♦ ملخص السؤال: فتاة متزوجة منذ أشهر، وصُدِمَت لما رأت من زوجها أخلاقه السيئة وإهماله لها، وتريد الطلاق، وتسأل: ما رأيكم في المشكلات التي أعيشها بعد ثمانية أشهر من الزواج؟!
♦ تفاصيل السؤال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا فتاةٌ متعلِّمةٌ متدينة جميلةٌ، والفضلُ لله وحْدَهُ، قبل ثمانية أشهر وبعد ضغوطٍ مِن عائلتي تزوَّجتُ من رجلٍ عاطلٍ، لكنه - كما قال لي والدي بعد سؤاله عنه - كان على خُلقٍ عالٍ، وهو خجولٌ جدًّا.
تجاهلتُ بعض الأمور؛ كالشكل والوظيفة لأجْل خُلُقه العالي الذي خدعني به والدي، فلم يكن أمينًا في رده لي بعد السؤال عنه؛ إذ تبيَّنَ لي بعد زواجي أنه سمع مِن الناس عن عصبِيَّتِه وعُقَده الكثيرة.
أوهمني في أيام الخطوبة بأنه مثقفٌ وميسورُ الحال، وأن وظيفته مضمونة بعد زواجنا بشهرٍ، لكن صُدِمْتُ بعد الزواج بعدة أمور: أولها: أنه كسولٌ جدًّا واتكاليٌّ، ولا كرامة له؛ إذ كان يطلُب مني أحيانًا أن أشتري له بعض حاجاته من مالي الخاص، كما أنه شخص تافِهٌ، لا هَمَّ له سوى متابعة برامج الكرة، وهكذا ينتقل مِن برنامجٍ لآخر، مع كثرة السهر في الاستراحات.
ثانيًا: لاحظتُ أنه يكذب في كل شيء، والكذبُ دائمٌ على لسانه.
ثالثًا: هو عصبيٌّ جدًّا، وفي بعض المواقف الغاضبة يُشعرني بأنه مريضٌ نفسيٌّ، فأحيانًا يقوم بتقطيع ملابسه، وأحيانًا يخيفني أثناء قيادة السيارة، وقد طلَّقني مرتين لأسباب تافهةٍ جدًّا، ثم أعود إليه مُرغَمَة؛ لأن والدي لا يريد استقبالي مُطَلَّقة!
رابعًا: هو لم يُوَظَّف إلى الآن، ولا يبحث عن وظيفةٍ سواء في القِطاع الخاص أو غيره، لأنه يريد وظيفةً تناسب مُؤَهله!
الآن أنا حامل، ولا أشعر بعون زوجي لي، وهو لا يتحمَّل المسؤولية، نعم فيه بعض الإيجابيات؛ مثل: الحنان، والتفاهم، والبر بأهله، كما أنه عاطفي، لكن عاطفي بشكلٍ مزعجٍ جدًّا بالنسبة لي! لكن عيوبه بالنسبة لإيجابياته ومميزاته كثيرة جدًّا.
ساءتْ حالتي النفسية والصحية جدًّا، وصُدِمتُ فيه، وصُدمتُ في أبي خاصة، وأدركتُ أنه لا عون لي بعد الله إلا نفسي، أصبحتُ لا أطيق حياتي، وكرهتُ ابني وهو في بطني، وكرهتُ الرجال والزواج!
أقارن دائمًا بين حالي قديمًا وحالي الآن، أُقارن بين أمنياتي القديمة وأحلامي التي تبخَّرت في ظل الواقع السيئ الذي أعيش فيه، أقارن بين شريك العمر الذي رسمتُ له صورةً في ذهني، وما أنا فيه في ظل زوجٍ كهذا.
لا أدري أين الحل لما أعيش فيه مِن حياة كهذه؟ الجواب
أختي الفاضلة، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أهلًا ومرحبًا بك في شبكة الألوكة.
