– محسن الصمدي: اعتبر غالبية زوار صحيفة "طنجة 24"، أن ظاهرة تكريم الشخصيات العمومية التي قدمت بعض الخدمات الجليلة للمدينة وللمملكة، لا يشكل قيمة مضافة في المجتمع ولا يدخل في نطاق الأشياء التي يجب إيلاءها أهمية قصوى. وعبرت نسبة 69.88 في المائة، تمثل 4216 من المشاركين في الإستطلاع الذي أجرته الصحيفة، على مدى أسبوع، والذي يهدف إلى معرفة رأي الساكنة في الإضافة التي تقدمها حفلات تكريم الشخصيات العمومية للمجتع، (عبرت) عن رفضها لهذا النوع من المبادرات، بينما رأت نسبة 30.11 في المائة، تمثل 1816 مشارك، أن هذا الأمر ضروري من أجل بناء جيل يعترف بما قام به الأخرون من تضحيات. ويشكل الرقمين السالف ذكرهما، عينة مهمة لوجهة نظر الشارع بمدينة طنجة حول أهمية حفلات التكريم التي تنظمها عدد من جمعيات المجتمع المدني والمؤسسات وكذا الإدارات، لإعادة الإعتبار سواء لشخصيات غادرتنا لدار البقاء أو لأخرى مازالت بيننا، حيث أن الأمر أصبح يشكل ظاهرة بدأت تنتشر بكثرة في الأونة الأخيرة. ويرى أحمد العروسي، أحد المشاركين في إستطلاع الرأي، أن إجابته ب "لا" على السؤال المطروح، لم يكن لرفضه للفكرة بل للطريقة التي تتعامل بها الجهات المنظمة مع مثل هذا النوع من المبادرات، حيث تقوم بإختيار المكرمين على حسب مجموعة من الإعتبارات من أهمها الجانب المادي، حيث يراعون في الإختيار شهرة المكرم ومدى إمكانيته في جلب المدعمين للنشاط. وأضاف أحمد، أن من الأجدر أن يتم تكريم بعض الأسماء المغمورة والشابة، من أجل تحفيزهم على العطاء والإبداع أكثر، وذلك عوض أشخاص غادرونا إلى دار البقاء لن يفيدهم التكريم أو يغنيهم عن جوع. فيما يرى الأستاذ عبد الله عبد المومن، أستاذ الدراسات الأصولية والاجتهادية بجامعة القرويين، أن الإنسان مكرم بذاته تكريما أزليا، اقتضته حكمة الله من وجوده واستخلافه، وكان انتسابه التعبدي أجلّ تكريم له حسا ومعنى ظاهرا وباطنا، حيث راعى الشرع تكريم الإنسان في جميع حركاته وسكناته، ومهماته وأعماله، ومن ثم نبه بمفهوم نصوصه إلى تكريم الإنسان عموما لانتسابه التعبدي كما قلت، فقد مر النبي صلى الله عليه وسلم على الصحابي مكرم الغفاري وكان اسمه مهانا، فسماه مكرما. وأضاف عبد المومن في حديث ل "طنجة 24"، أن تكرر تصرف الشرع بالتكريم الوصفي والعملي، جعل الصحابة يدركون هذا الأمر باكرا من تصرفات النبي صلى الله عليه وسلم فسارعوا إلى تكريم بعضهم بعضا، كل بحسب خصوصياته، بعد أن نبههم النبي صلى الله عليه وسلم إلى بعضها، ويكفي قول عمر رضي الله عنه: من أراد القرآن فليأت أبي بن كعب، ومن أراد الفرائض فليأت زيد بن ثابت، ومن أراد الفقه فليأت معاذ بن جبل، ومن أراد المال أي أحكامه فليأتني، وهذا في حد ذاته توزيع للمهام وتكريم للخصوصيات، ومن ثم جرى في الأمة العمل بتكريم أهل الشأن، وكان العلماء يهدون كتبهم لأهل الخصوصية في زمانهم، وكان أهل كل تخصص يكرم بعضهم بعضا عرفانا بالجميل ومباركة للأعمال الصالحة. وأردف الأستاذ، أن للتكريم مجموعة من الضوابط من الممكن حصرها في أمرين، التعريف بأعمالهم وتشريف جهدهم ولكن في مجال الخير والسعي الحسن، الذي ترجى ثمراته، وكذا الاختيار الأولى، حيث لا ينبغي تكريم المنتحلين، ومن لا غاية له إلا الظهور، ومن لم يقدم خيرا في مساعي الخير، وكالعكس لما تقدم، فوسيلة الشر شر كذلك، فهؤلاء شكرهم والثناء عليهم قد يكون وسيلة لتكثير الفساد فلا يجوز، فجميع من أنتج خيرا في الفكر والعلوم والصناعة والاقتصاد والسياسة والاجتماع إلا وذكر خيره، وجميع من أصل لقيم الفساد والرذيلة فالأولى الإعراض عن ذكره ولو شهّره أهل الزمان.