إيلا كذب عليك عرفي راكي خايبة.. دراسة: الدراري مكيكذبوش مللي كي كونو يهضرو مع بنت زوينة        أبو عبيدة: العدو عالق في رمال غزة.. وهجوم إيران أربك حسابات الاحتلال    إقبال كبير من الجالية والنساء.. هذا عدد المغاربة المستفيدين من دعم السكن وتمكنوا من اقتناء سكنهم    محلل رياضي مشهور: أمرابط بمانشستر ليس اللاعب المتألق الذي رأيناه مع المنتخب المغربي في قطر    حزب الله يشن أعمق هجوم في إسرائيل منذ 7 أكتوبر.. والاحتلال يستعد لاجتياح رفح    طقس الأربعاء.. أمطار ورياح مع تناثر غبار بهذه المناطق    لقاء يستحضر مسار السوسيولوجي محمد جسوس من القرويين إلى "برينستون"    سيراليون دعمات الوحدة الترابية للمملكة.. هو الحل الوحيد لي عندو مصداقية    رحيمي والعين قصاو بونو والهلال وتأهلو لفينال شومبيونزليگ    موقف بركان قوي واتحاد العاصمة ضعيف وها الأحكام اللي يقدر يصدرها الكاف فقضية الغاء الماتش بسبب حماق الكابرانات    الحوار الاجتماعي.. الحكومة والنقابات داخلين فمفاوضات مكثفة على قبل الحق في الإضراب وحرية العمل    رد قوي من طرابلس على التكتل مجهول الهوية لي بغات تخلقو الجزائر.. ليبيا شكرات سيدنا على دعمه الثابت لقضيتها وأكدات أهمية تعزيز اتحاد المغرب العربي    تلاميذ متميزون يستكشفون آفاق الدراسة في كلية العلوم والتقنيات بالحسيمة    "الأحرار" يحسم الاقتراع الجزئي بفاس    المنتخب الجزائري لكرة اليد شبان ينسحب من مواجهة المغرب بسبب خريطة المملكة    بطولة إيطاليا لكرة القدم.. تأجيل احتفالات فريق إنتر باللقب ومباراته ضد تورينو إلى الأحد المقبل    لومبارت كوساك : الفلاحة .. العلاقة بين المغرب والاتحاد الأوروبي "غنية جدا"    إليك أبرز أمراض فصل الربيع وكيفية الوقاية منها    وزير فلسطيني: المغرب الأكثر اهتماما وعناية بشؤون القدس    ميارة يستقبل فيرا كوفاروفا نائبة رئيسة مجلس النواب التشيكي    الملكية الفكرية تدعم جميع جوانب الحياة في المغرب، بما في ذلك الزليج    الأمثال العامية بتطوان... (580)    يهم البذور والأغنام والحليب.. المغرب وفرنسا يعززان تعاونهما الفلاحي    الأديب عبد الرفيع جواهري ضيفا على برنامج "مدارات"    وزير الخارجية الإسباني يؤكد افتتاح الجمارك بباب سبتة    تفتيش شابة على متن حافلة ببني ملال يسفر عن مفاجأة    تداولات البورصة تغلق على "أداء سلبي"    عاجل. حكم قاصح بزاف. الاستيناف طلع العقوبة الحبسية للطاوجني ل4 سنين بسباب شكاية دارها بيه وزير العدل    وزارة إسبانية: "سيام" من أكثر المعارض الفلاحية الواعرة فشمال إفريقيا    الإيمان القوي بعودة بودريقة! يجب على الرجاء البيضاوي ومقاطعة مرس السلطان والبرلمان أن يذهبوا إليه    فرنسا معولة على مخابرات المغرب فتأمين أولمبياد باريس وها شنو گال جيرالد دارمانان    آيت طالب: أمراض القلب والسكري والسرطان والجهاز التنفسي مزال كتشكل خطر فالمغرب..85 في المائة من الوفيات بسبابها    ضمن جولة إقليمية.. حموشي يقود وفدا أمنيا مغربيا إلى الدوحة ويتباحث مع مدير "أمن الدولة"    جائزتها 25 مليون.. "ديزي دروس" و"طوطو" يترأسان لجنة تحكيم مسابقة في فن "الراب"    مديرية الضرائب تعلن عن آخر أجل لإيداع الدخول المهنية    الأمم المتحدة تطالب بتحقيق دولي في المقابر الجماعية في مستشفيات غزة    خارطة طريق فلاحية جديدة بين المغرب وفرنسا    توقعات أحوال الطقس غدا الأربعاء    