محمد المستاري - القنيطرة نظم المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين بالقنيطرة، مساء يوم الأربعاء 6 مارس الجاري، محاضرة بعنوان: "مهنة التدريس على ضوء العدة التكوينية الجديدة"، ألقاها الأستاذ الباحث الحسن اللحية، وساهم في تأطيرها الأستاذ المصطفى مورادي منسق شعبة الفلسفة بالمركز ذاته. وانصبت محاضرة اللحية، التي تابعها ثلة من الأساتذة المتدربين ومدير المركز الجهوي بالقنيطرة حسن جباح، وبعض أطر المركز، حول كفايات المدرس، حيث بين الباحث اللحية من خلالها أهمية التفكير في سؤال الهوية المهنية، متسائلا: "من نحن؟ ما الذي يميزنا نحن مجتمع المدرسين والمدرسات عن مجتمع الجزارين وعن مجتمع آخر من المهن؟ وبماذا نقوم بالتحديد؟ هل نحن أصحاب وظائف؟ هل نحن أصحاب رسائل وبالتالي نتماهى مع القديس أوغسطينوس؟ هل نحن أصحاب مهام؟ هل نحن حرفيين؟ هل نحن محترفين؟ هل لدينا فعلا مهنة؟ وما هي مميزات المهنة؟ وما الذي يميزها عن الحرفة، خاصة عندما أصبح الحديث عن المدرس "الحرايفي" فبأي معنى؟ إذن من نحن في آخر المطاف؟". واعتبر اللحية أن كل مثل هذه الأسئلة ينبغي أن تطرح للنقاش، خاصة في هذه الفترة التي تقطعها منظومة التربية والتكوين، لأسباب عزاها إلى المنظومة التربوية باعتبارها تعرف الفئوية بشكل لا يتصور، موضحا ذلك بصراع الفئويات المتمثل في أصحاب السلم 10، أصحاب السلم 11...وغيرها من الفئويات التي تكون في أي مركز أو أي ثانوية أو أي إعدادية أو أي مؤسسة من مؤسسات التعليم الابتدائي. فما الذي ينبغي أن يكون عليه النظام التربوي إذا أصبح نيلا ونحلا؟ يتساءل الباحث... وزاد اللحية، ففئات نَحُلُّ لهم المشاكل بالأقدمية ! وفئات بالتفاوض !... فأصبحت الاحتجاجات عامة ومعممة أمام الوزارة وأمام الموارد البشرية. وفي ذات السياق تساءل اللحية بأنه في آخر المطاف من نحن؟ مجيبا، لذلك ينبغي أن يفكر المغرب بتصور آخر من أجل أن يتجاوز هذه الفئوية المميتة والقاتلة، وهذا ينبغي أن نفكر فيه يقول اللحية... ويضيف، كما ينبغي أن نفكر في قضية "توصيف المهن le rique" التي تعرفها الوزارة منذ مدة، بحيث إن هذا التصور الكندي الذي يقوم على وصف كيف ينبغي أن يكون المدرس؟ بين اللحية أنه يفرز توصيفات وتمثلات كثيرة ومتباينة حول المدرس، إذ كل يراه من زاويته الخاصة. ومن أجل أن نتلافى ونتجاوز هذه التوصيفات المتباينة، ينبغي أن نطرح المدرس للنقاش. واعتبر اللحية أنه لا يمكن طرح المدرس للنقاش إلا من خلال حوار وطني حول ما نعنيه بالمدرس. حوار يدعو اللحية من خلاله إلى "أن يحدد المسؤول السياسي والنقابي والمثقف وغيرهم هذا التمييز أي ما نعنيه بالمدرس. وهو إطار لكفايات ما يتجدد ويتغير ويكون تعاقديا، بمعنى أن يتعاقد المجتمع مع نفسه حول المدرس". يقول اللحية. كما شدد اللحية على أنه "لا يمكن أن نفكر في هوية المدرس أو في كفايات المدرس انطلاقا من تصورات الخبير". واستدل على ذلك بالشهادة الابتدائية التي تساءل حول معناها؟ وعن التلميذ الذي يحصل عليها، هل يعرف القراءة؟ هل يعرف الكتابة؟ ويضيف اللحية، "لا يمكن أن نتوافق على كفايات للمدرس أو للمفتش أو للمكون أو للموجه أو للمخطط أو للإدارة التربوية في غياب هذا النقاش الجماعي والحوار الجماعي". ولذلك اعتبر أن هناك جزء كبيرا من المسؤولية على النخب السياسية. بحيث إذا كنا نؤمن بأن على المؤسسة أن تشتغل، فينبغي للمؤسسات أن تشتغل، بمعنى أن تجعل من التعليم تفكيرا جذريا وليس تفكيرا بأسئلة قريبة أو أن يبقى التعليم بهذه النزعة النقابوية، وننتظر متى يرتقى هذا أو ذاك من سلم إلى سلم ومن رتبة إلى رتبة. لهذا يرى اللحية أنه لا يمكن بتاتا أن نفكر في إطار تعاقدي حول كفايات معينة كيفما كانت هذه الجهة، سواء كانت منظمة دولية أو كان خبير.. بل ينبغي أن يناقش المجتمع وأن تناقش الدولة وأن يناقش الفاعل والباحث هذا الأمر. علما بأن مشكل التعليم هو أنه يعرف انتقالات كبيرة، فحسب اللحية مدرس الستينات ليس هو مدرس السبعينات، والتغيرات تحدث هنا وهنا، فالسبورة في طريقها للانقراض، فالأشياء تتطور وتفرض منطقها الخاص. لذلك ينبغي تفكير ينصب على شيء آخر. كما تساءل الباحث عن جملة الانتقالات التي عرفها نظام التربية من قبيل الانتقال من المدرس المعلم إلى الوسيط. والانتقال من التلميذ إلى المتعلم. فما الذي يخفيه الميثاق في ثناياه وهو يتحدث عن متعلم جديد؟ والانتقال من المقرر إلى المنهاج الدراسي، والانتقال من بناء الفكرة إلى المفهوم، والانتقال من المراقبة إلى التقويم،...يتساءل الباحث... هذا؛ وناقش الباحث في معرض حديثه عدة قضايا أخرى مثل تمثلات مدرسة المستقبل، وكيفية انتقاء الأساتذة، والتحديات المرتبطة بالمجتمع كتنامي العنف. وغيرها من الإشارات الأخرى.