العديد من المسؤولين والمشاهير والنجوم وقعوا في حب المغرب، لم يجبرهم أحد على ذلك، بل عشقوه طواعية فقرروا قضاء ما تبقى من حياتهم بين أحضانه، مستمتعين بالسكون والهدوء والاستقرار الذي ينعم به هذا البلد. البعض منهم نال شهادة الإقامة واستقر نهائيا بالمغرب والبعض الآخر اختار الزواج بمغربية لينطلق بين ربوع المملكة يشيد بجمال مدنها وروعة طبيعتها. اختاروا مدنا مختلفة، كمراكش وأكادير وطنجةوتارودانت… وكان عامل المناخ سببا أساسيا في اختيار بعض المدن دون غيرها. وحسب ما جاء في قصاصة لوكالة المغرب العربي للأبناء، فإن الأسبوعية الفرنسية »فالور أكتييل« كتبت في مقال نشرته مؤخرا على موقعها على الأنترنيت، أن المغرب يعد قطب استقرار يمكن ويتعين على فرنسا وأوروبا الاعتماد عليه. ففي مقال لها حول الوضع في بلدان شمال إفريقيا، أكدت الأسبوعية أن المملكة تمكنت من تجنب الهزات التي عرفها جيرانها، مبرزة أن جلالة الملك محمد السادس »تمكن من إطلاق الإصلاحات السياسية والإدارية والاقتصادية قبل الآخرين«. وقال كاتب المقال »واحة للاستقرار، تعد الملكية المغربية نموذجا، بالنظر لنظامها الملكي ومكانة الملك كأمير للمؤمنين«، مشددا على أن هذين العنصرين يشكلان أساس الاستثناء المغربي. وأشارت الأسبوعية إلى أن شرعية جلالة الملك مزدوجة لكون ملك المغرب يعد وريث عائلة ملكية تجسد وتضمن وحدة وهوية البلاد، وكذلك حكما بين الأحزاب والتناوب السياسي. شيراك وديبا برافو اختاروا المغرب للاستقرار تعلقها بمدينة تارودانت وحبها لها، قاد فرح ديبا أن تجعل من مدينة تارودانت مكانها المفضل شأنها في ذلك شأن العديد ممن سماهم الرودانيون بأبناء تارودانت، وعلى سبيل المثال لا الحصر الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك والرسام الشهير كلاوديو برافو الذي عشق تارودانت حتى النخاع، وفيها قضى ما تبقى من عمره حيث وافته المنية على إثر أزمة قلبية أصيب بها لم تمهله طويلا. الإمبراطورة فرح ديبا فرح ديبا زوجة الإمبراطور السابق الشاه وهي تختار تارودانت بحثا عن الراحة والهدوء بعيدا عن صخب العالم، اتخذت حي سيدي احساين مقر إقامتها بعد أن ظلت لفترة طويلة تترد على أشهر الفنادق بالمدينة ويتعلق الأمر بفندق الغزالة الذهبية، وبالحي المذكور اشترت الأميرة منازل مجاورة ألحقتها بأول مسكن ظفرت به، لتحول بعد ذلك تلك الدور إلى رياض به «مراح» كبير تتوسطه نافورة و تحيط به أشجار الليمون، ويتكون من العديد من الغرف المشيدة على الطريقة التقليدية التي حافظت عليها المالكة الجديدة. عشق الأميرة للمدينة وساكنتها جعلها تعد أحد أبناء المدينة العريقة، ولعل تجوالها بين الفينة والأخرى بين أزقة تلك المدينة وترددها على أسواقها بكل ارتياح وطمأنينة، لا يحتاج إلى أي تعليق أو شك على أن السيدة أضحت محبوبة لدى الجميع، فكثير من أبناء المدينة أحبوا الأميرة نتيجة خصالها وكرمها وجودها على بعض الأسر الفقيرة. كما ساهمت فرح ديبا وتساهم، وكما جاء على لسان أحدهم في ترميم إحدى الزوايا القريبة من