وزير الزراعة والأمن الغذائي بنيجيريا: "نرغب في تعميق علاقات التعاون مع المغرب في المجال الفلاحي"    أمل تيزنيت يستنكر الأخطاء التحكيمية التي ارتكبت في مباراته أمام جمعية المنصورية    بعد أزمة نهضة بركان.. الاتحاد الدولي للمصارعة يعتمد خريطة المملكة في أقمصة المنتخب    بكين تنفي "كل المزاعم بتجسس صيني"    أكادير.. الدورة الأولى لمهرجان "سوس كاسترو" الدولي لفنون الطهي ونجوم المطبخ من 25 إلى 28 أبريل الجاري    الذهب ينخفض لأدنى مستوى في أكثر من أسبوعين مع انحسار مخاوف الشرق الأوسط    بنموسى: الأزمة التي عاشتها المنظومة التعليمية شكّلت لنا فرصة للإصلاح    وزارة التربية الوطنية تشرع في عقد المجالس التأديبية للأساتذة الموقوفين وسط رفض نقابي لأي عقوبة في حقهم    حرائق الغابات تجتاح عددا من مقاطعات كندا    العلاج بالحميات الغذائية الوسيلة الفعالة للشفاء من القولون العصبي    هذه هي الرياضات المناسبة إذا كنت تعاني من آلام الظهر    ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 34 ألفا و183 شهيدا منذ بدء الحرب    فرنسي يبصق على مؤثرة مغربية محجبة قرب برج إيفل (فيديو)        سعد لمجرد يكشف تفاصيل لقائه بجورج وسوف    الأمثال العامية بتطوان... (579)    وفاة الشيخ اليمني عبد المجيد الزنداني عن 82 عاما    كيف أشرح اللاهوت لابني ؟    الأسبوع الوطني للتلقيح من 22 إلى 26 أبريل الجاري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أية بوصلة تحكم ردود فعل بعض الاسلاميين؟
نشر في أكادير 24 يوم 17 - 07 - 2019

تطرح درجة الحرارة المرتفعة في ردود عموم “الإسلاميين” المغاربة، وخاصة المنتمين إلى دائرة حزب العدالة والتنمية وحركة التوحيد والاصلاح، حول مشروع قانون – إطار رقم 51 . 17. يتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي، وخاصة ما يتعلق فيه بلغة تدريس بعض المواد العلمية باللغة الأجنبية، والتي لن تكون سوى الفرنسية، أسلة كبرى حول البوصلة التي تحكمها. وتتبادر إلى الواجهة أسئلة حارقة على رأسها سؤال: لماذا كانت ردود فعل هؤلاء على “فرنسة التعليم” أقوى وأشد بملايين المرات من مصادقة مجلس النواب يوم الثلاثاء 7 يوليوز 2015 على مشروع قانون رقم 12-125 بالموافقة على البروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة المعروفة اختصارا ب”سيداو”؟ هل لأن تدريس مواد بالفرنسية أخطر على الأمة من المادة 13 من ذلك البروتوكول؟
سيقول كثيرون بأنهم لا علم لهم بما في ذلك البروتوكول وفى مادته 13. وفي هذه النقطة ربما يكون للجيل الجديد من هؤلاء المنتمين لتلك الدائرة بعض العذر. لكن ما بال “قادتهم الإديلوجيين”، الذين نظَّروا لمقاومة اتفاقية سيداوا بشراسة منقطعة النظيرلأزيد من أربعة عقود، وجابوا المغرب طولا وعرضا محاضرين ومعبئين ضدها، وكتاب رأي أمطروا المشهد الاديلوجي بمقالاتهم وتحليلاتهم الرافضة لها، والتي يذهب معظمها إلى اتهام الدولة عند رفعها لأي تحفظ من تحفظاتها على تلك الاتفاقية بكونها تبيع الدين مقابل منافع اقتصادية وسياسية. ولما طرح مشروع القانون للمصادقة على بروتوكول اتفاقية “سيداو”، لم نسمع لهم أي ردة فعل، رغم أن النظام الأساسي لحزب العدالة والتنمية ينفرد بقاعدة ذهبية تنص على أن “الرأي حر والقرار ملزم”، فلم نسمع لهم آراء رافضة، بل ساهم كبارهم في تشكيل الإجماع في التصويت عليه في البرلمان!
