حين تم توجيه الدعوة للموظفين والعمال والمستخدمين للمشاركة في الإضراب الوطني العام ليوم 29 أكتوبر 2014، كانت شريحة مجتمعية أخرى تلهث في ذلك اليوم لعلها تجد فرصة عمل ليوم واحد، أو لبضعة أيام في أحسن الأحوال، وربما لبعض الساعات فقط. مثال هذا الواقع حرفيو البناء، والصباغة، والجبص، و" الحمّالة"... الذين احتجوا أمام الشركة/ المقاولة المكلفة بإنشاء محطة القطار الجديدةبوجدة، يطلبون عملا " نريد فقط أن نشتغل، وهؤلاء جاءوا بالعمال من مدن أخرى، ونحن أبناء المدينة نعاني مع أسرنا من البطالة القاتلة، وهذا غير منطقي" يقول س. ت. مياوم 29 سنة .. كان عددهم يفوق الثلاثين حرفيا، عادوا للتوّ من ولاية الجهة الشرقية أين تواجدوا بهدف ملاقاة الوالي لطرح مشكلهم، والبحث على حل مُرضٍ" قالوا لنا نظموا أنفسكم، وأعِدّوا لائحة إسمية مع أرقام هواتفكم، وسندرس المشكل، ونتصل بكم في الوقت المناسب والقريب..." يقول س. محمد، 34 سنة، يشتغل" فيرايور" .. ومن زاوية قريبة يُسمع صوت يخترق الجموع" إنهم يكذبون علينا، ولن نغادر المكان إلا إذا أعطونا وعدا حقيقيا صادقا". وفي تصريح لأحدهم، أثار ما سماه عنصرية لمسؤول بشركة البناء" أجابنا أنه لن يشغّل أبناء وجدة، وقد جلب معه عمالا من مدينته الأصلية خارج مدينتنا، ونحن أغلبنا أرباب عائلات نعيش قهرا اجتماعيا واقتصاديا حادا...". من صور المواطنين المغلوبين أيضا" اصحاب الموقف"، يصطفون قبالة سوق مليلية بوجدة في طابور طويل يشكّل سافة 500 متر طولا، بمختلف أدوات وآليات عملهم، وعددهم يفوق أحيانا 300 حرفي، منهم البناءون، والصباغون، ومنظفو قنوات المياه العادمة" أخرج يوميا فجرا من بيتي الذي أكتريه، ولدي 05 أبناء، وقد أكون أحيانا محظوظا أظفر بيوم شغل أو أكثر، وغالب الأيام يبقى معظمنا ينتظر إلى أن تظلم الأجواء، ثم يعود من حيث جاء يجر آلامه" يصرح ع. ب. 54 سنة . هؤلاء، تقابلهم نساء يتموضعن أمام المدخل الرئيس لسوق مليلية، وبباقي محيطه، يترقبن إشارات من مواطنين بحاجة إلى خدماتهن منظفات في البيوت..." أنا أرملة، لدي ابنان أعيلهم بهاته الطريقة المتقطعة مردوديتها المادية. قد أحصل مرة أو مرتين في الأسبوع على فرصة عمل بالبيوت، مقابل 100 درهم، أو أكثر بقليل، لكن هذا لا يكفيني وعائلتي...". هؤلاء، يقول أحد النقابيين، وضعيتهم معقدة، إذ يصعب احتضانهم في إطار نقابي لأنهم غير مصنفين ضمن فئة عمالية معترف بها حتى تستفيد من حق الدفاع عن حقوقها من داخل النقابة...".