كتب المحامي بهيئة باريس والملاحظ الدولي أوبير سيان، اليوم الأربعاء، أن محاكمة 25 متهما في أحداث اكديم إيزيك، التي استؤنفت أطوارها أول أمس الإثنين، تتم في دولة قانون تجددت بعمق سواء عبر دستور 2011 أو بالإقرار الدستوري لحقوق الإنسان مع إحداث المجلس الوطني لحقوق الإنسان والإصلاحات الأساسية لمدونة المسطرة الجنائية. وذكر المحامي الفرنسي الحاصل على الدكتوراه في القانون، الذي حضر جلسة الإثنين الماضي، في مقال رأي نشره الموقع الإعلامي الفرنسي المرموق "أوبينيون-أنتيرناسيونال.كوم"، بأن المتهمين ال25، الذين جرت محاكمتهم في مرحلة أولى أمام القضاء العسكري، ألغيت الاحكام الصادرة في حقهم بقرار من محكمة النقض (27 يوليوز 2016) التي أحالت محاكمتهم على الغرفة الجنائية بملحقة محكمة الاسئناف بمدينة سلا التي يمثلون أمامها حاليا.
واعتبر أن هذه المحاكمة "تعد إشارة للمغرب الجديد ويجب أن تكون نموذجية ومنصفة برأي الجميع، ولكن عليها أيضا أن تكرم الضحايا".
وقال المحامي الفرنسي إن الرئيس، وهو قاض متمرس في شؤون الإرهاب، يعطي بشكل واسع الحق في الكلمة لمحاميي الدفاع "لدرجة أن محاميي الضحايا يعربون عن قلق بشأن المزيد من التوازن".
وأشار إلى أن "الفرنسيين قد يندهشون للحرية التي يحظى بها المحامون في مقاطعة الرئيس والنيابة العامة، ومساءلتهم حول نقاط تتعلق بالمسطرة، وحول قدرتهم على التخطيط لمختلف أطوار المحاكمة"، مضيفا أن ملاحظين أجانب آخرين بثقافة فرنسية كالبلجيكيين أو أنغلوساكسونية كالبريطانيين والأمريكيين "أبدوا نفس اندهاشي".
واعتبر، من جهة أخرى، أن دور الرئيس سيكون حاسما، لأنه في الآن ذاته صاحب الأمر والمنسق للنقاشات، مبرزا أن النيابة العامة، باعتبارها تحمي مصالح المجتمع، عليها، من جانبها، مهمة التذكير بأن مثل هذه الجرائم لا يمكن أن يفلت أصحابها من العقاب لأنها كانت السبب في فوضى اجتماعية بالغة.
وأضاف المحامي الفرنسي أنه في الوقت التي تعرب فيه الأطراف المدنية، التي تضررت بشكل كبير سواء جراء فقدان ذويهم أو بالنظر الى الظروف البشعة التي قتلوا ودنست جثثهم فيها، عن رغبتها الراسخة في جبر الضرر وحفظ الذاكرة، فإن الدفاع، المنخرط في تفكير سياسي، يرفض هذا المنطق القضائي ويوظف المحاكمة كمنبر دعائي.
وتطرق ا سيان، من جهة أخرى، إلى السياق الذي جرت فيه أحداث اكديم إيزيك قرب مدينة العيون، فضلا عن أصول النزاع في الصحراء المغربية، مشيرا إلى أن الأقاليم الجنوبية، التي تحظى بحكم ذاتي موسع قريب من النموذج الإسباني، تشهد "بالمقابل اليوم مناخا من السلم والتنمية، لاتشهده الا القليل من بلدان إفريقيا، خاصة الجزائر".
وحسب اسيان فان قطبا مدينتي الداخلةوالعيون يشكلان دليلا على ذلك يصعب إنكاره"، مضيفا ان "هذا التراب، الذي تعبره الطريق الوحيدة التي تخول الذهاب من دونكيرك إلى دكار في أقصى درجة من الأمن، يجسد حيوية اقتصادية واجتماعية يشهد عليها كل زائر".
وفي رأيه، فإنه "في هذا السياق تسعى جبهة البوليساريو التي لا تعيش الا بدعم الجزائر، جاهدة لتأكيد مشروعيتها"