كلما مر المغرب من امتحان صعب ، اشتد الخناق على الصحافة والصحفيين ، كأنها حرب لا تتوقف ، فالجرائد مهمتها أن تطرح الأسئلة وتبحث ، ويتوقف السؤال عند نقط الغموض والتناقض في الرواية والقصص الخبرية ، وإذا ما أزعجت أحدا فتلك وظيفتها.. قضية الزميلين الصحفيين، إبراهيم فاضل وفيصل روضي ، الأول صحفي بموقع سوس بلوس ومصور بجريدة الأحداث المغربية بمكتب أكادير، والثاني مدير موقع أحداث سوس ، بعدما تعرض لاعتداء تناقلته ووصفته مجموعة من المنابر والمواقع الإعلامية بالشنيع .. يحدث هذا في الوقت الذي صادقت فيه الحكومة المغربية على مشروع قانون الصحافة والنشر الذي أثار جدلًا واسعًا خلال شهور ماضية بين وزارة الاتصال والتنظيمات الصحفية. اليوم كما يرى المتتبع للشأن الصحفي ، أن مشروع قانون الصحافة والنشر، رقم: 13-88، يحمل الكثير من المتغيّرات الإيجابية، منها : إلغاء العقوبات الحبسية من قانون الصحافة والنشر وتعويضها بغرامات مالية وعقوبات بديلة، والاعتراف القانوني بحرية الصحافة الرقمية (الالكترونية)، وإرساء الحماية القضائية لسرية المصادر، وضمان الحق في الحصول على المعلومات، منح القضاء لوحده … الخ في ظل كل هذه المستجدات التي تبشر بخير – وتلك الأيام نداولها بين الناس – يبقى السؤال مطروحا من مختلف الزوايا والرؤى ، هل فعلا دخل الجسم الصحفي بمشاربه سكة قطار الحرية ؟ أم هي مجرد أغنية لكوكبة الشرق ما زالت تتردد : أعطني حريتي ، أطلق يدايا .. متى تحرير مهنة المتاعب من مثل هذه الاعتداءات والتصرفات اللامسؤولة في حق رجال الصحافة من طرف عقول لا زالت متحجرة في وقت أنعم فيه الوعي وتنورت فيه مختلف الثقافات والأجناس والهيئات سبيلها نحو الطريق الصحيح ، هل حان الوقت لنذكر لعل الذكرى تنفع … أن مهنة الصحافة ما زالت في قمع ، رغم القيل والقال ، وضريب طعارج وقراءة الفال … الظهير الشريف رقم : 1,58,378 من قانون الصحافة والنشر بالمغرب، يطلعنا في بابه الأول من الفصل الأول بما يلي : " لمختلف وسائل الإعلام الحق في الوصول إلى مصادر الخبر ، والحصول على المعلومات من مختلف مصادرها ما لم تكن هذه المعلومات سرية بمقتضى القانون. تمارس هذه الحريات في إطار مبادئ الدستور وأحكام القانون وأخلاقيات المهنة ، وعلى وسائل الإعلام أن تنقل الأخبار بصدق وأمانة ". فبأي حق سيصل هذان الصحفيين إلى الخبر مادام هناك من يقف ذريعة ويعرقل سير مهامهما الشريفة؟ مادام هناك من مازال غير واع بهذه المهنة وبممارسها وكيفية ممارستها ؟ هل خالف الزميلان إبراهيم فاضل وفيصل روضي قواعد المهنة وما جاء في مضمون هذا القانون ؟ تحت ظل شعارات الديمقراطية وحرية التعبير ، والحصول على … هل تجاوز الخطوط التي يسمونها مرة حمراء وأخرى سوداء ؟ أم أننا نختبر في الظروف الصعبة والأيام التي تريد أن تحول الأقلام الجريئة والنزيهة إلى أقراص منومة في ضمير الغائب ، لنكون في نهاية هذا المخاض المتسلط بين البحث عن المعلومة وصياغة نشرها حتى يتمكن لنا القول ، أننا ننفخ على الجمر الذي اعتقدنا منذ مدة أنه تحول إلى رماد ؟؟؟ فما ينبغي التفكير فيه اليوم ، وما يبدو أكثر إلحاحا من أي وقت مضى وبعد المصادقة على قانون الصحافة الذي استغرق 15 سنة ، هو كيف نوقف هذا النزيف ، وبصيغة أخرى ، هل سيتوقف جرح الاعتداءات والاعتقالات … كي نعيد فتح الأبواب الموصدة التي تصل بنا في عالم البحث عن المعلومة إلى الأمل الخادع ، كيف نقاوم هذا الموت وهذا العنف الجبروتي الذي يهدد سلامة أرواح أقلام خلقت لتختار حرية الكتابة والدفاع وإيصال المعلومة وفق ضوابط مهنية .. وتكف البلادة والتخلف، ويذهب القمع من جاهل ناجح في أن لا يكون لصحفي نزيه ، الحق في مزاولة مهامه بنجاح .