سيام 2024.. فتح سوق الاتحاد الأوروبي أمام واردات العسل المغربي    المالية العمومية: النشرة الشهرية للخزينة العامة للمملكة في خمس نقاط رئيسية    الوكالة الوطنية للمياه والغابات: "القط الأنمر" الذي رصد في إحدى الغابات بطنجة من الأصناف المهددة بالانقراض    تتويج المغربي إلياس حجري بلقب القارىء العالمي لتلاوة القرآن الكريم    رسميا.. الجزائر تنسحب من البطولة العربية لكرة اليد المقامة بالمغرب    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    مكناس .. تتويج 12 زيت زيتون من أربع جهات برسم النسخة 14 للمباراة الوطنية    المغرب يصدر 2905 تراخيص لزراعة وإنتاج القنب الهندي إلى غاية أبريل الجاري    بحر طنجة يلفظ جثة شاب غرق خلال محاولته التسلل إلى عبارة مسافرين نحو أوروبا    غدا تنطلق أشغال المؤتمر الثامن عشر لحزب الاستقلال    الفروع ترفع رقم معاملات "اتصالات المغرب"    مطار مراكش المنارة الدولي .. ارتفاع حركة النقل الجوي خلال الربع الأول    ارتفاع أرباح اتصالات المغرب إلى 1.52 مليار درهم (+0.5%) بنهاية الربع الأول 2024    تظاهرات تدعم غزة تغزو جامعات أمريكية    توقعات أحوال الطقس اليوم الخميس    هذا الكتاب أنقذني من الموت!    سيمو السدراتي يعلن الاعتزال    المعرض المحلي للكتاب يجذب جمهور العرائش    جراحون أميركيون يزرعون للمرة الثانية كلية خنزير لمريض حي    14 ألف مواطن إسباني يقيمون بالمغرب    تحويل الرأسمالية بالاقتصاد اليساري الجديد    بسبب تعديلات مدونة الأسرة.. البرلمانية اليسارية التامني تتعرض لحملة "ممنهجة للارهاب الفكري"وحزبها يحشد محاميه للذهاب إلى القضاء    تأملات الجاحظ حول الترجمة: وليس الحائك كالبزاز    حفل تقديم وتوقيع المجموعة القصصية "لا شيء يعجبني…" للقاصة فاطمة الزهراء المرابط بالقنيطرة    مهرجان فاس للثقافة الصوفية.. الفنان الفرنساوي باسكال سافر بالجمهور فرحلة روحية    نجم مغربي يضع الزمالك المصري في أزمة حقيقية    بوغطاط المغربي | محمد حاجب يهدد بالعودة إلى درب الإرهاب ويتوّعد بتفجير رأس كل من "يهاجمه".. وما السر وراء تحالفه مع "البوليساريو"؟؟    الدراجات النارية وحوادث السير بالمدن المغربية    عملية رفح العسكرية تلوح في الأفق والجيش الاسرائيلي ينتظر الضوء الأخضر من نتانياهو    واشنطن طلبات من إسرائيل تعطي إجابات بخصوص "المقابر الجماعية" ف غزة    أكاديمية المملكة تعمق البحث في تاريخ حضارة اليمن والتقاطعات مع المغرب    بطولة فرنسا: موناكو يفوز على ليل ويؤجل تتويج باريس سان جرمان    الصين تكشف عن مهام مهمة الفضاء المأهولة "شنتشو-18"    الولايات المتحدة.. أرباح "ميتا" تتجاوز التوقعات خلال الربع الأول    ماركس: قلق المعرفة يغذي الآداب المقارنة .. و"الانتظارات الإيديولوجية" خطرة    أخنوش: الربط بين التساقطات المطرية ونجاح السياسات العمومية "غير مقبول"    بني ملال…تعزيز البنية التحتية الرياضية ومواصلة تأهيل الطرقات والأحياء بالمدينة    المنتخب المغربي ينهزم أمام مصر – بطولة اتحاد شمال إفريقيا    المنتخب المغربي لأقل من 18 سنة يفوز على غواتيمالا بالضربات الترجيحية    ما هو سيناريو رون آراد الذي حذر منه أبو عبيدة؟    تعزيز التعاون الفلاحي محور مباحثات صديقي مع نائبة رئيسة مجلس النواب التشيكي    أخرباش تشيد بوجاهة القرار الأممي بشأن الذكاء الاصطناعي الذي جاء بمبادرة من المغرب والولايات المتحدة    الرئيس الموريتاني يترشح لولاية ثانية    نور الدين مفتاح يكتب: العمائم الإيرانية والغمائم العربية    كأس إيطاليا لكرة القدم.. أتالانتا يبلغ النهائي بفوزه على ضيفه فيورنتينا (4-1)    رابطة للطفولة تعرب عن قلقها من التركيز المبالغ فيه على محور التربية الجنسية والصحة الإنجابية للمراهق في دورة تكوين الأطر    جنايات أكادير تصدر حكمها في ملف "تصفية أمين تشاريز"    عاجل.. كأس إفريقيا 2025 بالمغرب سيتم تأجيلها    قميصُ بركان    لأول مرة في التاريخ سيرى ساكنة الناظور ومليلية هذا الحدث أوضح من العالم    الفوائد الصحية للبروكلي .. كنز من المعادن والفيتامينات    دراسة: تناول الأسبرين بشكل يومي يحد من خطر الإصابة بسرطان القولون        كلمة : الأغلبية والمناصب أولا !    دراسة تبيّن وجود صلة بين بعض المستحلبات وخطر الإصابة بمرض السكري    في شأن الجدل القائم حول مدونة الأسرة بالمغرب: الجزء الأول    "نسب الطفل بين أسباب التخلي وهشاشة التبني"    الإيمان القوي بعودة بودريقة! يجب على الرجاء البيضاوي ومقاطعة مرس السلطان والبرلمان أن يذهبوا إليه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السحر والشعودة بالمغرب..شوفو الجهل ولفلوس فين كتمشي
نشر في محمدية بريس يوم 03 - 07 - 2009

ويكاد يكون إيمان معظم المغاربة بالسحر والشعوذة راسخا، فالفقر والأمية المرتفعة، وهبوط نسبة الوعي الإجتماعي، وعوامل غياب الثقة في النفس، خاصة في أوساط النساء، يشجع بروز المشعوذين والدجالين.
