهما ، لجعل الفن في خدمة الإنسان ، وتمكن كلاهما ، من أسر قلوب الملايين داخل الوطن وخارجه ... ثم شاءت إرادة الحي الذي لا يموت ، أن يرحلا إلى العالم الآخر ، ويواريا الثرى ، في يوم واحد .... الأول يعتبر سلطان الطرب الأمازيغي الغزير السلسبيل ، وهزار الأطلس المتوسط الشادي ، المتشبع بجمال الأرز والسنديان ، وبخرير الماء الزلال ، الناضح من الينبوع والشلال ... طوع آلة الوتر فأطاعته ... وسخرها لري الشعر الناعم البراق ، بنغمات وترنيمات خيالية مذهلة ، أطربت بها أنامله الذهبية أهالي الجبال ، والسهول ، والسهوب ، والأرياف ، والحواضر ... فآنست الساهر ، والعاشق ، والمعذب ، والسائق ، والحرفي ، والسجين ، والراعي ، والعامل ، والمعطل ، والعليل ....ليكمل بذلك - وبمهارة خارقة - مشوار رسالة ، كتب أحرفها الأولى أستاذه العبقري : ( حمو أو ليازيد )....وساهم في تحرير عناوين طياتها المتجذرة ، ثلة من المبدعين الأفذاذ ، أمثال : مولود ، وأوطلحة ، ويامنة ، والشريفة ، وخديجة ..... أما الثاني ، ذو الأصول السوسية ، وصاحب الصوت الشجي الحزين الرائع ، فقد أعطى بدوره ، للأغنية الملتزمة ، بعدها الإنساني النقي ، صحبة زملائه البواسل ، في مجموعة ( لمشاهب ) ... وعلى رأسهم المشمول برحمة الله ، عازف القيثارة الماهر : ( مولاي الشريف ) ، المنحدر من مدينة بودنيب ... و لعبت نشأته ، في الحي المحمدي بالبيضاء ، دورا طلائعيا ، في صقل موهبته الخلاقة ... علما بأن الحي المذكور ، هو بلا منازع ، أحد منابع الفن المغربي الراقي و الهادف ، ومنبت أسود الالتزام الغيواني : ( العربي باطما - بوجميع - علي علال ، عمر السيد ، سكينة ...) رحم الله " محمد رويشة " ، و " محمد السوسدي " ، وجازاهما أحسن الجزاء ، على كل ما أسدوه للمغاربة ، و للساحة الفنية ، من خدمات جليلة . وإنا لله ، وإنا إليه راجعون.