يختار " نور الدين" بعناية نماذج من معروضات متجره الصغير ، ليؤثث بها واجهة محله في محاولة منه للفت انتباه زبائن محتملين باحثين عن ألبسة سميكة من شانها أن تقاوم البرد القارس الذي تعيشه مدينة طنجة منذ أيام. مشهد هذه المعروضات التي تتصدر واجهة متجر "نور الدين"، المتواجد في مركب تجاري مطل على ساحة "تافيلالت" في بني مكادة، في معظمها عبارة عن ملابس مصنوعة من القطن أو الصوف، وحده قد يحفز المواطنين على كسر ركود الحركة التجارية التي يعيشها هذا السوق، كغيره من أسوق مدينة طنجة، في هذه الفترة من العام ويقول "نور الدين"، وهو الشاب العشريني الذي يمتهن بيع الملابس النسائية ومنتجات التجميل " الحركة التجارية عموما تعيش ركودا كبيرا منذ مدة طويلة، لكن هذه الملابس الشتوية وحدها تقريبا تحظى باهتمام المتسوقين". يتابع "نور الدين" حديثه، وهو يشير بأصابعه إلى عدد من المحلات التجارية المغلقة "كما تلاحظون أرباب هذه المتاجر ّأغلقوا محلاتهم ليقينهم بعدم جدوى الجلوس داخلها في انتظار زبون قد يأتي أو لا يأتي من أجل اقتناء بضاعة لا تكاد مردوديتها تفي بمصاريف إدارة المحل". غير بعيد عن منطقة بني مكادة، وفي سوق "كسبراطا"، لا يبدو المشهد مختلفا عما تحدث به "نور الدين"، حيث يكاد هذا السوق الذي يعد الأشهر في مدينة طنجة، يخلو من المتسوقين، ما جعل أرباب ومستخدمي المحلات التجارية، يتحلقون حول لعب النرد أو الدومينو لتجزية الوقت في انتظار زبون قد يكسر ركود الحركة التجارية. ويصف صاحب محل تجاري لبيع الملابس الحركة التجارية في السوق بانها "مشلولة جدا هذا العام" ويقول في هذا الإطار "لا مجال للحديث عن رواج تجاري في هذه الفترة من العام، فكثير من التجار لا يكادون يوفرون مصاريف تسيير شؤون محلاتهم". ويفسر المتحدث هذا الوضع المتأزم بأنه راجع إلى المنافسة غير المشروعة للقطاع غير المهيكل، ويقول "نحن كتجار مهنيين مطالبين بواجبات ضريبية وواجبات أخرى مرتبطة بالكراء وأجرة المستخدمين وغيرها". ويضيف هذا التاجر "لكن في المقابل الباعة المتجولين الذين يستغلون الشارع العام لا يتحملون أي أعباء من هذا النوع، ما يسمح لهم ببيع بضائهم بأسعار أقل مما توجد في المحلات المهيكلة". رئيس غرفة التجارة والصناعة والخدمات لجهة طنجةتطوانالحسيمة، عمر مورو، كان قد سجل في لقاء سابق مع مهنيين، أن القطاع التجاري بمختلف مدن وأقاليم الجهة يعاني نوعا من الركود بسبب الظرفية الاقتصادية، وغياب التأهيل الفعلي للقطاع ولمختلف الأنماط التجارية. ويوضح مورو، أن طغيان القطاع غير المهيكل والمنافسة غير المتكافئة يساهمان في تراجع النشاط التجاري، مما يتطلب تضافر جهود الجميع للحد من تنامي القطاع غير المهيكل وإدماجه في النسيج الاقتصادية للمساهمة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية على المستوى المحلي والوطني. ويؤكد المسؤول المتحدث، أن غرفة التجارة والصناعة والخدمات، تسعى من خلال الشراكة القائمة التي تجمعها مع الجماعة الحضرية لطنجة، إلى بحث سبل معالجة قضايا القطاع التجاري خصوصا تخفيف العبء الضريبي، داعيا إلى العمل من أجل إقامة عدالة جبائية مقابل عدالة تجارية لمساعدة التجار الذين يوجدون على حافة الإفلاس لإعادة الإشعاع التجاري للجهة.