بقدر استهانة قادة العدالة والتنمية بالمال يحرصون على المال الخاص أي مال الحزب، وبما أنهم "أقران" فهم يتحاسبون على "الريال الأصفر"، لكن إذا تعلق الأمر بمال الشعب فإنهم لا يعيرونه اهتماما ولهذا لم يتم ضبط أي سرقة حزبية داخلهم، بينما الخروقات المتعلقة بالمال العام التي ارتكبها أبو بكر بلكورة، عمدة مكناس السابق، وكذلك رئيس بلدية ميدلت وما ارتكبه جامع المعتصم، رئيس ديوان بنكيران حاليا، تمر مرور الكرام بل يدافعون عن مرتكبيها. هذه المقدمة فرضها فقط الحديث عن توظيف جيش من الصحفيين والمتخصصين في تقنيات الإعلاميات من قبل حزب العدالة والتنمية، وطنيا وجهويا، حيث سيكلفون الحزب الملايين شهريا. ليس بنكيران رجلا "يلعب" ولكنه يعرف أين يصرف الدرهم الواحد.
لقد استفاد بنكيران كثيرا من كتائب الفيسبوك والإشاعة في الانتخابات السابقة. حيث منحته النتائج 107 من المقاعد يساهم أصحابها بحوالي 83 مليون سنتيم شهريا تضاف إليها مساهمات الوزراء والمستشارين البرلمانيين، ناهيك عن الدعم العمومي للأحزاب، مما دفع الحزب إلى توظيف عشرات الصحفيين والمتخصصين في مواقع التواصل الاجتماعي، وأصبحت لديه اليوم كتائب متكاملة شبيهة بمليشيات مستعدة لضرب كل من يخالف الحزب والرأي والدعوة.
الكتائب الشيطانية ليست كتائب هاوية ولكنها محترفة. حيث يقوم الحزب بتكوينهم، لكن الأدهى والأمر هو استغلال موارد الدولة أحيانا في استقطاب عناصر "مقاتلة" حيث يتم إنشاء مواقع رقمية يُصرف عليها من "الإشهار" الذي تخصصه لها الوزارات التي يتولاها أبناء الحزب.
كيف يستثمر حزب ذو خلفية دينية وسياسية وله وزراء ومدراء في مناصب عليا هذه الوسائل؟ ما هي وظيفة الكتائب الشيطانية عمليا؟ وكيف يستفيد منها الحزب؟
لو كان أبناء العدالة والتنمية من زعيمهم إلى آخر شاوش يمتلكون قليلا من الشجاعة لقلبوا الدنيا فوق رؤوسنا و"قوضوا" علينا الدار وجعلوها خرابا. وبما أنهم لا يمتلكون الشجاعة فإن الكتائب تقوم بدورين رئيسيين ناهيك عن أدوار ثانوية.
يحكى أن شخصا كان يدعي أنه من المقاومة ولما سألوه كيف قاومت قال لهم "كنت كنعاير فرنسا في نفسي" أو ما يسمى "التقلاز من تحت الجلابة"، وهو دأب الجبناء، ولأن بنكيران لا يريد أن يظهر في الصورة للاعتبارات التي ذكرنا فإنه يقوم بهذا العمل عن طريق الكتائب، التي تبلّغ الرسائل التي يريد قولها.
أما الوظيفة الثانية فهي نشر الفوضى، وقد تدربوا على ذلك في مراكز الدوحة ومنتديات أردوغان والتنظيم الدولي للإخوان المسلمين بل تلقوا دورات تدريبية في معاهد أمريكية مكلفة بتدبير الفوضى الخلاقة والتي تحمل شعارات تكوين قادة المستقبل.
والملاحظ أن عدم شجاعة قادة الحزب، المتأصلة من زمن كان فيه بنكيران يهاب "مقدم الحومة"، يتم تصريفها اليوم عن طريق الكتائب، التي توظف اسم الملك في صغائر الأمور، بل إن الحزب أنشأ موقعا اسمه "العمق" هدفه انتقاد الملكية يمول من وزارات الحزب، والهدف هو نشر الفوضى والفتنة والبلبلة وممارسة النميمة بدل نشر الأخبار الصحيحة.
لماذا يصمم حزب العدالة والتنمية على جعل الفيسبوك حصان طروادته التي اعتلى بها الحكم والتحكم منذ خمس سنوات؟
سبق لوزير من حزب العدالة والتنمية أن سرب وثيقة ضد خصم الأمس حليف اليوم صلاح الدين مزوار، رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار. الوثيقة تم تسريبها من مديرية تابعة لوزارة المالية تخص تعويضات مزوار وهي نفس الخطة التي اعتمدت لتسريب وثيقة مشابهة من نفس المصدر تبث أن الحزب أخفى خلفياتها القانونية كي يصفي حساباته مع الإدارة الترابية.
كان الحزب يعتمد كثيرا على ذراعه الإعلامية التي يقودها توفيق بوعشرين، أو الحالة القطرية بالمغرب، لكن هذه المرة فضل تغيير الخطة كي يربح نتائج أكثر، حيث اعتمد على صحفي هو عضو في شبيبة الحزب اسمه "محمد بلكاسم" كي يمرر هذه الرسالة مع تحوير خطير في خلفياتها القانونية التي أوضحها بلاغ وزارتي الداخلية والاقتصاد والمالية.
هكذا أصبحت العملية اليوم مكشوفة ومفضوحة حيث يلعب بنكيران على المكشوف لكن بطريقة صبيانية تضر أكثر مما تنفع لأن الوطن لن يغفر لمن خان الأمانة.