في تطور مثير، وفي أول رد فعل ضد دورية صادرة عن مصطفى الرميد، وزير العدل والحريات تتضمن "تقييد" مشاركة القضاة في الندوات والدورات التكوينية، أعلن نادي قضاة المغرب عن عزمه مراسلة الاتحاد العالمي للقضاة بحجم التضييق الممارس على القضاة من طرف الوزارة الوصية، مؤكدا أنه يحتفظ بحقه في الرد المناسب على الحملة التي وصفها ب"الشرسة و الممنهجة" التي تقودها هذه الأخيرة ضد الحقوق الأساسية للقضاة. وانتقد النادي بشدة مضمون الدورية عدد 2 س 1/4 الصادرة بتاريخ 19 يناير الماضي عن وزير العدل والحريات، واعتبرها، في بيان أصدره مكتبه التنفيذي المكلف بتسيير الأشغال عقب الاجتماع الاستثنائي الذي عقده أول أمس السبت عن طريق تقنية التواصل عن بعد، "محاولة يائسة من طرف وزير العدل والحريات لإسكات صوت القضاة الوطني في الدفاع عن استقلال السلطة القضائية والقضاة ، في المنتديات الوطنية و الدولية، وكذا لحجب حقيقة الممارسات الماسة باستقلال القضاة، والتراجعات التي تم تسجيلها على مستوى مشاريع النصوص التنظيمية ." وقال النادي، في البيان ذاته، الذي توصلت "رسالة الأمة" بنسخة منه، إن مثل هذه الدوريات تعكس الرغبة الجامحة للسلطة التنفيذية في كبح رغبة القضاة في تطوير كفاءاتهم وقدراتهم المهنية من خلال المشاركة في الندوات والورشات والدورات التدريبية ، خاصة أمام إخلال وزير العدل و الحريات بصفته رئيس مجلس إدارة المعهد العالي للقضاء خلال مرحلة تنزيل مقتضيات دستور 2011 ، بضمان حق القضاة في التكوين المستمر الذي يتناسب و حاجياتهم المهنية و العلمية، بعيدا عن برامج التكوين المستمر المعتمدة والتي تفتقر إلى مناهج بيداغوجية و أطر مهنية مؤطرة له. وأشار المصدر إلى أن "وزارة العدل والحريات تحاول، من خلال إصدارها لمثل لهذه الدوريات، التشبث برغبتها في التحكم في القضاة والسلطة القضائية، رغم أنه لا يفصلها عن تنزيل مقتضيات الدستور سوى أيام معدودات، ويعطي الانطباع على المزاجية التي تطبع عملها من خلال الترخيص لبعض القضاة بالمشاركة في ندوات والرفض للبعض الآخر بحسب ما تم رصده من طرف الأجهزة المسيرة للنادي، بدون أي تبريرات منطقية وحقوقية، خاصة و أن المشرع حدد الحد الأقصى من الأيام للاستفادة من الرخص الاستثنائية خلال كل سنة"، معتبرا في هذا السياق أن "تفسير وزارة العدل والحريات هذا يبقى تفسيرا يتسم بالتعسف والجور، و خاصة ما يتعلق بمدلولات الأسباب الوجيهة للاستفادة من الرخص الاستثنائية المحددة في المادة 31 من النظام الأساسي" . وطالب المصدر ذاته المشرع بضرورة ضمان حق القضاة في المشاركة في الندوات والدورات التكوينية لتطوير كفاءاتهم، وذلك باعتماد مسطرة تضمن استمرار أداء السلطة القضائية لأدوارها، مشددا على ضرورة ضمان حضور أعضاء الأجهزة المسيرة للجمعيات المهنية لاجتماعات هذه الأخيرة والتظاهرات العلمية والتضامنية المنظمة من طرفها، معتبرا التضييق على ممارسة النشاط الجمعوي من خلال عدم ضمان تسهيلات للأجهزة المذكورة "اغتيالا مبطنا ومقنعا للحقوق الدستورية للقضاة" . أما فيما يتعلق بالتراجعات التي تم تسجيلها بخصوص نظام ترقية القضاة، فقد اعتبر النادي أن صيغة مشروع القانون التنظيمي المعتبر بمثابة النظام الأساسي للقضاة "تؤكد رغبة السلطة الحكومية المكلفة بالعدل في اعتماد صيغة لا تضمن نظام ترقية محفز بشكل يضمن استقلال القضاة". وأضاف أن هذه الرغبة تتجلى بشكل واضح من خلال "اعتماد مدد طويلة للترقية بين الدرجات، واقتراح إجراءات انتقالية لا تتيح استفادة القضاة المعينين بالدرجة الثالثة الممارسين لمهامهم في تاريخ نشر القانون التنظيمي بالجريدة الرسمية من التخفيض الذي طال مدة ترقية قضاة الدرجة الثالثة الى الدرجة الثانية، إذ نص المشروع على استمرار خضوعهم لنسق الترقي المحدد في النظام الأساسي لرجال القضاء المؤرخ في 11 نونبر 1974"، مطالبا في هذا الصدد "بضرورة حذف هذه المادة من مشروع القانون التنظيمي وإقرار استفادة القضاة المعينين في الدرجة الثالثة عند نشر القانون التنظيمي من نفس نسق الترقية الجديد الخاضع له القضاة المعينين بعد دخوله حيز التنفيذ" . ولاحظ النادي أن مسودة المشروع لا تقترح نظام ترقية محفز لقضاة الدرجة الاستثنائية، والذين ظلت وضعيتهم جامدة، ولم يتم شملهم بتحسين الأوضاع المادية للقضاة، مؤكدا عزمه خوض أشكال تضامنية مع هذه الفئة في سبيل تحسين أوضاعها المادية و إقرار نظام ترقية محفز لها يضمن تطوير الكفاءات في إطار المبادئ الدولية لاستقلال القضاة بمختلف درجاتهم و رتبهم .