"محمدية بريس" ...ترصد الظاهرة، في جهة مراكش تانسيفت الحوز، وتبحث في أسبابها ومسبباتها، ضمن إستطلاع الزميل الصحفي محمد القنور
تقول فاطنة، 45 سنة، ربة بيت، تسكن بشارع المدارس في سيدي يوسف بن علي، في مراكش: "أنا ديما كنمشي عند الفقها حيث الطبّا ما كيعرفو والو"، وقد ورثت هذه العادة من أمي، كانت الله يرحمها، تذهب دائما عند "الفقيه" بحومة بوسكري".
وكلمة "الفقيه"هو الإسم الذي يطلق على الشوافين وكذلك الشوافات، من أجل العلاج، الأستاذ مولاي عبد الله المنديلي ، باحث في علم الإجتماع والظواهر المجتمعية،
يؤكد أن التحولات التي يشهدها المغرب لا تعني تحولا جوهريا في بنيته الثقافية بالضرورة، بل إن بعض الممارسات والعادات القديمة ذات الأبعاد الغيبية، ما زالت سائدة بين فئات عريضة من هذا المجتمع. ويرجع تلك العادات إلى تفاقم الأزمات وتداخلها وارتفاع نسبة الفقر والبطالة والأمية بين هذه الفئات مع تنامي حاجاتها، يزيد من تعاطيها لبعض الممارسات الغيبية لحل مشاكلها. وأضاف أن انتشار الشعوذة يعكس إنتصار الثقافة التقليدية اللاعقلانية، تفسر كل شيء بالغيب، إضافة إلى أن المؤسسات التعليمية لاتزال لا تقوم بدورها التحسيسي التأطيري الكامل في هذا الصدد.
ويضيف المنديلي إنه إن كانت نسبة التعاطي للشعوذة تكاد تكون هزيلة في أوساط الشباب والشابات اليوم. فقد اعتادت كثير من العائلات على بركة الفقهاء والشوافة. حجم هذا الإهتمام يظهر في المدن المغربية بشكل جلي، فمدينة مراكش تتوفر على "سوق المجادلية" بالزاوية العباسية. و"سوق الرحبة القديمة" في وسط المدينة العتيقة، حيث يباع في هذين السوقين كل أنواع المواد المستخدمة في السحر أو العلاج من أمراض كثيرة "الشبا والحرمل والفاسوخ واللدون، واللبان"، وتستعمل في إبطال العين والعلاج من السحر أحيانا، كما يعرض التجار مجموعة كبيرة من الحيوانات الحية أو الميتة مثل الثعالب، والكلاب والقطط البرية، والضفادع والسلاحف، والقنافذ، السحليات، والثعابين وغيرها من المخلوقات المستعملة في الشعوذة والسحر، بالإضافة إلى عشرات الآلاف من الأعشاب. كما تنتشر في الأحياء الشعبية دكاكين العطارة والعشابة، ممن يبيعون كل المواد المستعملة من لدن السحرة والمشعوذين، بدءا من الأعشاب وإنتهاءا بمخ الضبع، حتى بعض أجزاء الفأر. والغريب في الأمر أن بعض أجزاء هذه الجيف تصل إلى 5000 درهم للقطعة الصغيرة.
"القوالب" فيهم أو فيهم"
في السنة الماضية ، انفجرت قضية كبيرة في المغرب، بطلها فقيه 53 سنة، يلقب بالشريف، أحد أشهر الأسماء بالصخيرات، ضاحية العاصمة الرباط،، قضية الشريف، الذي ينحدر من وسط أرستقراطي، سبق له أن اتهم بقتل فتاة في العشرينيات من عمرها، خلال إحدى جلساته المعتادة للعلاج من الصرع وإخراج الجن.
وفي الصخيرات، قلعة "الشريف المكي" المنيعة، فقد قدرت سلطات المنطقة زواره خلال يوم واحد قرابة خمسة آلاف راغب في بركة "الشريف" وبالفعل، أضحى المكي نجما من نجوم الحياة اليومية لدى أكثر المهوسين به من المغاربة، وحديثا رائجا في المقاهي والحانات، في الدواوير والمدن، في الحمامات والأسواق.
يؤكد "الشريف المكي" أنه بلمسه المريض ينتقل ألمه إلى جسده، لقد صرح لأكثر من صحيفة أن "بركته" كنز إلهي. وأضحى بيته، قبل أيام من وفاة الفتاة بين يديه، وجهة لمختلف الطبقات الإجتماعية، وتحدثت صحف مغربية عن زيارة تساء من علية القوم إلى بيته خلسة،والواقع إن كان شريف الصخيرات قد حظي بالشهرة والدفق الإعلامي، فإنه ثمة "فقهاء" أخرون لايقلون عنه إمتدادا لدى الأوساط المختلفة في أمزميز ودواوير دائرة أيت أورير، وجبال أسني وبراري إقليم قلعة السراغنة ، وشيشاوة، ولكن ظلوا بعيدين عن الأضواء.
فقبل شيوع خبرالمكي الذي كان يدعي أن له قدرة خارقة تشفي المرضى بمجرد لمسهم بيده. كان يطلب من الراغبين في بركته قالبين من السكر وقنينة ماء معدنية. بأشهر اعتقلت السلطات المغربية "فقيها" آخر اتهم بقتل فتاة بعد تعذيبها، معتقدا أنه بضربها سيخرج الجن منها.وهي القضية التي لاتزال معروضة أمام القضاء،
لقد بزغ نجم المكي الترابي وأضحى موضوعا دسما على صفحات الجرائد، ينافس في مستجداته "نانسي عجرم"و"وهيفاء وهبي"،" تهلا فيه " الإعلام المغربي المكتوب "من المزيان"، بحيث أصبحت صحف وطنية يومية ، تفتتح به أخبارها وتخصص له أكثر من استطلاع ، وتتابع من خلاله لمساته وهمساته، وهو الأمر الذي زاد من إشعاعه.