قد يقول البعض إنه في لحظة التصويت غادر القاعة بحجة قضاء الحاجة أو الوضوء أو الصلاة، وهذا، وفق مرجعيته، لا يسقط عنه مسؤوليته تجاه الأمة والدين معا، بل يطبع سلوكه بوصمة لا تليق لا بمناضل حزبي ولا بمثقف ولا بأمي جاهل.
إن مقارنة سلوك هؤلاء في الحالتين، إذا أردنا الاكتفاء بهما، يكشف ظاهرة غريبة تتعلق بطبيعة قيادة “رد الفعل الجماعي”. فهؤلاء “القادة” لما صرخوا في وجه اتفاقية سيداوا اتبعهم “الجميع”، ولما صمتوا تجاه المادة 13 من برتوكولها بل واجتهدوا على توفير الإجماع لها، صمت “الجميع” أيضا، ولما صرخوا في وجه “فرنسة التعليم” صرخ “الجميع” أيضا مرة أخرى.
وهنا تطرح أسئلة كثيرة وكبيرة مثل سؤال: هل المرجعية هي التي تحكم ردود الفعل أم توجهات “القادة الاديلوجيين”؟
نعم، الظاهرة لا تحتاج ذكاء خارقا لفهمها، والبحث في ذلك ليس موضع هذا المقال، لكن هؤلاء “القادة” يعلمون ما يعنيه ذلك من مسؤولية في أعناقهم. ويعلمون أن تناقضات ردود الفعل في علاقتها بالمرجعية تساهم في تكثيف الغموض حولهم وحول مواقفهم.
وبالرجوع إلى سؤال ما الأخطر على الأمة، من منظور مرجعية حزب العدالة والتنمية، ومرجعية حركة التوحيد والاصلاح، ومرجعية كل الاسلاميين الذين طالتهم ظاهرة رد الفعل الغريب والملتبس ذلك: هل اتفاقية “سيداو” وبروتكولها أم فرنسة التعليم؟
بالنسبة لاتفاقية سيداو يكفي الرجوع، ليس فقط إلى أدبيات عموم الاسلاميين في العالم، بل إلى مواقف الدول الاسلامية أيضا، لنكتشف “إجماعا” غير مسبوق حول اعتبار اتفاقية سيداو مناهضة لتعاليم الدين الاسلامي، ويعتبرها الإسلاميون أخطر ما يهدد الأسر والمجتمع الاسلامي. ويمكن الرجوع إلى تقرير المغرب التي يتضمن تحفظاته الأولى على الاتفاقية لنقف على مرافعاته ضد العديد من موادها بالشريعة الإسلامية، كما يمكن استحضار موضوع “المسيرة المليونية” التي نظمها الاسلاميون لإسقاط “خطة إدماج المرأة في التنمية” التي أعلنتها حكومة اليوسفي، واستحضار شعاراتها والأدبيات التي أطرتها، والتي ليست سوى الموقف الرافض ل”سيداو”.
أما بالنسبة للبروتوكول الاختياري الملحق بتلك الاتفاقية ففيه أمور كثيرة أيضا تعزز حكم الاسلاميين والدول الاسلامية على تلك الاتفاقية فيما يتعلق بالدين وقيم المجتمع، لكن أخطر ما فيها من ناحية ذلك الحكم، هو المادة 13. فماذا تقول تلك المادة؟
جاء تلك المادة ما نصه: “تتعهد كل دولة طرف بإشهار الاتفاقية وهذا البروتوكول على نطاق واسع، والقيام بالدعاية لهما، وتسهيل عملية الحصول على المعلومات المتعلقة بآراء اللجنة وتوصياتها، وبخاصة حول المسائل المتعلقة بتلك الدولة الطرف”.
