رغم مرور أيام قليلة من الخطاب الذي حث فيه الملك محمد السادس الإدارات العمومية على بذل جهد أكثر في خدمة المواطنين وتجنب القيام بسلوكات مشينة قد تنعكس سلبا على المصلحة العامة، ما زالت شريحة عريضة من سكان مدينة طنجة تعتقد جازمة أن هذه المؤسسات لن تتغير، وان الحالة التي وصل إليها القطاع العمومي بعاصمة البوغاز لا تبشر بمزيد من التدهور والتراجع. عدم التفاؤل هذا تجلى من خلال استطلاع الرأي نظمته جريدة "طنجة 24" الإلكترونية على مدى سبعة أيام، وشاركت فيه عينة من المتتبعين والمهتمين بموضوع الإدارة العمومية، حيث بلغ مجموع هؤلاء المشاركين، 8732 مصوت على سؤال طرحته الجريدة على زوارها، وهو "هل أنت متفائل بإصلاح وضعية المرافق الإدارية في طنجة بعد الخطاب الملكي؟". وجاء تفاعل المشاركين مع الإستطلاع عن طريق الإجابة بنعم أو لا على السؤال، حيث عبر 70.49 في المائة من المشاركين (6157) عن عدم تفاؤلهم بتغيير حال الإدارات العمومية بعد الخطاب الملكي، في الوقت الذي إعتبر فيه 29.51 من المشاركين (2575) أن هذا الخطاب سيكون له وقع إيجابي وسيساهم في تحسين القطاع والذهاب به نحو الأفضل. أراء هذه العينة من المتتبعين رغم تباينها، فإنها تظهر جليا أن النسبة الأكبر من ساكنة المدينة غير متفائلة، وهو موقف له ما يبرره في نظر المتتبعين للشأن المحلي اللذين يرون أن إصلاح هذا القطاع لا يمكن أن يأتي بين ليلة وضحاها بل يتطلب الغوص عميقا وتغيير الأمور من جذورها. وبهذا الخصوص، أكد محمد كريم مبروك ناشط حقوقي ومحام عن هيئة طنجة، أن الخطاب الملكي جاء ليؤشر على وضعية أزمة أصبحت تعيشها الإدارة منذ زمن طويل بفعل عوامل التضخم و تدني الإنتاجية، بالإضافة إلى كل من التسيب والفساد، وهو ما إستدعي تدخلا عاجلا لإصلاحها، نظرا لتسببه في الحد من من المجال الاستثماري وتبطيء عجلة التنمية التي تبقى مرتبطة بالأساس بفعالية الادارة المغربية. وأضاف مبروك، أن ساكنة طنجة ومن خلال الإستطلاع التي أجرته الجريدة، ليسوا متفائلين حول تغير أسلوب الإدارة بالمدينة بمختلف مرافقها، رغم ورود خطاب ملكي صريح بهذا الخصوص، و ذلك يعود لتراكم نفسي و واقعي لما تسببه أساليب البيروقراطية الإدارية، وإستشراء الفساد والافلات من العقاب، وكذا غياب ربط المسؤولية بالمحاسبة. وأوضح الناشط الحقوقي، في ذات السياق، أن البعض يرى ضرورة تعزيز الخطاب الملكي بإجراءات زجرية تقيل و تحاسب و توبخ، وتفعل كافة الاجراءات الادارية والقضائية في مواجهة المتقاعسين أو الفاسدين داخل الادارة المغربية، التي تحولت بسببها مباشرة المواطن للإجراءات اليومية بمثابة قطعة من جحيم. لكن بالرغم من طغيان النظرة التشاؤمية لمستقبل خدمات الإدارة العمومية، فإن استجابة هذه الأخيرة لتطلعات المشاركين في هذا الاستطلاع، يبقى املا واردا في أفق إعداد ترسانة قانونية كفيلة بإرجاع الأمور إلى نصابها.