مسكنها كلما دعت الظروف إلى ذلك، هذا دون أن ننسى عطفها على قارئي القرآن بالزاوية المذكورة، الشيء نفسه يشهد به عدد من ساكنة حي زرايب سيدي مبارك خارج أسوار المدينة على مستوى أولاد بنونة حيث سكن آخر للأميرة. «شيراك الروداني» مدينة تارودانت أو »المدينة الساحرة« كما يحلو للبعض تسميتها عشقها كذلك الرئيس الفرنسي السابق جاك شيرا، إنه بالفعل «شيراك الروداني» كما يسمونه. تعلق قلب جاك شيراك، وزوجته «برناديت» بمدينة تارودانت، وعشق شيراك المدينة وسكانها، الأمر الذي جعله يفضل أن يمضي أوقاته بها منتعشا بهدوئها ودفئها، بحيث تكون وجهته في كل زيارة فندقه المفضل فندق «الغزالة الذهبية»، حيث كان يحرص على قضاء ساعات طويلة في القيلولة والاستمتاع بالهدوء. كما كان يقوم بين الفينة والأخرى بالقيام بزيارات إلى وسط المدينة، كما اعتاد كل سنة أن يحضر قداسا دينيا بالكنيسة الكاتوليكية إلى جانب عدد من الفرنسيين المقيمين بالمدينة وبعض السياح المسيحيين الذين يمضون عطلة أعياد الميلاد بالمغرب، الكنيسة الكائن مقرها بجوار ضريح الولي الصالح سيدي بوالسبع بحي مجمع الأحباب وسط المدينة. الرسام كلاوديو برافو شخصية أخرى عشقت المدينة وأحبتها حتى النخاع، إنه الرسام الراحل كلاوديو برافو، الشيلي الأصل، جاء قادما إليها من مدينة طنجة سنة 2006، حيث استقر هناك بقصره ب «أكويدير»، على مستوى الطريق الرابطة بين الجماعة القروية تاملوكت وتارودانت، وسط هذا القصر الذي تشبه ملامحه الهندسية معلمتي الكتبية والمنارة بمدينة مراكش. كان الرسام الشهير يقضي أوقاته بكل حركية ونشاط وطمأنينة، بل الأكثر من ذلك فقد حول بيته إلى معرض مفتوح لرسوماته التي كان يستوحيها من التراث المحلي للمدينة وعادات أهلها وتقاليدهم المغربية وحتى معيشهم اليومي، كما جاء على لسان أحد المقربين منه في شخص يده اليمنى المدعو البشير، لم يقتصر عمل الرسام الشهير على الاعتناء بأعماله وأشغاله اليومية، بل ساهم في بناء مشاريع اجتماعية، من قبيل تشييده إعدادية «تمالوكت»، التي صنفت كأحسن مؤسسة تعليمية في الإقليم بفضل توفرها على أحسن وأحدث التجهيزات. كما قام كلاوديو بتشجيع تلامذتها على الدراسة بأن اقتنى لهم دراجات هوائية تمكنهم من التنقل بدون مشقة إلى الإعدادية، وكذا مساعدتهم على اقتناء الكتب المدرسية. كما كان له الدور الريادي في إعادته بناء وترميم وتوسيع جزء كبير من مستشفى المختار السوسي بتقديمه مبالغ مالية قدرت حسب العارفين بخبايا المعلمة بمليار سنتيم، أضف إلى ذلك وكما تم تداوله، فقد كان الفقيد قبل وفاته يأمل في تشييد أكبر معهد للفنون التشكلية على الصعيد الإفريقي بالمدينة، لكن هذا الأخير لم يلق الآذان الصاغية التي قد تساعده لتمرير مشروعه، خاصة وأنه اصطدم مع عدم وجود عقار لذلك، منذ 2006 إلى 2011، هي الفترة التي قضاها الرسام كلاوديو برافو بمدينة تارودانت، وفي يوم 08 يونيو 2011، توفي إثر أزمة قلبية ألمت به، ووفقا لوصيته، ووري جثمانه الثرى بضريح خصصه لذلك بقصره ب«اكويدير» ضواحي تارودانت.