لصناعة الإنسان الناجح، هناك وسيلتان لا ثالث لهما، أولهما تتمثل في تلميع يمتلك ألف باء الحضور والكفاءة، والثانية تقوم على جهد ذاتي لفرد يتمتع بموهبة صافية كرسها الاجتهاد والمثابرة والصبر. وفي كلا الحالتين، هناك آلاف ممن سطع نجمهم في مختلف المجالات، غير أن الفنان السينمائي الكبير، محمد قيسي، يشكل مثالا واضحا عن الحالة الثانية، وهو الذي يؤكد أنه لم يسعى يوما إلى الشهرة. وبالإطلاع على سيرة المخرج والممثل السينمائي العالمي، محمد قيسي، المعروف أكثر في أوساط السينما العالمية ب"ميشيل قيسي"، يتأكد بما لا يدع مجالا للشك، أن الشهرة هي التي سعت إليه وليس العكس، والسبب بكل بساطة، حسب ما يؤكده لجريدة طنجة 24 الإلكترونية، التي التقته بمناسبة عرض فيلمه الجديد "بارا" بمدينة طنجة، في إطار جولة يقوم بها بعدد من المدن المغربية. "طنجة 24" تجاذبت أطراف الحديث مع الفنان العالمي، في حلقة خاصة تبث عبر الخدمة المرئية للجريدة الإلكترونية، فكان من ضمن ما تحدث به، هو موضوع الفيلم الذي يعرضه على تلاميذ المؤسسات التعليمية بالمدينة، وقال في هذا الصدد بأن قصة فيلم بارا حقيقية وتاريخية شهدها دوار "التازاغت" (ضواحي وجدة) منذ عقود من الزمن حيث كان يعيش هناك مسلمين مغاربة ويهود مغاربة كالإخوة. وحسب قيسي، هذه القيمة التي يحاول إبرازها من خلال الشريط الذي قام بتصويره في مدينة طاطا، تدل على التعايش التاريخي والانسجام السلمي بين المسلمين واليهود بالمغرب. وهي ذات القيمة الإنسانية التي يحرص على تعميم معانيها في كل مجالات حياته، بحسب ما ورد في حديثه الوارد في حلقة "أطراف الحديث"، التي تبث بقسم المرئيات بالموقع. "رسالتي عبر فيلم بارا، تتلخص أيضا بالدرجة الأولى في التأكيد على أن الإسلام ليس دين عنف، مع رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كيمون، مفادها أن الصحراء مغربية. أما رسالتي إلى الشباب، فهي ضرورة طاعة الوالدين واحترامهما، وأيضا ممارسة الرياضة من أجل الابتعاد عن كافة المحظورات"، يوضح قيسي مختلف العبر والمعاني التي تضمنها عمله السينمائي الجديد. محمد قيسي، الذي جمعته تجارب سينمائية مع النجم العالمي جون كلود المشهور ب"فان دام"، لم يخفي إعجابه بمدينة طنجة، التي كانت في مقدمة المحطات التي خصصها لعرض فيلمه الجديد، وأكد أنها عبارة مدينة يمكن أن تشكل فضاء لأعمال سينمائية وازنة ومن مستوى عالمي، بفضل ما تتوفر عليه من مناظر ومؤهلات عديدة. واعتر قيسي، أن الرعاية التي يوليها الملك محمد السادس، لهذه المدينة ساهمت بشكل كبير في تبوئها لهذه المكانة التي تتصدرها، مضيفا أن عاهل البلاد، الذي يحظى باحترام وتقدير في مختلف الأوساط في أوروبا وأمريكا، يثابر ليمنح جميع ربوع المغرب ما يمنحه لطنجة. "وهذه إشارة إلى الشباب بان يمنحوا الوطن ما باستطاعاتهم بدل انتظار ما سيعطيهم الوطن". ويعتبر الفنان محمد قيسي الملقب ب"طونغ بو" من مواليد مدينة وجدة سنة 1968 ، عشق محمد ممارسة الملاكمة إلا أن الفن وخاصة الفن السابع طغى على عشقه فارتمى في أحضان السينما عندما بلغ 17 عاما، خاصة عقب مقابلته للممثل العالمي جان كلود فان دام". ونما بداخل قيسي حب أفلام الحركة وفي عام 1982، التقى ب مناحيم غولان مدير شركة كانون بيكتشورز ، الذي فتح له الباب على مصراعيه للمشاركة في تمثيل بعض أفلام الحركة لتكون البداية بشريط " سايبورج " في عام 1989.