منذ انبثاقته الأولى في ليل الوجود ظل الكلام محصنا بحرزه اللغزي. في كل إشراقة ميلاد جديد لأثر اللحظة الأولى، إعادة إنتاج لكلمة السر. من حق الفيلسوف أن يقرر: "الكلمة قاتلة الشيء"، بيد أن الرد سرعان ما يعترش في قولة ديدرو: "الكلمة ليست الشيء، ولكنها ومضة ندرك الشيء في ضوئها". مع فرويد سيصبح لها مفعول السحر، تماما كالطلاسم. إنها بلسم. أفق الشعراء والمبدعين هذا كثفه جاك لاكان في هذا السؤال الإشكالي: "لماذا تأثير اللغة أكبر ما يكون حين تقول شيئا من خلال قول شيء آخر؟". × × × × × × × × العبارات القادمات مما وراء اللغة وحدهن يحملن في أحشائهن ديمومة البقاء. × الحروف المندلعة من احتكاك كلمتين نافرتين أقدر بضوء كيميائها السري على تنوير الأعماق. × الكلمات المنقذفة من مجاهيل اللغة بروق تركب للمعنى ألف جناح وجناح. × العبارات المختمرة في خوابي الصمت على مدار تأملات واستشفافات أوفى بلحظة الانخطاف. × الحروف المصقولة بلمعة الريح هي من سلالة الضوء المعشوشب في حدائق الروح. × الكلمات المسكونة بنداء الأقاصي والتخوم تلقح نشيد اللحظة بترنيمة الأبد. إنها المجازات: علم الحدوس.. مسالك وجود سالكة، عكس ما فاض عن رؤيا ابن سيد البطليوسي.