وبالفعل،أصبح الشريف حديث الشارع المغربي، وقبلة لآلاف المرضى، في مراكش حيث نظم أحد المؤمنين بقدراته وخوارقه رحلة لزيارته في الصخيرات، حيث امتلأ الكار المتوجه "عند المكي" عن أخره، خلال ساعة واحدة أمام المحطة الطرقية بباب دكالة، وبقيت طبعا "جعبة" للمنظمين تقدر بمليون سنتيم صرفت بعد رجوع الرحلة في "بارات جليز" "سبعة باردين و سبعة سخان وأر...ماعندك ياهوى" .
"غنادر" و "مزاليط" أمام المشعوذين
الإقبال على المشعوذين ليس حكرا على فئة دون أخرى، فقبل شهر اكتشف مدير مؤسسة بنكية معروفة، بساحة "جامع الفنا" لجوء موظفة إلى السحر، إذ كانت تطلب من عاملات النظافة وضع غبار شفاف على مكاتب أعدائها ومنافسيها وحتى على مكتب المدير، كي تحظى ب"القبول" والإحترام من قبل الإدارة. كما ضبطت في أحد الأمسيات وهي تحمل معها ديكا أسود اللون معها. وقامت بذبحه في أحد المراحيض الخاصة بالمؤسسة البنكية المعلومة.
وتكشف هذه الواقعة، أن اللجوء إلى السحر والشعوذة لا يقتصر على فئة "المزاليط" والأميين، وإنما يتجاوز ذلك إلى الأطر والمتعلمين،والأثرياء والمفركسين والمدللين.
وتؤكد "نعيمة"إحدى موظفات "دار الضو" أن صديقاتها غير المتزوجات والمتخرجات من معاهد عليا وذائعة الصيت، تلجأن إلى شواف في المسيرة الثالثة، يشتغل بالموعد مثل طبيب جراح اختصاصي في أمراض القلب والشرايين.
وتقول "نعيمة" ل "محمدية بريس" :"أن غالبية صديقاتي تفعل ذلك رغبة في الحصول على صديق أو زوج، بعضهن ورغم تعليمهن العالي تفعل ذلك كي تحظى بالقبول من قبل رؤسائها وكي تتسلق المراتب"
ويبقى اللجوء إلى السحر والشعوذة ليس شأنا نسائيا فقط ، وإنما يتجاوز ذلك إلى الرجال.
فكثير من رجال الأعمال والمال والسياسة يستشيرون المشعوذين والسحرة قبل الإقدام على خطواتهم المستقبلية.
فخلال ندوة إنعقدت قبل شهور حول تفعيل الفكر المقاولاتي، قام أحد رجال الأعمال المعروفين بمراكش،لإلقاء كلمة توجيهية أمام الحضور، وتوجيه المقاولين الشباب نحو الأفاق العلمية والإقتصادية، حيث تتحكم الأسباب بالمسببات،ويسيطر العقل الديكارتي والنزعة البراغماتية،وعندما أدخل يده في جيب معطفه الداخلي ليخرج الورقة التي تتضمن نص كلمته ،أخرج معها "حرزا"كبيرا على شكل التمائم التي يضعها الهنود الحمر على أعناقهم، مما أثار إندهاش الحضور.
"ناري على شوها"
وغير بعيد عن هذا الحادث، فقد إشتهر رئيس إحدى الجماعات بجهة مراكش تانسيفت الحوز هو الآخر بتجديد "لحروزة" كل شهر تحت عتبة قصره المنيف، الذي شيده من "عرق خفة أصابعه"، لذلك لا تتوقف أبدا أشغال الحفر والترميم في مسكنه .
كما أن "التباخير" ذو الرائحة المقرفة دائما يفوح من جسده، بمناسبة أو بغير مناسبة.
أسطورة "الشويطر"
تحولت شوافة الشويطر،على الطريق الرابطة بين أيت أورير ومراكش، إلى أسطورة لعقدين من الزمن، وكدست ثروة طائلة لأن جميع زبنائها كانوا من الميسورين، بل أن شهود عيان أكدوا أنهم شاهدوا شخصيات وازنة، من بعض صناع القرار، ورجال المال والأعمال، والأثرياء الكبار، وبعض كبار رجال السلطة، وحتى مشاهير الفنانين المغاربة يقفون أمام بابها، وذلك قبل وفاتها .
وقد ربط العديد من المهتمين بأسطورة هذه الشوافة، ارتفاع الإقبال عليها بتبعات الهجرة من إقصاء وتهميش. وأشكال التطاحن الإجتماعي الذي عرفته سنوات الثمانينيات،والتسعينيات وهي التبعات التي شكلت أرضية خصبة لإنتاج واستهلاك المزيد من أنواع "الشعوذة" والأعمال المرتبطة بها كالسحر والعرافة، واستعمال الأدوات المساعدة كالتمائم وأنواع البخور وغيرها من الطقوس.
أما بمدينة الصويرة فقد ذاع صيت "حسن" المنحدر من مناطق الشياظمة، وهو"شواف" يدعى محاربته لقوى الشر وكل الأرواح الشريرة،ويزعم مداواته لجميع حالات السحر بكل أنواعه ،وشتى صنوف التوكال ويدعي أن له قدرة على استخراجه من مكانه المدفون فيه ، كما له قدرة على جلبه ولو كان في مكان سحيق من الأرض،مثل سهول ماسيمارا في كينيا أو إقليم "الكيبيك" في إقليم الكيبيك بفضل استعانته ب"العلوم الشرعية".
"أشمن علوم شرعية يا القنور الله يهديك...راه العلوم الشرعية هي علوم القرآن،والحديث ومصطلح الحديث،وعلوم القراءات والتجويد والتفسير....بزاف على بحال هاد الناس العلوم الشرعية"
يعلق صديقي الأستاذ مولاي المامون المريني،الباحث في أشكال الثقافة الشعبية .
