اكتشف الجزائريون في وقت متأخر جدا أنهم ظلوا يستهلكون لحوما تحتوي على مواد مسرطنة، وذلك ليس لوقت قريب ولكن منذ 16 سنة، بفعل الخديعة التي مارستها مافيا النظام العسكري ذو الواجهة المدنية المريضة، الذي فتح الباب لاستيراد لحوم لا تخضع للسلامة الصحية منذ زمن بعيد. ولم يفطن الجزائريون لهذه الجريمة في حق أجيال من أبناء بلد النفط والغاز إلا بعد تجميد الاستيراد من البرازيل بعد فضيحة فساد عالمية، أثارت مخاوف المستهلكين الذين تناولوا هذه اللحوم لمدة طويلة إذ من المحتمل أن تكون لها تأثيرات صحية طويلة الأمد، ولقد أكدت التحقيقات انتهاء صلاحيات اللحوم التي تم استهلاكها على طول الجزائر، إذ كان يتم استعمال مواد مسرطنة لإخفاء الروائح الكريهة التي تنبعث منها.
ويرى كثير من المهتمين بميدان الاستهلاك أن الضجة التي أثيرت حول اللحوم البرازيلية الفاسدة ليست سوى ذرا للرماد في العيون، أي ان الحكومة وباتفاق مع مافيات الاستيراد ماتزال تسمح بذلك لكن حتى لا ينتبه المواطن للخديعة تم الإعلان عن وقف الاستيراد، لكن ماتزال هناك لحوم مستوردة معروضة حاليا للبيع بالأسواق، وقد تم وقف عمليات استيراد اللحوم رسميا من البرازيل لكنه مايزال يدخل تحت عناوين أخرى مما يهدد حياة المواطن الجزائري.
وقال رئيس جمعية اتحاد تجار اللحوم الحمراء، محمد رمرام، في تصريحات صحفية لوسائل إعلام محلية، إن البرازيل في صدارة البلدان التي تستورد منها الجزائر اللحوم الطازجة تليها الهند حيث تستورد منها اللحوم المجمدة ثم دول الاتحاد الأوروبي، وكشف المتحدث أن المستهلكين قد تناولوا كميات كبيرة من اللحوم البرازيلية وذلك منذ فتح باب الاستيراد في عامي 2001 و2002. وبالرغم من دق الجمعية ناقوس الخطر منذ قرابة ثلاث سنوات، وتحذيرهم من احتوائها على كميات كبيرة من المواد الحافظة من غير الآزوت تصيب متناولها بأورام سرطانية لكن نداءهم لم يؤخذ بعين الاعتبار إلى حين حدوث الفضيحة العالمية.
ومن غرائب الزمن أن اللحوم البرازيلية تدخل إلى الجزائر طازجة رغم أنها تقطع مسافة طويلة وزمنا لا يقل عن ثلاث أسابيع في البحر كي تصل إلى المستوردين، ورغم ذلك تبقى طازجة، وعلميا لا يمكن أن يكون ذلك صحيحا لو لم يكن هناك استعمال لمواد كيماوية ذات طبيعة مسرطنة تقوم بدور الحافظ على الطزاجة.
وتباع اللحوم المستوردة من البرازيل بثمن أقل من اللحوم المحلية، التي لا تتطلب مصاريف استيراد، والأدهى والأمر أنها تباع في الفنادق السياحية والمطاعم الكبرى، ولا يقتصر الأمر على اللحوم بل يتعداه إلى الأسماك، ومايزال الرأي العام يذكر فضيحة إصابة الوزير الأول الفرنسي بالإسهال بعد وجبة أسماك رسمية.