منذ سنة 1923 دخلت مدينة مرحلة جديدة في تاريخها، حيث تقرر بموجب اتفاقية باريس في 18 دجنبر من السنة المذكورة، جعل طنجة منطقة دولية غير خاضعة لسلطة أي بلد، وتُسير بالتناوب وبالتوازي من طرف حوالي 10 بلدان بما فيها المغرب. هذه المرحلة الجديدة ستعرف فيها طنجة تحولات كثيرة، أبرزها في بنيتها الجغرافية والديموغرافية، حيث ستعرف المدينة توسعا عمرانيا واسعا بالاضافة إلى نمو ديموغرافي سريع ناتج عن وفود رعايا البلدان المسيرة للمدينة على طنجة. ونظرا لتساهل قوانين النظام الدولي التي تعطي الامتياز للأجانب وتوفر الحرية لكل وافد على المدينة، فإن مدينة طنجة الدولية صارت جنة للأجانب بمختلف جنسياتهم (الاسبان والفرنسيون والانجليز والامريكيون والبرتغاليون والايطاليون والبلجيكيون والهولانديون والهنود...)، ووجدوا فيها كل ما يحلمون به من حرية وفرص للنجاح والعيش الرغيد. صورة هذا الموضوع، هي واحدة من الصور التي تًظهر بحق حياة الاجانب في طنجة خلال الفترة الدولية، حيث تعبر ملامح أصحاب الصورة، وهم أجانب، عن الهناء والحرية اللتي ينعمون بها، وتباشير النجاح على محياهم. هذه الصورة هي صورة جماعية لعدد من ابناء الاجانب الذين كانوا يدرسون في ثانوية "رينيو" الفرنسية بطنجة، وقد تم التقاط الصورة في كورنيش المدينة قبالة الشاطئ، في منتصف الثلاثينات من القرن الماضي، وتعود ملكية الصورة لأحدى الأسر الاجنبية التي كانت تقطن في طنجة، وقد نشرتها على إحدى المدونات على الانترنيت. وحسب بعض المؤرخين فإن عدد سكان طنجة في اواخر الثلاثينات كان يصل إلى 60 ألف نسبة، نصفهم مغاربة والنصف الاخر أجانب، قبل أن يرتفع عدد سكان المدينة إلى 150 ألف نسمة في الخمسينات، 60 ألفا كانت من الأجانب حسب الكاتب الفرنسي "فيكتور فيرني" في كتابه الذي ترجمه الكاتب المغربي عثمان بنشقرون للعربية بعنوان "منطقة طنجة الفريدة، مظاهرها المختلفة، وما يمكن أن تصبح لو...". ورغم بعض الانتقادات التي وُجهت للنظام الدولي بطنجة بتفضيله للأجانب على المغاربة، إلا أن الكاتب الفرنسي المذكور رأى النصف الاخر من الكأس حيث يقول في الصفحة 121 في النسخة المترجمة للعربية : " مختلف هذه الجنسيات تحيى في انسجام جيد، وتمارس منذ زمن طويل هذه التعددية اللغوية، حيث يراها J.M Bressan خير مفتاح للتعايش بين البشر، المعتقدات والتقاليد والطقوس تُحترم فيما بينهم بشكل متبادل، مهما كانت غرابة بعض الطقوس" ثم يختم كلامه في هذا السياق قائلا " هذا التعايش Convivencia المتسامح يؤول إلى توازن اجتماعي نادرا ما تكدر. طنجة هي طراز من مجتمع مصغر من الأمم الأورو افريقية".