مشعوذ آخر يتبجح أمامنا في "محمدية بريس" أن آخر معجزاته على حد تعبيره كانت إعادته البسمة إلى شفاه إبن وزير سابق، أصيب بمس شيطاني بعدما كان قد تلقى فاجعة خبر وفاة والده، وذلك بصرعه على حد ادعائه للجن يدعى "عبروق" حيث أصيب لأكثر من مرة بحالات إضطراب عقلي، وانهيار عصبي.
الحداثة "المقرقشة"
الذي يزور مراكش للمرة الأولى سيندهش أمام مظاهر المرأة العصرية، التي أصبحت تمتطي السيارات الفارهة، آخر الصيحات من الفيراري و المرسيدس الفاخرة،وحتى "الهامر" وتسرح شعرها في أفخر الصالونات، وترتدي آخر صيحات دور الأزياء الفرنسية والإنجليزية والإيطالية، وتسبقها أينما حلت وارتحلت "مواكب" عطر "كازانوفا" و"شانيل" الباريسي الرفيع المستوى،والباهظة الثمن وتضع على وجهها وأطرافها مساحيق تجميل "إيف روشيه" و"أوري فلام".
تقول "نورة فنان" مشرفة إجتماعية من مراكش، يندهش المرء أكثر عندما يجد أن العديدات من هؤلاء النساء "الحداثيات" ومنهن بعض الحاصلات على شهادات علمية عالية وثقافة مستحسنة يعترفن "على عينك يابنعدي" بلجوئهن إلى الشعوذة، ولو لمرة واحدة، لمحاصرة الزوج النافر، أو طلب معرفة صدق عشيق، أو حتى إعادة المياه لمجاريها مع صديق غاضب "ماهو بزوج ولا بعشيق" ولكنه يشكل أساسا عاطفيا لهن في حياتهن اليومية، ومسيرتهن الإجتماعية ويبررن ذلك بالإشارة إلى كون السحر حقيقة، لا يمكن الهروب منها.
كما لايوجد أدنى حرج لهؤلاء النساء "الحداثيات" في القول أنهن يفضلن قبل الإقدام على زيارة الطبيب، أو محامي العائلة، أو الخروج في إحدى السفريات، أو الذهاب إلى أية حفلة زفاف أو عشاء عمل، أن تتشاور الواحدة منهن مع "شوافها" أو "شوافتها" الخاصة .
وعوض الإستشارة مع طبيب نفساني حول إحساس غامض بالكآبة، أو كابوس مزعج و دائم، أو إحساس بالعزلة والدونية متفاقم، أو نكوص في الجمال والإثارة الذي ينتاب هؤلاء النساء "المودرن"، فإنهن لا يترددن في حجز موعد مع "شواف" أو عرافة، وبالثمن المعروف لدى كلا الطرفين، أي السحار و"اللي باغية تشوف".
نية الأعمى في عكازه
عادة ما يؤدي الإيمان بالسحر والشعوذة إلي ما لا يحمد عقباه، فقبل سنوات وقعت في مراكش حادثة ما تزال تتردد على الألسن، مثل فيلم رعب هيتشكوكي.
وهي قصة تبتدأ مع مروض أفاعي معروف، مرة في جامع الفنا مع فرقته من عيساوة،ومرة يخرج قصد الإسترزاق لوحده قرب صهريج المنارة ،أو على الطريق المؤدية لفندق المامونية، عرضا بضاعته على السياح الأجانب ممن يفضلون أخذ الصور التذكارية مع الثعابين والحيات، وحدث ذات مرة أن لدغته أفعى سوسية، لاتعرف المناقشة، كانت من أكبر ماعنده في صندوق .وهي اللدغة التي أودت بحياته بعد دقائق معدودة ،لينقل بعد ذلك إلى مستودع الأموات ، في إنتظار تشريح جثته، وقدوم عائلته لدفنه.
وحدث تزامنا مع هذا الحادث، أن كانت إحدى السيدات تعيش حالة من الخصام الدائم، و"النكير" مع زوجها اللجوج ،الكثير الملاحظات،وقد إشتكت حالتها لإحدى صديقاتها ،فإقترحت عليها اللجوء إلى الشعوذة ، ودلتها على شوافة مشعوذة ،كانت وصفة هذه الأخيرة هي أن تضع حفنة عجين صغيرة في فم شخص ميت لمدة ليلة واحدة ، تم تخرجها بعد ذلك ،وتخلطها مع عجين خبز يقدم للزوج على مائدة الطعام ،كي يصبح حسب تعبير مصدرنا "ظرييف بحال لخرييف".
ولم يكن المرشح لاحتضان العجينة في فمه سوى صاحبنا "العيساوي " مروض الأفاعي القتيل، والمتواجد في ثلاجة الأموات، منذ يومين.
وبالفعل، يقول نفس المصدر فقد تمت الصفقة مع إحدى الممرضات العاملات في المستودع المعني بمبلغ ألفين درهم، مقابل أن تضع العجين المطلوب في فم مروض الأفاعي الميت، لتبدأ عملية ما يسمي علميا، بالتفاعل الكيماوي بين العجين وسم الأفعى في فم "العيساوي"، ولتنتهي التجربة بوفاة الزوج المسكين، تاركا وراءه ثلاثة أطفال، وزوجة قاتلة اعترفت بجريمتها، وبمن توسط لها من المشعوذة وحتى الممرضة.
أدن الميت
وعلى نفس المنوال، "نية الأعمى في عكازه"، أخبرني أصدقاء من قلعة السراغنة، أن زوجة أحد الأثرياء كلفت خادمة لها، من المقربات بأن تعد لها، ك *** بيد الميت، فما كان من هذه الأخيرة إلا التعاقد مع حارس مقبرة ليساعدها على إنجاز العملية، ونبش قبر، وإخراج ميت قصد "فتل"حبات الك *** بيده، مقابل مبلغ مالي مغري، تم تحديده في خمسة آلاف درهم.
غير أنه من سوء حظ حارس المقبرة، أن المقبرة المختارة لم تستقبل أية جنازة ومنذ أسابيع ،كما أن فتح أي قبر،هو مغامرة لا يستطيع الحارس المعني خوضها، ولكن في المقابل لايمكن تضييع فرصة العرض الدسم، وحجم المبلغ المغري ، خاصة بالنسبة لحارس مقبرة مثله يعيش على الصدقات، والأعطيات.
