لم يكن المهاجر المغربي سيف الدين عبد الاله، ينتظر أن يُجاور المسيحين بعد مماته، بعد أن كان يسكن بجوار النصارى في بلاد الغربة بإيطاليا حيث استقر به المقام. وستظل حكاية سيف الدين عبد الاله، الذي مات في الديار الايطالية ودُفن في مقبرة مع موتى المسيحيين لأن جثمانه لم يجد من ينقله إلى المغرب ليوارى الثرى بمنطقة بني ملال، وصمة عار على جبين المسؤولين بالمصالح القنصلية المغربية بإيطاليا الذين تخلوا عن هذا المهاجر بعد ان تقطعت به السبل هناك ولم يعد له أهل ولا أحباب يتطوعون لنقل جثمانه إلى المغرب ليدفن مع إخوانه المسلمين أمثاله..
الغريب في أمر هذا المهاجر، وهو ما يحزّ في القلب أكثر، هو أن قبره لا يختلف عن باقي قبور النصارى حيث عُلق عليه صليب وكتبت عليه عبارة: "هنا يرقد سيف الدين عبد الله"، كما لو أن الأمر يتعلق بعملية مقايضة نتج عنها تخلي سيف الدين عن "اسلامه" و"تنصيره" مقابل منحه بقة أرض داخل المقبرة المسيحية..
وهنا يطرح السؤال حول دور المصالح القنصلية المغربية بالديار الايطالية في رعاية المواطنين المغاربة المقيمين هناك بغض النظر عن انتمائهم الاجتماعي، سواء كانوا أحياء أو أمواتا، لأن الأمر يتعلق في آخر المطاف بمواطنين مغاربة شأنهم كشأن باقي المغاربة الذين يعيشون بالداخل..
كما تطرح هذه القضية سؤالا حول مدى فهم واستيعاب هؤلاء المسؤولين في هذه القنصليات مضامين الخطابات الملكية حول ضرورة إيلاء الاهتمام لمواطنينا بالخارج، وخاصة خطاب جلالته في الذكرى 16 لتربعه على العرش، الذي أكد فيه أن المهاجرين المغاربة يلاقون صعوبات خلال تعاملهم مع بعض القنصليات في الخارج، حيث أمر جلالته وزير الخارجية والتعاون صلاح الدين مزوار بإنهاء مهام القناصلة الذين ثبت تقصيرهم، داعيا باقي المسؤولين في السفارات المغربية إلى احترام وتسهيل الخدمات للمهاجرين..