أراد الملك محمد السادس أن يجعل من القطاع الرياضي دعامة تنموية اجتماعية واقتصادية، فدعا في رسالته السامية الموجهة إلى المناظرة الوطنية الثانية للشباب والرياضة إلى قطع صلة الرياضة بالدخلاء عنها واستغلاليي خيراتها، ومع ذلك استمر الدخلاء والاستغلاليون يصولون ويجولون بها، إما بصمت وزير الشبيبة والرياضة ورئيس اللجنة الأولمبية ورؤساء الجامعات الرياضية، وإما بغض طرفهم عن هؤلاء الدخلاء والانتهازيين، إيمانا منهم بأن هؤلاء الدخلاء الانتهازيين الذين عشعشوا في دواليب الرياضة وخبروا بكل حيثياتها هم أشرار، ومع ذلك لابد منهم، كما تقول المقولة، وإيمانا كذلك بأن السلف الرياضي، الذي تقلّد المهام في مرحلة ما بعد الاستقلال، لم تسعفه السنون في تكوين الخلف المرجو في الحقل الرياضي ذاته، فكان للدخلاء من رجال التعليم والنقابيين والإعلاميين ورجال السلطة وهلم جرا من مختلف المهن والحرف و"المهام" فرصتهم السانحة في امتشاق الحقل الرياضي تسييرا وتدبيرا وحتى تدريبا، ولعل مكاتب الجامعات والجمعيات الرياضية المغربية خير شاهد على من يؤثث أعضاءها مع تهميش كبير لأبناء الميدان من الرياضيين... وأراد الملك في خطابه التاريخي لتاسع مارس أن يرسخ دولة الحق والمؤسسات ويوسع مجال الحريات الفردية والجماعية لكل المغاربة، أراد أن يعزز منظومة حقوق الإنسان بكل الأبعاد السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتنموية والثقافية، غير أن رئيس الجامعة الملكية المغربية للملاكمة بوظيفته "السامية"، أراد أن يسير ضد ما أراده ملك البلاد ويريده للمغاربة، أفرادا وجماعات ومجتمعا مدنيا ومؤسسات و.. و. فكيف السير والحالة هاته ضد الإرادة الملكية؟ الجواب يأتي من نازلة رياضية حقوقية إنسانية قد ترقى في "أهميتها" إلى خانة تفعيل الديمقراطية أو إعدامها. فما أن انتقد رئيسان لجمعيتين رياضيتين، واحدة في أزرو وأخرى في البيضاء، منضويتين تحت لواء جامعة الملاكمة، انتقدا عبر الإعلام طرق التسيير الإداري بهذه الجامعة وسبل تدبيرها المالي، وما أن احتجا رفقة متضررين معهما بهدف إبعاد الدخلاء والانتهازيين وفق ما دعا إليه الملك، حتى كان المآل مناهضا للإرادة الملكية، وكان الرد عنيفا ومقوِّضًا للمرتكزات التي بنى عليها جلالة الملك طريقا قويما وقويا لمغرب حديث، يذوب فيه الشطط في استعمال السلطة والنفوذ، وتتسيد فيه لغة الحكامة الجيدة وتخليق الحياة العامة بتوسيع حقوق الإنسان. لقد تم باختصار توقيف رئيسي الجمعيتين بقرار من القرارات التي سمتها الجامعة تأديبية، وذلك بناءً على نص قيل إنه مضمَّن في القانون الأساسي المنظم لهذه الجامعة، وهو النص الذي يقول، كما هو مبين في القرار الجامعي التأديبي الصادر في حق الرجلين "كل حامل لرخصة جامعية، إن كانت له انتقادات حول قرارات جامعة الملاكمة أو حول الأعضاء الجامعيين أن يطرحها في المكتب الجامعي..". الغريب في الأمر أن القرار الجامعي مؤرخ صدوره بتاسع أبريل، أي شهر بالتحديد عن الخطاب الملكي السامي الذي صدر في 9 مارس والذي أكد فيه جلالته "التزامه بإعطاء دفعة قوية لدينامية الإصلاح العميق، جوهرها منظومة دستورية ديمقراطية.." ولمن نوى سبر أغوار الإرادة الملكية في هذا الخطاب، أن يجعله (الخطاب) مرجعا وأصلا، لا أن يضرب عرض الحائط بمحتواه وجوهره اللذين يشكلان فتحا مبينا في الديمقراطية وحقوق الإنسان ولغة الحوار.. المفهوم من ملك البلاد، ولنجاح إرادته، أنه دعا إلى تعديل دستور المملكة بمشاركة جميع الفعاليات، ولست أدري، وبهدف إنجاح الملاكمة، ألا تسير جامعتها وفق الإرادة الملكية بهدف التغيير الذي ستكون حصائله حتما الفلاح في كل شيء، ليس في النتائج، وإنما في حسن التدبير والدمقرطة والدسترة وحقوق الإنسان التي دعا إليها ملك البلاد. نعم ، لست أدري المانع من دمقرطة و دسترة جامعة الملاكمة بجمع عام عاجل وعادل يخضع لسيادة "الحساب" في كل شيء قبل اللجوء إلى" سياسة" العقاب المسبق. ولست ادري- وهدا هو الأهم- لمادا يصر رئيس جامعة الملاكمة على الإبقاء على قانون مبني على إجهاض حريات التعبير في الوقت الذي عرض فيه ملك البلاد والعباد دستور المملكة بقدره وجلاله إلى تعديل شامل بهدف تغيير ديمقراطي، يخدم الشعب ،أفرادا وجماعات و مؤسسات..و.. ألم اقل إن الملك أراد ويريد فيما البعض لا يريد.. أظن أن مكتب جامعة الملاكمة به الكثير من غير الملاكمين، في حين إن الملاكمين الذين أعطوا كثيرا لهذا الميدان وخبروا به ونهلوا من المعارف ما يجعلهم يستطيعون أن يكونوا به مسيرين ناجحين إلى جانب الرئيس والمدير العام والباقين من أعضاء الجامعة، وأؤكد أن المحتجين على الرئيس والجامعة ليس لهم نية في مناصب ومهام للتسيير في هذه الجامعة، لكن أكثر ما أظن هو أن بالجامعة معلمين وموظفين بمختلف المهام كما بها متقاعدين، وبها متقاعدا يشغل مهمة مدير عام بأجر عال في الوقت الذي يصبو فيه شباب من خريجي المعاهد والجامعات بشهادات عليا، إلى شغل بأجر يضمن فقط العيش الكريم، وأظن أن في كل ذلك حقا للاحتجاج. وأظن أن هذه هي الحقيقة، وأتمنى إن كنت مخطئا، أن ينوّرني رئيس جامعة الملاكمة، ويوضح لي، لا أن تطالني سلطته، فيوقفني.. أو.. أو.. لأنني أعيش على انتعاشة ونشوة كبيرتين، أعيش باختصار على إيقاع التغيير الديمقراطي الذي أراده لي ملكي نصره الله وملك رئيس الجامعة الملكية المغربية للملاكمة وملك الشعب المغربي كله..