لدى فكر حارس المقبرة كثيرا ، وأعاد التفكير مليا، وحسب وقدر، ثم سطعت في دماغه فكرة، أن يحضر"متسكعا" من الشمكارة ممن يقضون جل أوقاتهم في المقبرة،في شم "السليسيون"ونفح "الديليا" ويلبسه كفنا ويضعه في قبر فارغ ليلا، ثم يتركه مع صاحبة الك *** ، لتفتل بيده، بعد أن يتظاهر بكونه ميتا، في مقابل مبلغ مالي .
وبالفعل جاءت الخادمة ليلا، بسيارة يقودها سائق صاحبة "المشروع الشعوذي"، من خلال إتفاق سابق مع حارس المقبرة، الذي دلها على قبر "الشمكار المتماوت"،حيث أسندت ظهره على صدرها، وشرعت في عملية الفتل،تاركة الحارس يبتعد ليراقب الخارج، وبعد انتهاء ما تيسر لها من "فتل حبات الك *** السحري" نفذت وصية سيدتها، الغير المتفق عليها مع الحارس، وهي قص شحمة أدن الميت، فإستلت مقصا من طرفها، وأطبقت على أدن "الشمكار" بالمقص الذي صاح صيحة كبيرة من وقع الألم، لتسقط الفاعلة من ورائه جثة هامدة، نتيجة أزمة قلبية مفاجئة – حسب تقرير الطبيب المشرح- وليفتضح السر، من بعد ذلك بساعات.
السحر والشعوذة ف " لمدينة "
ويبقى "ورق الكارطا" وقراءة الكف في المدن، وخط الرمل في مراكش وباقي المدن المغربية الكبرى، أحد وسائل الشعوذة التي تستغلها الفتيات وحتى بعض الشباب، وكذا بعض"الآنسات المحترمات" والخادمات ونساء الأحياء الهامشية الفقيرات،وصولا للأسف إلى بعض المحاميات والطبيبات والأستاذات الجامعيات وغير الجامعيات لتوظيف المعلومات التي حصلن عليها بالتلصص والتصنت على الرجل المستهدف، والإدعاء بأن الورق أو قراءة الكف أو"خط الرمل" هو الذي زودهن بها، وبالتالي يقترحن حلولا مختلفة، والكثيرات منهن متواطئات مع "شوافيين وشوافات"أميون غالبا ما ينصحن زبوناتهم باللجوء إليهم، بعد أن يكن قد زودن هؤلاء العرافين والعرافات بكافة المعلومات عن الضحية وقدرتها على تحمل الإبتزاز.
فقد حدثتني زميلة صحفية، أن تلميذة مراهقة جلست أمام شوافة في جامع الفنا،من صاحبات "الكارطا"،وسألتها قائلة:"واش غادي ناخد الباك..." زعما شهادة الباكالوريا
فقالت لها الشوافة : "غادي تاخدي الباك...وغادي تولدي معاه الدراري"
وفي رأي العديد من المراكشيين والمراكشيات ممن إلتقتهم "محمدية بريس" أن كل ما سبق وارد في قاموس الموروث الشعبي، ومع أن أغلبه يندرج في سياق الخرافات والشعوذة القديمة، فإن مساحة تطبيقه اتسعت نظرا لتعاطي العرافين والعرافات للوسائل التقنية في عرض خدماتهم، حيث أصبحت لهم مواقع على الأنترنيت، وتنازلت صحف عديدة عن رزانتها أمام إغراء مدخول الإعلانات، وأفردت مساحات لنشر معلومات تزكي خوارق هؤلاء المشعوذين وقدراتهم المثيرة للدهشة، حتى صار بعضهم يقدم خدماته عبر الهاتف المحمول، حيث يقوم من خلاله بنصب شباكه لإغراء ضحاياه.
وقالت إحداهن، إن النساء التقليديات والعصريات مازلن يحرصن على العمل بهذه الوصايا، لكون أن البعض يواجهن إشكالية تعذر الوفاء بكل ما تطلبه "الشوافات" أي العرافات اللائي صرن يطلبن أتباعهن بالدولار، نظرا لصيتهن الذي عم الآفاق وتدافع السياح والسائحات عرب وأعاجم طلبا لخدماتهن الخارقة، مما يجعلهن مجبرات على تنفيذ وصايا الجدات
فلكيون "بالسنطيحة"
وقد بلغت زمرة من أصحاب الشعوذة ومحترفيها حد التطاول على علم دقيق كعلم الفلك ، وذلك بهدف تضليل المواطنين والإحتيال عليهم لتحقيق الإغتناء السريع.
وما يكرس لخرافات هؤلاء هو الأرضية الهشة المتمثلة في طغيان ثقافة الإيمان بمعتقدات متوارثة عند بعض السذج أو اليائسين، نتيجة استفحال الجهل والتخلف والمشاكل الإجتماعية والإقتصادية ، كما أنهم لعبوا بديهيا إن أمن المغرب، وسلامة المواطن المغربي يهددها مرض الشعوذة الذي تفشى في أيامنا مستترا خلف قناع مجموعة من الممارسات كالعلاج بالأعشاب والجداول وغيرها، وقد أثارت هذه الممارسات الرأي العام الوطني على المتناقضات وحالات الضعف النفسي لدى الأفراد، إضافة إلى مساهمة عدد من الجرائد الصفراء في إشهار ادعاءاتهم، مما يفتح المجال الأوسع أمامهم لعرض مزاعمهم.
لكن اللافت للنظر والذي يستوجب التفاتة - ثورة- هو تطاول بعض الدجالين بالمغرب على القرآن الكريم بزعمهم معالجة - مرضاهم- بالإعتماد عليه.