مِن المُؤْسِف حقًّا أن يرمي الأبُ ابنته إلى زوجٍ لا يُقَدِّرها، ولا يَصُون عِشْرَتَها، ولا يكون أهلًا للمسؤولية واتخاذ القرار، غير أننا أشخاصٌ إيجابيون لا نَفْقِد الأمل في الخير الكامن في قلوب الناس، ولا نفقد الأمل في التغيير للأفضل، ومهما بلغتْ قسوةُ الحياة وشدتها يظل اليقين بالله على تفريج الغمّ وإزالة الهم أقوى مِن كل الآلام والصعوبات التي تعترض طريق حياتنا.
ثمانية أشهر فترة يسيرة جدًّا من عُمر الزواج بما أن السنة الأولى للزواج تغصُّ غالبًا بالمشكلات إلى أن يتكيَّفَ طرفَا الحياة الزوجية مع الواقع الجديد، ويتخطَّيَا كل العقبات المرحليَّة.
لهذا يا حبيبتي الكريمة ما زال لديك أملٌ؛ فالبدايةُ تكون مع الصبر وحُسن العشرة، والجزاءُ مِن جنس العمل؛ إن خيرًا فخير، وإن شرًّا فشرٌّ؛ ﴿ جَزَاءً وِفَاقًا ﴾ [النبأ: 26]، هذه سنةُ الله الكونيَّة، فلا تُعَيِّري زوجك، ولا تتهميه بالعجْزِ والكسل فيتمادى فيما تتهمينه به، بل عليك بتعزيز رجولته وقدرته العظيمة على تحمُّل أعباء البيت والحياة بشكلٍ عامٍّ، حتى لو كنتِ غير مقتنعة بما تقولين، لكن هذا شيء سيُؤَثِّر في نفسه، ولا بد أن له مواقفَ إيجابيةً فاذكريها وكرِّريها أمامه ليشعرَ بالفخر والنشوة، وتلتهب رُوحه بالحماس.
ما يُثير الرجل ويفقده أعصابه أن تمنَّ عليه زوجتُه بعطاء ماليٍّ أو غير ذلك، كوني حكيمةً - أختي الكريمة - في رَفْع قَدْر زوجك.
اهتماماتُه تافهةٌ من منظورك الشخصي؛ لأنها ليستْ من قائمة اهتماماتك، لكن للرياضة عشاق، وبدل أن تنتقديه شاركيه اهتماماته ليُشاركك اهتماماتك أيضًا فيما بعدُ.
لا تَصْرُخي أو تنفعلي عند الحديث إليه، ولا تُوَجِّهي إليه الأوامر كأنك وصيَّة عليه، قدِّمي له الاحترام لتنالي منه الاحترام.
تأكَّدي - أيتها العزيزة - أنه لا أحد كامل أبدًا؛ حتى مَن تظنينهم سعداء وحياتهم ورديَّة لديهم من المشكلات الكثير، لكنهم يُحسنون التعامل معها، ويجيدون كتْمَها عن أعين الغَيْر.
من النادر أن يكونَ موجودًا في الدنيا شريك العمر المثالي الرومانسي كامل الأوصاف، الذي تحلم به كلُّ فتاة قبل الزواج؛ لهذا خفِّفي مِن توقُّعاتك المثالية عن شريك حياتك، واقبلي قسمة الله التي وقعتْ حفاظًا على نفسك وعلى ابنك.
من الجيد أن تذهبَا معًا إلى مختصٍّ نفسيٍّ لتشرحَا له وضْع حياتكما الأسرية، فربما وضَع لكما برنامجًا إرشاديًّا لفترة محددةٍ تتخطيان من خلاله كل المشاكل وصولًا إلى بر السلام والاستقرار.
الدعاءُ والاستغفار هو زادُنا حين تنقطعَ بنا السبُل، فكيف والله صاحبنا في الحضر والسفر؟ استعيني بالله واسأليه كشْفَ الكُربة، وإزالة الغمة.