ولا يحتاج فهم المادة إلى أن يكون المرء خبيرا في القانون الدولي، فبعد اعتماد المغرب لذلك البروتوكول، ووفق مادته 13، يتعهد بإشهار اتفاقية سيداو وبروتوكولها على نطاق واسع، والقيام بالدعاية لهما. وتكون مصادقة “الاسلاميين” على ذلك البروتوكول اعترافا قويا بتلك الاتفاقية التي عارضوها من قبل بشراسة، وإجبارا للدولة المغربية على إشهارها والدعاية لها على نطاق واسع! بل وتوفير أراء لجنة سيداو وتوصياتها التي تكون عادة مباشرة وواضحة فيما يتعلق بقضايا الارث والشؤون الشخصية، مثل الزواج.
إن الظاهرة تطرح عشرات الأسئلة الحارقة، حول لماذا هذا السلوك؟ ما الذي تغير في ملك الله؟ فاتفاقية سيداو وبروتوكولها الذي حاربه هؤلاء لعدة عقود لم يتغير فيهما شيء مند أو وضعا، والقرآن الذي يحاجج به هؤلاء لم يتغير منه شيء عبر القرون الخمسة عشر الماضية. لكن مواقف “القادة الاديلوجيين” تغيرت، بل وتطرفت في قضايا اللغة، و”تنعمت” (نسبة إلى النعامة) في قضايا ما أكثر ما صرخوا وكتبوا أن ستقضي على الدين وستحطم الأسر!
إن الملاحظة الموضوعية تقف على الكثير من عوامل التفسير، من بينها موقف الأستاذ ابن كيران، حيث إنه من قادة المواقف الرافضة ضد اتفاقية سيداو قبل توليه رئاسة الحكومة، وهو من قاد التصويت بالإجماع على البرتوكول الاختياري لتلك الاتفاقية سنة 2015، وفي المقابل تتبع الجميع موقفه من القانون الاطار المتعلق بالتعليم، وكيف اعتبره خادما للإستعمار، وكيف طالب حزبه بالخروج من الحكومة إذا كان ذلك القانون سيمر، وطالب الفريق البرلماني للحزب برفضه. فهل نفسر موقف باقي “القادة الاديلوجيين” بكونه تابع لتطور موقف الأستاذ ابن كيران؟ وهل نقول إنهم صمتوا حول البرتوكول الاختياري لاتفاقية سيداو وشاركوا بفعالية في توفير الاجماع على المصادقة عليه لأنهم عجزوا عن قول “لا” في وجه الأستاذ ابن كيران؟ وأن طريق قول “لا” اليوم سالكة؟
سيقول البعض، وهل المطلوب أن نصمت على “فرنسة التعليم” أيضا كما صمتنا حول البرتوكول الاختياري لسيداو؟ وهو اعتراض وجيه، وما سبق في هذا المقال لا يفهم منه مطلقا أنه يطالب بالصمت تجاه القضايا التي يقدر أنها ضد هوية الأمة ودينها، بل الذي نريد أن نخلص إليه منه هو أنه أولا، أن تكون مواقفنا معتدلة وتكون قوتها وحجمها متناسبان مع طبيعة القضية وحجمها. فمن غير المقبول أن يرفع البعض من هؤلاء أمر لغة التدريس إلى درجة العقيدة استدراكا على الله ورسوله. وهو ثانيا، من غير المقبول مطلقا أن لا يقدم هؤلاء “القادة الإديلوجيون” نقدا ذاتيا يرفعون به اللبس عن سلوكهم وردة فعلهم تجاه قضايا الدين والهوية “الحقيقية “.
والنقد الذاتي المطلوب ليس اعتذارا أخلاقيا مثل قول البعض “لقد أخطأنا والسلام”، بل بتوضيح العوامل التي كانت خلف الموقف ونقدها بما يجعل المسافة معها واضحة، لأن الأمر لا يتعلق بنوايا الأشخاص الموكولة لخالقها، بل بالعلاقة مع المجتمع، والتي ينبغي أن يحكمها الوضوح والالتزام، كما هو متعارف عليهما، وكما نصت الورقة المذهبية للحزب على ذلك وهي توضح طبيعة الخط السياسي لحزب المصباح.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.