لقد انتشرت ظاهرة اللجوء إلى السحرة والدجالين خلال السنوات الأخيرة، مما يدل بشكل لا يقبل الشك على مدى تدهور مستوى التفكير الموضوعي والعلمي في أوساط المجتمع المغربي، وانحداره إلى درجة الجهل، والتشبت بأطياف الوهم والدجل والكذب الممنهج، ولذلك فقد ازداد عدد المشعوذين والدجالين المتطاولين على علم الفلك مع ذلك الإقبال، وصار أصحاب الشهادات والمناصب العليا وبعض المثقفين أيضا زبائن هذا الدجال أو ذاك.
وقد عرفت الشعوذة بأنها خفة في اليد، وترتكز على عنصري الخفة والخداع، كما أن سياسة المشعوذين ذكية ومشجعة إذ يكتفون خلال الزيارة الأولى بمبلغ رمزي ثم ترتفع "الفاتورة" في الزيارات الموالية تحت ذريعة ارتفاع ثمن البخور والعقاقير التي يستعملونها،وهي في الحقيقة أزبال مقرفة،وقمامات عطنة،على غرار"مخ الضبع" و"بول لحمارة العاقرة" و"زغب السبع" وبالمناسبة فأنا شخصيا لاأعرف من أين سيأتون ب "زغب السبع" إلا أن يكون "السبع ديال الربعية ت الوقيد"،وقد تصل أثمنة هذه "العقاقير الزبالية"إلى آلاف الدراهيم، ومنها ما يتجاوز أحيانا خمسين ألف درهم،لايتردد بعض المغرر بهم والمغرر بهن من الرجال والنساء على دفع أثمنتها وعلى العموم فإن نتائج أعمالهم تكون مدمرة وفاشلة، فالإحصائيات وكذا المتابعات الميدانية تؤكد أن النساء بشكل عام يثقن بالدجالين أكثر من الرجال، وكثيرا ما تقف هذه الثقة العمياء وراء خراب البيوت وحالات الطلاق، وربما القتل أحيانا، وكثيرا ما تفقد المرأة من جراء ذلك الثقة في ذكائها وإمتدادها الإجتماعي وشهادتها العلمية،وأنوثتها الرائعة،وطيبوبتها الفاتنة،وطلاوتها الرائقة،ووهجها كسيدة أو آنسة محترمة، لتسلم كل هذا وغيره لمشعوذ أو مشعوذة .
[صحافة "تشوافت
وعلى الرغم من ذلك فإن الصحف تمتلئ بإعلانات عن هؤلاء المشعوذين الذين يفضلون تسمية وتلقيب أنفسهم بالفلكيين، بلا حشمة وبلا حياء، ودون علم وكالات الفضاء الدولية مثل "ناسا" حيث يؤكدون من خلال هذه الإعلانات أنهم قادرون على قراءة الطالع وفك النحس وجلب الغائب وما إلى ذلك، لكن الأمر لا يعدو أن يكون مجرد اختلاط في المفاهيم، إذ أن أصحابها لا دراية لهم بعلم الغيب ولا بحقوله، بل وكثير منهم يكون عاجزا عن قراءة السطور فبالأحرى قراءة المستقبل، وقد تناسى هؤلاء أن الفلكي الحقيقي –راه ف "لانازا" متسلح بالمعرفة المستفيضة من الفيزياء وعلوم الذرة والرياضيات العليا، ومصقول التجربة عن طريق الإحتكاك بتجارب غيره من العلماء ذوي الخبرة في المجال، إضافة إلى الإنفتاح على واقع مستجدات العلم الوضعي،وأفاق حاجيات الناس والمجتمع للتكنولوجيا،مثل الشاب المغربي الرائع الودغيري، الذي سبق وأن إلتقته "المسائية العربية" في ندوة بكلية الطب والصيدلة، التابعة لجامعة القاضي عياض في مراكش.
وللوقوف على هذا العالم الغريب لهؤلاء الدجالين الذي يختلط فيه الصدق الناقص بالكذب المكشوف، والواقع المتردي بالخيال العقيم، وتكتنفه العديد من الأسرار ولتقريب القارئ من الموضوع حاولنا أن نقوم بجولة على بعض البؤر المعروفة التي يتردد الناس عليها.
وهكذا زرنا بحي "باب أيلان "المسمى ولد الحاج، وهو دجال اعتبر نفسه أول منجم مغربي، وأن له علاقة برئيس الإتحاد العالمي للفلكيين الروحانيين مع العلم أنه لا يفقه حتى كيفية كتابة إسمه، ورث عن والده حرفة مداواة الناس بالأعشاب، كما أكد قدرته الكبيرة في صرع الجن بواسطة العشوب والبخور والقرآن بعد المعاينة، يقول متحدثا عن كيفية صرعه للجن ."...أنا لا أتكلم معه ولا أضرب بالعصا، بل أداوي بالبخور والقرآن فقط ، ومن كانت حالته مستعصية نرسله إلى "بويا عمر"، وغير المصاب بالجن نرشده بالذهاب إلى طبيب نفساني..." إضافة إلى تأكيده على قدرته الخارقة على قراءة الطالع ، "...نأخذ إسم الإنسان وبرجه ونقرأ له الطالع، وتستغرق مدة قراءة الطالع ساعة أو نصف ساعة لأن برج الإنسان يتغير عبر الحقب..." مضيفا أن المقبلون على الإستفادة من مؤهلاته وقدراته ليسوا فقط من الدول العربية بل من أوربا أيضا، حيث أنه دائع الصيت على حد تعبيره في مجالي علم التنجيم والعلاج بالأعشاب حيث استطاع بقدرته الخارقة وإلمامه الواسع بأسرارهما، أن يعالج العديد من الأمراض كالعقم، الضعف الجنسي، الضيقة، الحساسية، الروماتيزم، بوزلوم، البواسير، التابعة "وأولادها سبعة" وبوصفير، وبوحمرون، والعواية، و بوشويكة وحتى "السيدا"...وهي مرض استعصى على الطب الحديث علاجها فكيف لهذا الشواف أن يشفي منها؟
أوما يسمونه بالأمراض الروحانية كالسحر والعين، ثقاف النفس، التعكاس المتعلق بتأخر الزواج وإزالة العكس والتابعة...، وهو يعتمد في ذلك كما زعم في إطار حديثتا معه على أساليب علمية بعيدة عن كل أنواع الشعوذة والدجل والسحر الشيطاني مدعيا أنه صاحب خبرة وتجربة في المجال مدتها 27 سنة، وأنه دارس للتنجيم الفلكي، وله شواهد عليا منحها له " فلكيون كبار " منهم أحد التونسيين الذي يلقب أو يتوج نفسه ملك الفلك والسحر على رأس أمثاله من المشعوذين والدجالين، والأغرب من ذلك أنه تسلل إلى عقل الإعلام العربي ليروج لادعاءاته ، وليبيع أوهامه بالدولار متاجرا في ذلك بآلام اليائسين والمتعبين من ضربات القدر، فهو لا يتورع عن طلب ثمن الوهم الذي يبيعه لهم وبالعملة الصعبة من خلال أمور الشعوذة والدجل التي يمارسها، ادعاء معرفة الماضي والحاضر والمستقبل، ليتطور الدجل على يديه تطورا يتناسب وتقنيات العصر.
"ك *** بيد الميت"
أما في جماعة مولاي إبراهيم بإقليم الحوز، فقد حط الرحال من قلب سوس وبالضبط منطقة إنزكان،شخص يدعى "رشيد" ، وهو دجال يدعي كغيره جمعه بين علم الفلك والدراية الكبيرة بعلم الأعشاب في حين أن كلا منهما علم قائم بذاته مع تأكيده لنا في "محمدية بريس" أنه يعالج الصدفية مائة بالمائة إلى جانب أمراض أخرى وله تجربة في المجال فاقت 30 سنة، وآخر معجزاته تخليصه لفتاة إيطالية تدعى "فكتوريا" من جن مغربي كان يسكنها واعتناقها بعد ذلك الإسلام، مضيفا ومدعيا أنه يعالج بالقرآن الكريم والأعشاب جميع الحالات العضوية أو غير العضوية .
في حين على تراب بلدية "بن ڭرير" فقد اشتهر مشعوذ كبير، يدعى "الحاج" روج لكونه أول من يقرأ خط الرمل في المغرب، وذلك قبل أن يعفو عنه الله"ويصبح صحفيا، يحمل في جيبه بطاقة "وزارة خالد الناصري، ويتكلم "بحال شي واحد واعر" على هفوات حكومة "العباس الفاسي"
نفس المنطقة بن ڭرير عرفت في بداية التسعينيات، حكاية زوجة الحاج التي "تك *** بيد الميت" هي الأخرى بدورها دائما قبيل الإنتخابات البرلمانية، طبعا قبل مجيء "تراكتور" الهمة الذي حرث كل شيء. وهي الحكايات التي مرت بعض فصولها ببرنامج وقائع الذي كانت تبثه القناة الثانية "دوزيم".
صفوف طويلة من النساء و الرجال نجدهم أمام بيوت الدجالين و المشعودين منتظرين دورهم و مسلحين بالثقة أو ما يسمى ب (النية) للدخول الى الساحر و الحصول على البركة اولا ,ثم نيل رضى ملوك العالم الخفي ليتم تلبية مطالبهم .
انها صورة تبدو عادية نظرا لاقبال عدد هائل من الناس على طرق هدا الباب سواء كانوا شبابا أو شيوخا , مثقفين أم أميين , و تقول السيدة عائشة و هي امرأة مسنة عن رأيها في وجود السحر "الله يحفضنا من السحور التسليم ا رجال البلاد " و راحت تردد أيات قرانية و كأنها خائفة من أن تسمعها قوى خفية يزعم أنها تتحكم في مصير الانسان تم راحت تتمتم "بسم الله الرحمان الرحيم" ,في الصدد داته تقول السيدة فاطمة و هي ربة بيت في مقتبل العمر و متوسطة التعليم ," السحور كاين و مدكور في القران و ما كايفك السحور غير السحور بحالوداك الشي ما كاينفع معاه حتى شي طبيب" .
و أفضل مكان يمكن الاستفسار فيه عن هدا الموضوع هو عند الدجالين أنفسهم و الدين يتقوقعون عادة في الاحياء الشعبية , غير أنمؤخرا أصبحوا يتواجدون في أحياء راقية و يتعاملون بأجهزة حديثة و لا يمكن مقابلتهم الا عبر أخد موعد مسبق عن طريق الهاتف أو أن تكون أكثر تكنولوجية لتتعامل مع المشعود عبر الانترنيت حيث تقول السيدة بحرية و هي مشعودة دات صيت كبير:"هده البركة ورثتها على جدودي و كانستخدمها باش نعاون عباد الله" و فيما يخص الخدمات التي تقدمها الحاجة بحرية تقول :"الجواد الي معايا كايفكو النحس و كايبعدو الحسد و كايحايدو السحور الخايب" و أضافت لائحة طويلة من الخدمات التي تستطيع تقديمها للزبناء بواسطة الجواد و رافق دلك مجموعة من الطقوس الغريبة و طلسمات سحرية مخيفة تجري العادة باستخدامها عند قراءة طالع الزبناء .
و فيما يخص زبناءها فقد شهد لها الكثير منهم بالبراعة و دلك عن تجربة مسبقة و يضمنون مفعول عملها رغم أن الامر مكلف لكنه يستحق العناء , و الامر المدهش حقا في الموضوع هو اقبال الاجانب على الدجالين المغاربة باعتبارهم متفوقين في هدا المجال و يقول سائح أجنبي فيما يخص التجاءه الى الى الدجالين:"في الحقيقة سمعة هده العرافة كبيرة جدا و قررت أن أجربها نظرا لما سمعته عنها من قيامها بأعمال خارقة " ثم استمر السائح في استرسال أسماء لمشعودين معروفين ببراعتهم من جميع أنحاء المغرب كل حسب تخصصه
تعتبر الشعودة ظاهرة متفشية في اواسط مجتمعنا المغربي فمع الارهاصات التي تتعرض لها بنات حواء للظفر بالزوج او سحر الزوج ليصبح كالضبع الاليف او كالحمار يحمل اسفار.
فلا ينسى لنا ان بلادنا تحتوي على دة انواع من السحربنسبة99في 100 نساء يومنون بالسحر اكثر من الرجال
في مراكش وفاس المناطق السياحية نجد العرافة تتكلم اربع لغات لتتحاور مع الجالية الاروبية التي تضطر للعودة ثلاث مرات في السنة بسبب السحر و بالتالي ازدهار السياحة المغربية ويقولون ان السحر المغربي اعقد سحرعربي لايفكه سوى السحر اليمني وهذا تصور خاطيء(فلا يفلح الساحرحيث اتى ) ويعتبر موقف الاسلام موقف التحريم تجاه الشعودة والايمان بها لان رسول الله سحر له في المشط وكثيرة هي الامثال ويعتبر اليهود اول من ابتدع السحر وعلومه.
فمن امن بالخرافات والشعودة لاتقبل منه الصلاة اربعين ليلة .
اما في مكناس فيبقى ظهورطبقة تصوفية تدعى بعيساوة تقيم انواعا من الاهازيج تمهد السحر عن طريق شياطين الجن .وتدعي نفسها (برجال الله)او( سبعة رجال)وهذا كفر لا محالة هي هن السحر لا يقتصرعلى المراة المتعلمة والجاهلة لكن بعض الرجال يومنون بالشعودة .
اما البخور فهو طريقة للنقاهةعند الفقهاء ويدعونها (التفسيخة) وهذا خطا كبيراما بالنسبة لجلود الحيوانات واسماء لااساس لها من الصحة (شعر الفار اليتيم) (شارب الجرد المطلق)(قنفد اصلع)(بومة حاجبة) و بعض الاعشاب كالساكتة والمسكوتة وغيرها.
من المفارقات العجيبة أنه بالرغم من التقدم والتطور الذي حققته البشرية إلا أنه مازال هناك من يلجأ لمثل هذه المور الغير مقبولة لا دينا ولا عقلا وفكرا والأعجب من ذلك عندما نرى أن من رواد مثل هذا الدجل هم اناس على قدر كبير من العلم والثقافة
عندما يلجأ الجاهل للكهنة والعرافين فلا نستطيع لومه على ذلك وذلك لأن الجهل يقود الانسان نحو الهلاك
لكن عندما نرى أصحاب الشهادات العليا والآراء المقنعة يلجأون لمثل ذلك هنا نضع عشرات من علامات التعجب !!!!
ومن المؤسف حقا هو تحول الدجل والشعوذة من أمور تتم بالخفاء وتحت ستار يحفه الخوف والرهبة من انكشاف الأمر .. أصبح الناس يتفننون في الترويج لمثل أولئك الدجلة والكهنة والمشعوذين .. بل وصل المر في أن يتم ذلك عبر وسائل الاعلام واذكر مثالا هنا وليس حصرا قناة كنوز التي تجعل من الدجلة وكأنهم مشائخ وأصحاب نصيحة والعجب من ذلك هو كم الاتصالات الهائلة التي تصل إليهم وتطلب معونتهم !!!!!
وا عجباه ويا أسفاه على عقول امتلأت بالعلم ولم ينفعها علمها في التفريق بين الدجل والشعوذة وبين العلم الشرعي القويم في العلاج والنصح والارشاد
لا تنشأ البكتيريا إلا في المياه الراكدة التي أسنت و تعفنت لخلو المحرك الفاعل الذي يجدد حركتها ,,,
فمع انتشار الجهل و قلة الوعي و انعدام العدالة يلجأ الناس إلى التشبث بأي وسيلة يتعقدون أنها تحقق رجائهم و أمانيهم ,,,
فهذا يلجأ إلى مشعوذ بسبب جشع و طمع في كسب المزيد من دون عناء و ذلك يلجأ بسبب الفقر و العوز و ذلك يلجأ لأنه أسلم زمام أمره إلى هواه جاعلا منه إله يعبد من دون الله ,,,
ففي كل هذه الظروف يحجب ذلك الشعاع النير الذي يبث الأمل في نفوس الناس ,,,
فمع الظلم الجائر و استكانة الناس إليه و خنوعهم تندفع الناس لكي تتخلص من ذلك بعمل أعمال مشينة تقودهم إلى الشرك الخفي الذي ينغمس الإنسان فيه من حيث لا يشعر ,,,
الشعوذة و السحر سيطرت على الفكر الإنساني لآلف السنين و لن تنتهي إلا بمزيد من الإيمان بالله ,,,
و أن التغير له طرق و أسباب طبيعية وفق النواميس الحقه و أن اللجوء إلى الغيب لغرض التوفيق و الدعاء من الله سبحانه عز و جل علام الغيوب ,,,
إننا لا ننكر أن لدى المشعوذين علم بشيء ما لا نعلم كنه لكنه على أي حال من الأحوال مصدره شيطاني لاختلاف عالم الشياطين عن عالم الإنس لكن هذا العلم غرضه الشيطنة و بث الشرك بالله ,,,
كما تجدر الإشارة أن هذه العلوم الغريبة كثير منها حرف و بدل لتباعد عصوره الأولى عن عصر التنوير الذي قاده منقذ البشرية الرسول الأعظم عليه أفضل الصلاة والسلام ,,,
فمع مبعثه الشريف قاد البشرية إلى حركة تنويرية تقوم على شقين الإيمان بالغيب الإلهي و العمل بالأسباب ,,, لكن هذه الأمة يوم ما ركنت تعاليم رسولها و غيبت قرآنها على رفوف المكاتب و أطفأت نوره ,,, برز مرة أخرى سراب الشعوذة و الشيطنة في قيادة الناس إلى مهالك الردى فربت مرة أخرى تلك التجارة و نشطت بصوره أخرى بل و كأنما هناك حالة انتقام من ذلك و لكن بتحريف و إيهام أكثر ,,,
الشعوذة اليوم لها رواد كثر من كل الجنسيات و الأمم و لا تقتصر على هذه الأمة ,,, و من يطلع على سجل الرؤساء الأمريكان يهوله الأمر ,,,
هذه الأسطر مجرد محاولة للقراءة و الله العالم ,,,


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.